في شهر رمضان الكريم ينسحب الطعام من الموائد في النهار، فيعوّض نفسه بأكثر من صورة، وحيثما أمكنه أن يفعل. وهكذا تنبعث وصفات من الراديو، وبرامج تُبث على القنوات التلفزية، وصفحات خاصة بمختلف "الشهيوات" تنشرها الجرائد والمجلات، وصور لأطباق شهية تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن الطعام بات موضوعا يثار في المكالمات الهاتفية بين الأهل والأحباب.. ولا يعود هذا الطعام إلى نفسه من جديد إلّا بحلول مائدة الإفطار في الشهر الفضيل. جريدة هسبريس الإلكترونية ارتأت أن تتحف قراءها خلال شهر رمضان المبارك بحلقات من كتاب "ديوان المائدة" للشاعر والكاتب المغربي المتألق سعد سرحان، وهو يقدم صورا غير مألوفة للطعام .. شهية طيبة: المائدة 13 تنشأ بعض الأكلات في الشارع وتترعرع فيه، قبل أن تجد مطابخ عائلية تتبناها وتحسن رعايتها، فتُوسعها تنظيفا وتضيف إليها وتغدق عليها حتى تستوي أطباقا منزلية محترمة، فيما تولد أخرى في البيوت وتُقَمَّط على قارعة الطريق. لا من هذه ولا من تلك "حساء الحلزون". قبل سنوات فقط صُنِّف مطعم "البطة السمينة" في لندن كأحسن مطعم في العالم، وفي حيثيات التتويج برز حساء الحلزون كطبق حاسم. أما في المغرب فيعرض حساء الحلزون ساخنا دائما فوق عربات خاصة، ورائحته فقط تجعل الناس من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية يقبلون عليه في أثناء نزهاتهم المسائية. لا تساؤلات ولا روايات متضاربة حول أصله، ما يترك باب التخمين مفتوحا. يُذَكِّر الحلزون بكائنات المطبخ الصيني، فيما تحيل الأعشاب والتوابل والمُنَسِّمات التي صنعت شهرة حسائه على بهارات الهند. أما باعته الكالحون فغالبا ما يخفون خلف عرباتهم أعطابا تندى لها العيون. لذلك فالأرجح عندي أن بعض قدماء المحاربين المغاربة هم من عاد بحساء الحلزون من الهند الصينية كغنيمة حرب، وأورثوا نسلهم الأصل التجاري لتلك العربات.