يستمر التقرير المشار إليه في الحلقة السابقة في تحديد المسؤوليات بخصوص هذه القضية التي كانت السلطات الفرنسية تود إغلاقها في ذلك الوقت بأسرع ما يمكن، إذ أدرج ما سماها في عنوان مستقل "المسؤوليات"، موردا: "عندما نقارب تاريخ أول اغتيال يوم 11 يونيو 1934 وتاريخ موت زايد أوحماد يوم 5 مارس 1936، نضطر للاعتراف بأنه من غير العادي أن يكون رئيس العصابة هذا استطاع تنفيذ عملياته طويلا مع الإفلات من العقاب". ويعزو محرر التقرير نجاح زايد أوحماد في الإفلات من العقاب منذ 1934 إلى مارس 1936 إلى أسباب كثيرة، منها "معرفته الدقيقة بالبلد الذي ينفذ فيها عملياته، وتواطؤ أشخاص محليين، كثر وموثوقين بالنسبة له، ثم تحركه في قطاع من ثلاث مناطق على ظهر خيل". كما أشار موقع الوثيقة بأصابع الاتهام إلى السلطات المحلية بكل من تنغير وامسمرير لعدم نجاعتها في معالجة هذا المشكل المؤرق بالنسبة لفرنسا، إذ كتب: "إن سلطات المراقبة في تنغير لم تستفد نهائيا من خدمات الزعماء المحليين، وأهمهم الخليفة سعيد أوتيفنوت، الذي كشف عن ضعف وعدم قدرة بدنية وعقلية لأداء مهامه"، مضيفا أن "مصالح الاستعلامات المحلية لم تقدم ما كان يجدر بها أن تقدمه.. كانت هناك معلومات أفضت إلى توقيف مجموعة من الأهالي معترف بهم في ما بعد كمذنبين رئيسين، لكن كان من المستحيل الاقتناع بتواطئهم". وزاد المصدر ذاته: "عدد منهم كانوا شركاء في الجريمة وجدوا بين الأهالي مسجونين في تنغير، وكان ينقص الخيط الناظم، وهو الذي عثر عليه القبطان هنري. هذا الخيط هو الذي أتاح الخروج من متاهة هذه القضية". أوتيفنوت وَمحداش من بين الأمور التي أشعرت المستعمر الفرنسي بخيبة الأمل أن عددا من الزعماء المحليين لم يستطيعوا مساعدة الجيش الفرنسي في المنطقة للحد من أنشطة زايد أوحماد، إما خوفا بعد أن قام هذا الأخير بقتل أحد شيوخ المنطقة نواحي تنغير للتشكيك في إبلاغ معلومات عنه للسلطات الاستعمارية، وإما عجزا كما هو شأن الخليفة المحلي سعيد أوتيفنوت، حيث قامت السلطات الفرنسية بإقالته من مهامه، كما يقول التقرير: "من بين الزعماء المحليين، الخليفة سعيد أوتفنوت، الذي لم يكن على علم بما يحدث، وبسبب لامبالاته تم توقيفه من مهامه.. كان غير قادر على مسايرة القبطان هنري". وخصص التقرير فقرة عن الزعيم المحلي محداش ولد الحاج فاسكا، أحد رجال فرنسا زمن الاستعمار بمنطقة تودغى وبومالن، إذ أورد العسكري الفرنسي: "أما بخصوص خليفة أيت بوكنيفن، الحادج موحداش، فإن اكتشاف أوهزا أحد المتواطئين الفعالين مع زايد أوحماد في إميضر، وسط قصر أيت بوكنيفن، قد خلق اضطرابا وفتح الباب أمام جميع الافتراضات"، مضيفا: "من الواضح أن الحادج موحداش لا يجب أن يجهل ما يحدث داخل قصره (أيت بوكنيفن ن إميضر)، في الوقت الذي يعبر فيه عن تفانيه وإعلانه وضع خدماته لمتابعة العصابة. لكن يجب أن نقبل بأنه خُدع مثل البقية بسبب المهارة التي طورها الجوّالون". قد يكون الخليفة محداش وغيره من زعماء المنطقة وضعوا مسافة بينهم وبين قضية زايد أوحماد خوفا على حياتهم بعد تصفية شيخ أيت أريتان، وقد يكون بسبب الدعم الشعبي الذي يتلقاه هذا المقاوم محليا، وتحوله إلى أسطورة محلية. وأي وشاية بزايد أوحماد تحول الشيخ الواشي إلى منبوذ وعميل في المخيال الشعبي، إلا أن محرر هذا التقرير يدرج رأيه الشخصي بقوله: "إلا أنه في نظري علينا أن نثق في الخليفة محداش، اعتبارا لخدماته التي أسداها، وإن كان سيبقى في ذهنه أننا نشك في ولائه، بسبب قصوره وعدم تبصره؛ لكن إذا لم نأخذ بعين الاعتبار ماضيه، فيجب أن نأخذ موقفه يوم توقيف أوهزا". مردفا في السياق ذاته: "نفس الشيء بالنسبة لشيخ أوسيكيس (نواحي امسمرير)، فلن يجرد من مسؤوليته، فالتحقيق لم يعط أي نتائج في هذه القبيلة. ونفس الأمر بالنسبة لشيخ أيت مرغاد ن إمضغاس، حيث قصر واحد فقط هو المعني".. ويقصد بذلك قصر أيت عبد السلام نواحي تيلمي.