في عز أزمة فيروس كورونا التي يمر منها المغرب، طرحت أحزاب سياسية ممثلة في البرلمان خلال اجتماعها مع رئيس الحكومة مصير الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في 2021، خصوصا على مستوى تأثير الجائحة على الاجتماعات التشاورية الأولية للتحضير للانتخابات، وهي اللقاءات التي كانت قد انطلقت في بداية مارس الماضي. وطالبت أحزاب سياسية العثماني بتوضيح تصوره لمرحلة ما بعد كورونا، ومن ضمن ذلك إمكانية تأثير تداعيات الأزمة الصحية على سير التحضير للانتخابات التشريعية لسنة 2021، حتى تكون الأمور واضحة من الآن وهو ما جرت عليه العادة في استحقاقات سابقة، إذ إن التحضير على مستوى مناقشة القوانين ينطلق مبدئياً قبل عام من السنة الانتخابية. وكانت مصادر هسبريس كشفت أن رئيس الحكومة أبلغ زعماء الأحزاب، بعد نهاية اللقاء، بأنه سيرفع ملاحظات ومقترحات التنظيمات السياسية الممثلة في البرلمان إلى الملك محمد السادس؛ قصد النظر فيها، خصوصا في الشق المتعلق بالانتخابات. حكومة وطنية وفي السياق نفسه، سارع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشارك في الحكومة إلى طرح فكرة إمكانية تشكيل حكومة وطنية لمواجهة تداعيات الوضع الوبائي، وهو الموقف الذي أثار جدلاً واسعاً وسط أحزاب الأغلبية المشاركة في الحكومة. ويبدو أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ماض في الدفاع عن الفكرة التي طرحها إدريس لشكر، إذ أكد من خلال افتتاحية جريدته الحزبية، اليوم الاثنين، "الحاجة إلى حكومة وطنية" بالمغرب، وأشار الحزب ذاته إلى أن "تشكيل حكومة وطنية يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى". ويرى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن دواعي تشكيل حكومة وطنية تعود إلى الخلل الذي أحدثه فيروس كورونا على مستوى جميع التوجهات، معتبراً أن التدابير الاحترازية التي قامت بها الدولة لمواجهة الوباء عصفت ب"البرنامج الحكومي وبالتصريح الحكومي وبالميزان التجاري وميزان الأداءات وتوقعات النمو. وبالتالي، فإن كل قواعد اللعبة السياسية المعتادة لم تعد سارية المفعول". وأضاف "لسان حزب الوردة" أن المغرب يعيش "حالة استثنائية وسط أزمة استثنائية في عالم يعيش على إيقاع الصدمة والتيه واللايقين، وعلى مشارف مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات، ومن ثم لا بأس أن نفكر في إجراء استثنائي يحتاج إلى حكمة وتبصر وشجاعة سياسية". مصير 2021 وقال محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية، إن أزمة فيروس كورونا بالمغرب من الواضح أن تأثيرها سيرخي بظلاله على أجندة التحضير للانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن القطاعات المعنية بالتحضير للانتخابات كلها معبأة اليوم لمواجهة تداعيات الوباء. ويُلاحظ شقير، في تصريح لهسبريس، أنه من المحتمل جداً تأخير موعد انتخابات 2021 بأشهر أو بسنة حسب تطورات الوباء وتداعياته على البلاد، مضيفا أن التأثير الوبائي سيحدث تغييرا حتى على مستوى تصور الأحزاب والسلطة للمواضيع المرتبطة بالانتخابات. وتوقع شقير أن تعود ثقة المواطنين في العملية الانتخابية ويتقلص منسوب العزوف السياسي بشكل تدريجي بفضل التدابير التي اتخذتها السلطة لحماية الشعب من الوباء، موردا أن "حماية السلطات للمواطنين من الوباء ستترك تأثيراً إيجابياً لدى الناخب والرأي العام؛ وهو ما من شأنه أن يُعيد الثقة المفقودة لفترة طويلة". من جهة ثانية، يعتبر شقير أن مبادرة "الحكومة الوطنية" التي طرحها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تبقى ضعيفة بالنظر إلى وزن "الوردة" دخل الأحزاب الحكومية، وزاد أن شعار الحكومة الوطنية طرح في فترة الأزمات بالمغرب من قبيل أحداث جرت في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي. وخلص الباحث في العلوم السياسية إلى أن "شعار الحكومة الوطنية هو غامض اليوم ويبقى غير محدد وماذا نقصد به بالضبط على مستوى من سيشارك في هذه الحكومة الوطنية"، مضيفا أن الأمر "لا يعدو أن يكون مجرد شعار سياسي للاستهلاك الداخلي وفقط".