أكد المغرب وإسبانيا، الجمعة 3 فبراير الجاري، بمدريد حرصهما الأكيد على توطيد العلاقات الممتازة التي تجمع بين البلدين والارتقاء بها في كافة المجالات. وأبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني ونظيره الاسباني خوسي مانويل غارثيا مارغايو، خلال ندوة صحفية مشتركة، عزم البلدين على تعزيز علاقات التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والبرلمانية. كما أكد وزيرا خارجية البلدين، خلال هذه الندوة الصحفية التي حضرها العديد من ممثلي وسائل الإعلام الاسبانية والعربية والدولية، عزمهما على الحفاظ على وتيرة اللقاءات التشاورية الدائمة بخصوص العلاقات الثنائية والاقليمية والدولية. ووصف العثماني العلاقات التي تجمع بين البلدين بأنها "عميقة في التاريخ"، مؤكدا أن "ما يجمع بين الشعبين المغربي والاسباني أكثر بكثير من نقط الخلاف". وقال، في هذا الصدد، "إننا نؤسس اليوم لأرضية صلبة ومتينة من أجل المستقبل ولنا الارادة الراسخة لفعل ذلك"، مشيرا إلى أن المباحثات التي أجراها مع نظيره الاسباني تناولت عددا من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية ذات الاهتمام المشترك. وأوضح العثماني أن الجانبين أكدا، في ما يتعلق بالمستوى السياسي، عزمهما على إعطاء دينامية للتشاور السياسي، مذكرا بالاتفاق، خلال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي مؤخرا إلى المغرب، على عقد اجتماع اللجنة المشتركة العليا المغربية الاسبانية قبل متم السنة الجارية بمدينة الرباط. وأكد أنه سيتم الاعداد بشكل جيد لهذه اللجنة المشتركة العليا من قبل جميع الوزارات لضمان إنجاح هذا الاجتماع من مستوى عال. وعلى المستوى الاقتصادي أبرز العثماني أن المغرب يرحب بالشركات الراغبة في الاستثمار في المغرب، مشيرا إلى تواجد 1500 شركة إسبانية بالمملكة. وأضاف أن الحكومة المغربية ستعمل على تدبير جميع العقبات التي تحول دون استقرار هذه الشركات بالمغرب فضلا عن جذب المزيد من الشركات الاخرى، مؤكدا أن "ازدهار المغرب يعني ازدهار إسبانيا". وفي ما يتعلق بالعلاقات الامنية أعلن العثماني أن وزير الداخلية الاسباني السيد خورخي فيرنانديث دياث سيقوم قريبا بزيارة عمل للمغرب من أجل مناقشة جميع الاشكاليات الامنية المعلقة بين البلدين. أما على المستوى الثقافي، فأشار الوزير إلى أن الحكومتين اللتين توليان "أهمية خاصة" لهذا الجانب مقتنعتان بضرورة تعميقها أكثر في المستقبل. وفي معرض حديثه عن الظروف التي تعيشها العديد من البلدان العربية التي يواجه البعض منها "ثورات وتمزقات"، أكد العثماني أن المغرب، الذي استطاع أن يقوم بإصلاحات سياسية هامة، يمكن أن يكون "نموذجا" بالنسبة للعديد من البلدان العربية. وقال في هذا الصدد "إننا واعون بأن هناك الكثير مما يمكن القيام به في مجال تعزيز التطور السياسي والديموقراطي"، مؤكدا في الوقت ذاته أن لا أحد يمكنه أن ينكر المجهودات التي قام بها المغرب في مجال تعزيز الصرح الديموقراطي، وقال ان "تجربة المغرب تساهم بشكل أكيد في استقرار المنطقة". ومن جهة أخرى أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن مشروع القرار حول سورية الذي تقدم بها المغرب العضو غير الدائم بمجلس الامن باعتباره ممثلا للدول العربية ينطلق من المبادرة العربية. وأشار إلى أنه "بالرغم من الصعوبات والتناقضات بين الدول الغربية وروسيا فإن المغرب الذي بذل جهودا من أجل التقريب بين الطرفين من خلال إدخال العديد من التعديلات يأمل في أن يتم التصويت على مشروع القرار بمجلس الأمن". وأضاف أن ثوابت موقف المغرب تجاه سورية واضحة وتتمثل في ضرورة العمل على وقف العنف ضد المدنيين وتعزيز تعاون الجميع من أجل الوصول إلى هذا الهدف والحفاظ على وحدة سورية واستقرارها، مشددا على أن المبادرة العربية ترفض أي تدخل عسكري في سورية. وفي معرض جوابه على سؤال حول موقف المغرب بشأن اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الاوروبي أكد العثماني أن المغرب، الذي لم يقرر توقيف العمل بهذا الاتفاق، "منفتح" على أي حوار حول هذا الموضوع. وفي ما يتعلق بموضوع الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الاوروبي، أعرب عن أمله في أن يصادق البرلمان على هذه الاتفاقية وأن يعمل الجميع على ذلك، مؤكدا أن "المغرب يريد نتيجة إيجابية للعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي لما فيه مصلحة الجانبين". ومن جهته، أكد رئيس الدبلوماسية الاسبانية أن تكثيف العلاقات الثقافية بين المغرب وإسبانيا شكل محور المباحثات التي أجراها مع العثماني، مشيرا إلى أن "البيت المتوسطي" ("كاسا ميديترانيا" الذي يوجد مقره بمدينة أليكانطي (شرق إسبانيا) ومعهد ثيربانتيس الذي يتوفر على العديد من الفروع في مختلف بقاع العالم (من بينها فروع في العديد من المدن المغربية) سيكرسان الكثير من جهودهما لتحقيق هذا الهدف. وعلى صعيد آخر أعلن غارثيا مارغايو أنه سيتم قريبا تنظيم لقاء بين البرلمانيين المغاربة والاسبان سيخصص لتدعيم العلاقات بين المؤسستين البرلمانيتين في كلا البلدين. وفي ما يتعلق بالمجال الأمني أكد رئيس الدبلوماسية الاسبانية أن موضوع مكافحة الارهاب شكل أحد المواضيع التي تم بحثها خلال هذا اللقاء، موضحا أن الجانبين اتفقا على تعزيز تعاون "يتجاوز جوانب الأمن ومراقبة الهجرة". وقال ان البلدين اتفقا على "بذل المزيد من الجهود في مجال مكافحة تهريب المخدرات وخصوصا عن طريق الطائرات الخفيفة". وفي ما يتعلق بالعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أبرز رئيس الدبلوماسية الاسبانية أن بلاده ستعمل على أن تحقق هذه العلاقات "نقلة نوعية"، معربا عن ارتياحه لمصادقة بلدان الاتحاد الاوروبي على السماح للمفوضية الأوروبية بالتفاوض على اتفاق جديد الصيد البحري مع المغرب وذلك بعد رفض البرلمان الاوروبي تمديد هذه الاتفاقية. ومن جهة أخرى قال وزير الخارجية الاسباني ان بلاده تؤكد مجددا دعوة المغرب لحضور المؤتمر الأمريكي اللاتيني المقبل الذي سيتميز بتنظيم ندوة حول تجربة الإصلاحات الديمقراطية التي أطلقتها المملكة. وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون قد أجرى قبل ذلك مباحثات مع نظيره الاسباني تناولت عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك من بينها قضايا الهجرة ومكافحة الارهاب وترويج المخدرات والعلاقات المغربية الاوروبية والعلاقات الثقافية والاقتصادية.