دفعت أجواء الاحتقان داخل مخيمات تندوف العديد من القيادات المنشقّة عن الجبهة، إلى جانب النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان وطلاب الجامعات، إلى تأسيس تكتل جديد لانتقاد السياسات التي تنهجها "البوليساريو" منذ عقود داخل مخيمات المحتجزين الصحراويين. وأطلق هؤلاء النشطاء على التكتل الجديد اسم "حركة صحراويون من أجل السلام"، ويسعى التكتل إلى المطالبة بإصلاحات داخل جبهة "البوليساريو" ووجهت على الدوام ب"تعنت وعجرفة قيادة واهنة وعاجزة، لكنها مرتاحة لوضعية صنعتها، يسودها التسلط والاستبداد واللاديمقراطية". وقالت "حركة صحراويون من أجل السلام"، في بيان لها، إنها تعتزم "الاتصال بالأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، وكذلك حكومتي إسبانيا والمغرب، بالإضافة إلى الجزائر وموريتانيا وفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية وجبهة البوليساريو". وتروم الحركة، وفق بيانها، "تكسير نموذج البوليساريو الشمولي والراديكالي القديم، وزرع ثقافة التنوع السياسي والتعددية الحزبية في المجتمع الصحراوي، الذي كان يفتقر إليها من أجل الوصول إلى مستوى تقدم وحداثة القرن الحادي والعشرين". وفي هذا الصدد، قال عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية: "لقد حدثت تغيرات متعددة وكبيرة في العلاقات الدولية أرخت بظلالها على رجحان الملف التفاوضي في قضية الصحراء لصالح الطرح المغربي". وأضاف الفاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "خلال مسار من التطور لملف الصحراء على طاولة الأممالمتحدة، ازدادت قناعة الدول الأكثر تأثيرا في العلاقات الدولية بأن الطرح الجزائري، ومنه جبهة البوليساريو، يعد رهاناً مستحيلاً لا يتسم بالواقعية السياسية". وأوضح الخبير عينه أن "موقف الجزائر وجبهة البوليساريو ظل موغلا في الطوباوية السياسية، فحقق حينها المغرب دعما كبيرا لموقفه التفاوضي، وتأكدت طوباوية التفكير السياسي لجبهة البوليساريو بسقوط وهم سنة الحسم والتهديد المتكرر بالعودة إلى حمل السلاح، والتهديد بتعطيل الآلية الأممية بالصحراء المينورسو". وتابع الباحث في ملف الصحراء بأن "كل ذلك خلق وعيا سياسيا وشعبيا جديدا بات يهدد القيادة التقليدية للجزائر والبوليساريو، وبرز ذلك في عدد من المناسبات، حيث يتوقع أن تتغلل مزيد من هذه المبادرات حتى تكسر حاجز الخوف، وحينها ستفرض واقعا جديدا لصالح التوجه الواقعي في تدبير مفاوضات نزاع الصحراء". وختم المتحدث تصريحه بالقول: "طبيعي أن تنبعث مثل هذه الأصوات في أفق خلق دينامية سياسية ردا على فشل قيادة البوليساريو في ملف نزاع الصحراء"، مضيفا: "لا أعتقد أن رهانهم سيكون غير المصالحة لكل المنطقة والتفكير في إحياء المغرب الكبير".