في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، يرى وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، أن جل القطاعات الاقتصادية تضررت جراء أزمة جائحة كورنا مع وجود اختلاف في درجات هذا الضرر؛ فهناك قطاعات توقفت نهائيا، وهناك أخرى فقدت نسبة مهمة من أرقام معاملاتها بسبب تقلص حجم نشاطها. وأكد المسؤول الحكومي أن "الروح الوطنية العالية التي أبان عنها المغاربة خلال هذه الفترة والاشتغال الجدي على جميع الأصعدة لا يمكن إذا استمرا إلا أن يكونا عاملا حاسما في تجاوز مخلفات هذه الأزمة"، وأضاف: "ما نزال في البداية تقريبا، ومؤسسات الدولة تشتغل والحكومة تواكبها من أجل الوصول إلى وضع توقعات وسيناريوهات لما بعد الأزمة". وزير الشغل والإدماج المهني شدد على أن قطاعه عرف منذ بداية الأزمة استنفارا كبيرا، خاصة في صفوف مفتشي وأطباء الشغل رغم قلة عددهم، وتم الانتقال في مرحلة لاحقة إلى خلق لجان إقليمية مشتركة مع مصالح وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وتسطير برامج لزيارة أماكن العمل من طرف هذه اللجان المشتركة. وفي ما يلي نص الحوار أعلنتم أن عدد الأجراء المستفيدين من التعويض عن فقدان الشغل يتجاوز 800 ألف مستفيد، ما هو العدد المتوقع من الشركات والأجراء بسبب كورونا؟ بداية أشكركم وأشكر جريدة هسبريس على هذه المبادرة التواصلية المهمة. لا بد من الإشارة في البداية إلى أن المصرح بهم لم يفقدوا عملهم لكن توقفوا مؤقتا عن العمل بسبب الأزمة، لأن هناك فرقا بين الحالتين لا بد من تأكيده. حسب المعطيات الإحصائية المتوفرة، فقد جرى التصريح في البوابة الإلكترونية المحدثة لهذا الغرض من طرف 955.131 ألف مقاولة تضررت من جائحة كورونا، وهو ما يُقارب نسبة 61 في المائة من إجمالي المقاولات المنخرطة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. أما عدد الأجراء المتوقفين مؤقتا عن العمل المصرح بهم، فقد بلغ 199.808 أجيرا، بمعدل 31 في المائة، أي إن مقاولتين من أصل 3 مقاولات صرحت بتضررها من تداعيات أزمة كورونا، بينما تفيد التصريحات بأن واحدا من أصل 3 أجراء متوقف مؤقتا عن عمله. صرحتم كذلك بأن بعض القطاعات استغلت الظرفية وصرحت بأجراء منذ مارس الماضي رغم أنها لم أنها لم تكن في وضعية أزمة، كيف ستواجهون هذه التلاعبات؟ لقد نص مشروع قانون رقم 25.20 المتعلق بسن تدابير استثنائية لفائدة المشغلين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والعاملين لديهم المصرح بهم المتضررين من تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19" على خضوع هذه العمليات للمراقبة المالية التي تقوم بها الأجهزة المختصة وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، لا سيما المفتشية العامة للمالية والمديرية العامة للضرائب، في إطار عملية التتبع والمواكبة التي تقوم بها الدولة للعمليات التي يتولى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي القيام بها في إطار تطبيق التدابير الواردة في هذا القانون. كما نص مشروع القانون المذكور على أنه يتعين على المشغل أن يرجع إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كل تعويض أو مبلغ تم صرفه بناء على تصريح كاذب منه، تحت طائلة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل، ويعمل الصندوق على إرجاع المبالغ التي تم استرجاعها إلى ميزانية الدولة. هل هناك ضمانات لعودة هؤلاء الأجراء إلى عملهم بعد نهاية هذه الأزمة؟ جميع الأجراء سيلتحقون بعملهم لاستئناف أنشطتهم مباشرة بعد انتهاء هذه الأزمة، والعلاقة التعاقدية تظل قائمة ما بين الأجراء ومشغليهم، والفترة التي يتوقف فيها الأجراء عن العمل تعد فترة توقف مؤقت لعقد الشغل وفقا لأحكام المادة 32 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، كما تعتبر فترة توقف مؤقت كذلك بالنسبة للمتدربين قصد التكوين من أجل الإدماج. وتظل بالتالي العلاقة التعاقدية مع المشغلين قائمة، كما تحتسب الفترة المذكورة كمدد تأمين لتخويل الحق للأجراء في التعويضات المنصوص عليها في الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.184 بتاريخ 15 جمادى الثانية 1392 (27 يوليوز 1972) المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، وفي القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، وهي المستجدات الأساسية التي جاء بها مشروع القانون 25.20، بحيث وضع وضعية الأجراء ومصير تعاقداتهم مع مشغليهم خلال هذه المرحلة. ماهي الإجراءات التي تقومون بها لحماية الأجراء داخل المقاولات؟ قمنا منذ بداية الأزمة باستنفار كبير داخل الوزارة، خاصة في صفوف مفتشي وأطباء الشغل على قلة عددهم، وقمنا بحملات مهمة على المستوى الوطني همت عددا كبيرا من المقاولات. وانتقلنا في مرحلة لاحقة إلى خلق لجان إقليمية مشتركة مع مصالح وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وتم تحديد برامج لزيارة أماكن العمل من طرف هذه اللجان المشتركة. وانتقلنا في الأسبوع الماضي إلى مرحلة أخرى بتشكيل لجان تشتغل على زيارة المقاولات للوقوف على مدى احترام شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل، تتكون من ممثلي السلطات المحلية وممثلي وزارات الشغل والإدماج المهني والصحة والصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي وممثلي وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في المناطق الفلاحية ومناطق الصيد البحري، والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، وتقوم بالوقوف في أماكن العمل على مدى احترام الإجراءات الاحترازية وشروط الصحة والسلامة مع رفع تقارير يومية عن ذلك. وقد تم بالفعل إصدار قرارات بإغلاق العديد من الوحدات الإنتاجية. وإن شاء الله نحن بصدد وضع رقم أخضر خاص بالتواصل وتقديم النصائح والتوجيهات للأجراء وأرباب العمل فيما يتعلق بالصحة والسلامة، وذلك بوضع رهن إشارتهم أطر الوزارة من مفتشين وأطباء شغل، بتنسيق مع المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية. على مستوى الجهات أي إجراءات اتخذتم لحماية الشغيلة؟ عقدنا اجتماعا مع المديرين الجهويين بجهات المملكة الاثني عشر، تم بتقنية visio-conférence في إطار التحول الرقمي الذي باشرته الوزارة وكذا في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلادنا بفعل تفشي وباء كورونا وفي ظل حالة الطوارئ الصحية، (عقدناه) أساسا لتتبع سير تنزيل التدابير الاحترازية والوقائية المتخذة للتصدي لتفشي "كوفيد 19" عموما وبأماكن العمل على وجه الخصوص، وكذا لتدارس الإجراءات الاستعجالية التي تفرضها مستجدات وضعية انتشار الوباء ببلادنا. كما تم إعطاء التعليمات قصد مضاعفة جهود لجنة اليقظة المحدثة على المستوى المركزي، وتشكيل لجان يقظة جهوية وإقليمية. واتضح من خلال الاجتماع المذكور أن هناك عملا ميدانيا جديا يؤكد التقارير اليومية التي نتوصل بها باستمرار من المصالح الخارجية للوزارة، سواء المتعلقة بتتبع وضعية المقاولة وتأثرها بأزمة كورونا أو المتعلقة بالزيارات التي تتم إلى أماكن العمل ومدى احترام معايير الصحة والسلامة. هل من إجراءات إضافية للأجراء فاقدي الشغل لتدعيم ما تم اتخاذه من دعم؟ فضلا عن التعويض الجزافي المؤدى للأجراء المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي تضاف إليه التعويضات العائلية وكذا التأمين الإجباري عن المرض، والتعويض المؤدى للمشتغلين في القطاع غير المهيكل، هناك أيضا إجراءات أخرى كتأخير الاستحقاقات الشهرية للقروض البنكية للأجراء المتضررين خلال فترة الأزمة، فضلا عن إجراء مهم آخر يتمثل في الإعفاء من الضريبة على الدخل والاشتراكات الاجتماعية وكل تعويض تكميلي صرف لفائدة المأجورين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من طرف مشغليهم في حدود 50 في المئة من الراتب الشهري الصافي المتوسط. ما هي أكثر القطاعات التي تضررت من هذه الجائحة وصرحت بذلك؟ هناك في البداية القطاعات التي تم إغلاقها بقرار إداري اتخذته السلطات العمومية، كالمقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية والمسارح وقاعات الحفلات وغيرها، إضافة إلى فروع الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسوق الخارجية، كالسياحة وصناعة النسيج وصناعة السيارات وغيرها من الأنشطة التي تعتمد أساسا على الطلب الخارجي. وما هي في المقابل القطاعات التي لم تتضرر رغم الظروف الاستثنائية الحالية؟ من الصعب الحديث عن قطاعات تضررت وأخرى لم تتضرر؛ فإذا استثنينا قطاع الصناعات الغذائية والأنشطة المرتبطة به، والصناعات الموجهة لمجابهة جائحة كورونا، فإن جل القطاعات الاقتصادية تضررت جراء هذه الأزمة مع اختلاف درجات هذا الضرر؛ فهناك قطاعات توقفت نهائيا، وهناك قطاعات فقدت نسبة مهمة من أرقام معاملاتها بسبب تقلص حجم نشاطها. بالنسبة للشركات، ماهي المعايير التي تشمل الشركات التي فقدت 50 في المائة من رقم المعاملات مقارنة مع السنة الماضية؟ تعتبر في وضعية صعبة جراء تفشي جائحة كورونا كل مقاولة انخفض رقم معاملاتها الشهري على الأقل بنسبة 50 في المائة برسم كل شهر من الأشهر التي أعلنت عنها الحكومة ضمن الطوارئ الصحية مقارنة بالأشهر نفسها من سنة 2019، وهذا معيار موضوعي التجأت إليه العديد من الدول، وهو ما يوضح فعلا حجم الضرر الذي لحق بالمقاولة، على ألا يكون العدد المعني من الأجراء لديها يتجاوز 500 أجير. وإذا كان يتجاوز هذا العدد، ففي هذه الحالة، ستعرض ملفات هذه الشركات على لجان مختصة للبت فيها. وماذا عن الشركات التي فقدت ما بين 25 و50 في المائة؟ هذه الشركات سيتم عرض ملفاتها على اللجان التي أشرت إليها في السؤال السابق، المتكونة من ممثلين عن وزارتي المالية والشغل والوزارة الوصية على القطاع الذي ينتمي اليه نشاط المقاولة المصرحة، للبت في وضعيتها، وهناك مشروع مرسوم تمت مدارسته في مجلس الحكومة المنعقد يوم الجمعة الماضي، ستتم المصادقة عليه في اجتماع لاحق، يحدد الشروط. كيف ستواجهون أي تلاعبات بأموال الصندوق؟ بالقانون طبعا، فكما قلت سابقا يتعين على المشغل أن يرجع إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كل تعويض أو مبلغ تم صرفه بناء على تصريح كاذب منه، تحت طائلة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل، ويعمل الصندوق على إرجاع المبالغ التي تم استرجاعها إلى ميزانية الدولة، وستخضع جميع هذه العمليات لتدقيقات لاحقة من طرف المؤسسات المختصة. قطاع الصحافة المغربية مثل باقي القطاعات يواجه تحديات كبيرة اليوم بسبب كورونا، ماهي الإجراءات التي تنوون اتخاذها للتخفيف من هذه الأزمة؟ صحيح أن وضعية المقاولات الصحفية تأثرت هي الأخرى بالأزمة الناتجة عن جائحة كورونا وكذا التدابير المتخذة لمواجهتها. وطبيعي أن المقاولة الصحفية هي الأخرى تخضع للمعايير نفسها التي تسري على باقي المقاولات الأخرى؛ فالإجراءات المتخذة لا ترتبط بطبيعة النشاط بقدر ما تنصب على حجم الضرر الذي لحق المقاولة. هل تتوقعون تجاوز سوق الشغل في المغرب للأزمة بعد نهاية هذه الجائحة؟ صحيح أن الأزمة التي ستلحق الاقتصاد ستكون كبيرة ليس وطنيا فقط، بل الأمر يتعدى ذلك إلى أزمة عالمية يتوقع أن تتجاوز أزمة 1929 حسب البنك الدولي، ومعلوم أن الأزمات الاقتصادية تنعكس تلقائيا على مؤشرات سوق الشغل بتعدد أبعادها. لكن عموما لا يمكن أن نتحدث عن توقعات صلبة مستندة إلى أسس علمية لما بعد الأزمة ونحن ما نزال في البداية تقريبا، هناك اليوم مؤسسات تشتغل والحكومة تواكبها من أجل الوصول إلى وضع توقعات وسيناريوهات لما بعد الأزمة. لكن المؤكد أن الروح الوطنية العالية التي أبان عنها المغاربة خلال هذه الفترة والاشتغال الجدي على جميع الأصعدة لا يمكن إذا استمرا إلا أن يكونا عاملا حاسما في تجاوز مخلفات هذه الأزمة.