قال يونس الجزولي، باحث في التربية وعلم الاجتماع بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية، إن "عاصفة كورونا هبّت على المغرب موقدة معها شرارة آفة الانتحار التي ظلت في مرحلة كمون مؤقت، لتتناسل الحالات مثل الفطر، وتتنامى المآسي، وتجهز على أحلام أسر في العيش الكريم، وأفرزت مشكلات اجتماعية حقيقية تتغير أسبابها ودوافعها تبعا للظروف الزمانية والمكانية". وأضاف الجزولي، في مقال خصّ به هسبريس تحت عنوان "الانتحار في زمن الحجر الصحي بالمغرب"، أنه "إذا كان الانتحار استعجالا للموت بكيفية قصدية ذاتية، فليس هناك ما يثبت أن الفرد الذي ينتحر قصد الموت فعلا، خصوصا وقد نجد غيره ممن يؤمن بعدم جدوى الحياة ولكنه لم يقدم على الانتحار، ولهذا اختلف الباحثون في أسباب الانتحار ودوافعه، حيث اعتمد إيميل دوركايم على الإحصائيات لرصد التغيرات التي تطرأ على نسبة الانتحار في الزمان والمكان، محاولا كشف العوامل المفسرة لتلك الظاهرة". وتابع الباحث قائلا: "محاولة منا للوقوف على أسباب تنامي ظاهرة الانتحار بالمملكة زمن كورونا، قمنا بتتبع واستقراء دقيق للحالات التي وضعت حدا لحياتها في فترة الحجر الصحي، أي من 20 ماي 2020 إلى غاية 20 أبريل 2020، اعتمادا على مواقع إلكترونية ذات مصداقية، وحوّلنا تلك المعطيات إلى بيانات إحصائية اعتمادا على قراءة في متغيرات: السن والجنس، الحالة العائلية والمهنية، تاريخ ومكان ووسط الانتحار، فضلا عن أداة الانتحار المستعملة". فعلى مستوى الجنس والسن، لاحظ الباحث أن العدد الإجمالي للمنتحرين بلغ 22 حالة في شهر واحد، وهذا رقم مقلق جدا؛ أي تقريبا حالة انتحار كل يوم، نسبة الذكور منهم 18 حالة، بمعدل 81.81%، والمثير أن من بينهم قاصر لا يتعدى سنه 12 سنة، وهذا يعني أن الظاهرة تشمل جميع الفئات العمرية، بينما عدد الإناث بلغ 4 حالات، بنسبة 18.18%. وأردف: "لقد كانت النساء في المغرب فيما مضى أكثر انتحارا من الرجال بناء على تقرير لمنظمة الصحة العالمية 2016، حيث وصل عدد المنتحرات بالمغرب 613 مقابل 400 حالة من الذكور، وبالنسبة لعامل السن فيلاحظ أن أغلبية المنتحرين والمنتحرات يتراوح سنهم ما بين 40 و80 سنة".