يسود غموض وسط القضاة بشأن قيمة المساهمة المالية التي ستُقتطع من أجورهم، كدعم لصندوق تدبير جائحة "كورونا"؛ فبعد أن تقرر اقتطاع نصف أجرة المسؤولين القضائيين والقضاة، اعتبر قضاة أن هذا الاقتطاع سيؤثر على استقرارهم الاجتماعي، معتبرين أن الحل الأمثل هو اقتطاع أجر ثلاثة أيام من رواتبهم، بمعدل أجر يوم واحد في الشهور الثلاثة المقبلة، أسوة بموظفي القطاع العام. وكان نادي قضاة المغرب أصدر بلاغا، يوم الجمعة الماضي، ثمّن فيه قرار اقتطاع أجرة يوم واحد عن كل شهر من شهور أبريل وماي ويونيو من الأجر الصافي لكل موظفي وأعوان الدولة، مساهمة منهم في صندوق تدبير جائحة "كورونا"، محيّيا "القضاة الذين عبّروا عن موافقتهم الشخصية على المساهمة بأكثر مما تقرر في منشور رئيس الحكومة". الجملة الأخيرة الواردة في بلاغ نادي قضاة المغرب فُهمت على أن قضاة النادي يريدون المساهمة في صندوق تدبير جائحة كورونا بالقدر الذي سيساهم به موظفو وأعوان الدولة، ابتداء من أبريل، عوض اقتطاع نصف أجرتهم الشهرية، على أن يساهم أي قاض يرغب في المساهمة بأكثر من ذلك، كل حسب استطاعته. مصدر من نادي قضاة المغرب قال لهسبريس إن الإشادة الواردة في البلاغ الصادر عن النادي يوم الجمعة الماضي بقرار رئيس الحكومة اقتطاع أجرة ثلاثة أيام من أجور الموظفين، موزعة على ثلاثة شهور، "فيه انتقاد ضمْني لاقتطاع نصف أجرة القضاة". وكان المجلس الأعلى للسلطة القضائية وجه رسالة إلى الخازن العام للمملكة، بتاريخ 15 أبريل، موقعة من طرف الأمين العام للمجلس، جاء فيها أن المسؤولين القضائيين والقضاة عبروا عن تجاوبهم بالتبرع بنصف راتب شهر واحد لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، الذي تم إحداثه لمواجهة آثار هذا الوباء. رسالة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وُجهت إلى الخازن العام للمملكة يوم 15 أبريل، أي يوما واحدا بعد نشر الحكومة منشورها المتعلق باقتطاع أجرة ثلاثة أيام من رواتب موظفي القطاع العام، وهو ما جعل القضاة يفهمون أنهم غير خاضعين لقرار اقتطاع ثلاثة أيام من أجورهم، بل ستُقتطع لهم أجرة نصف شهر. مصدر آخر من نادي قضاة المغرب قال لهسبريس إن قرار اقتطاع نصف أجرة شهر من مرتّب القضاة "كان مفاجئا"، مرجحا أن تكون مشاورات المجلس الأعلى للسلطة القضائية بخصوص قرار الاقتطاع قد اقتصرت على المسؤولين القضائيين فقط. ويتخوف القضاة من أن يؤدي اقتطاع أجرة نصف شهر من أجورهم إلى المساس بالوضعية الاجتماعية لعدد منهم، وبالخصوص قضاة الدرجة الثالثة، خاصة أن القضاة غير مشمولين بقرار تأجيل القروض، مع التزام أغلبهم بسداد أقساط قروض السكن وقروض السيارات، علاوة على التزامات أخرى كمصاريف تمدرس الأطفال، والقروض الاستهلاكية. ومازال النقاش بين القضاة في مجموعات التواصل مستمرا حول المبلغ الذي سيُقتطع من أجورهم، إذ اعتبر قضاة أنهم لم تتم استشارتهم في هذا الموضوع، مبدين تخوفهم من آثاره الاجتماعية عليهم، فيما اقترح بعضهم أن تتم مساواتهم مع موظفي وأعوان الدولة، وترك المجال مفتوحا لمن أراد التبرع بأكثر من أجرة ثلاثة أيام، كل حسب استطاعته، دون تحديد سقف معين للمساهمة. اقتطاع أجر ثلاثة أيام من أجور الموظفين خلال الشهور الثلاثة المقبلة كان باتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية. ويطرح هذا سؤال مدى إمكانية شمول القضاة بهذا القرار علما أنهم لا يتبعون للنقابات؛ لكن مصدرا من نادي قضاة المغرب قال إن زيادة 600 درهم قبل سنوات في أجور موظفي القطاع العام جاءت بعد مفاوضات مع النقابات العمالية، واستفاد القضاة أيضا منها رغم عدم انتمائهم النقابي.