شعب الإيمان كثيرة ودل على كثرتها ما ورد في الأحاديث النبوية من أرقام دالة على الكثرة كالستين والسبعين ومن ذلك الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)؛ رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان . ورواه البخاري بلفظ:" الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان" كتاب الإيمان باب أمور الإيمان. ونظرا لكثرتها يمكن تقسيمها أقساما كثيرة ومن ذلك تقسيمها إلى الأقسام المشهورة باعتبار الأقسام المعرفية في العلوم الإسلامية كالشعب العقدية والشعب التعبدية والشعب الأخلاقية ، وقسمها بعض أهل العلم إلى شعب تتعلق بأعمال القلوب وأخرى تتعلق بالأقوال وبعضها بأعمال الجوارح وقد سار الحافظ ابن حجر على هذا النهج فلخصها بقوله: "وقد لخصت مما أوردوه ما أذكره وهو أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن. فأعمال القلب: فيه المعتقدات والنيات، وتشتمل على أربع وعشرين خصلة: الإيمان بالله: ويدخل فيه الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده ...والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، والإيمان باليوم الآخر، …ومحبة الله والحب والبغض فيه، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم … واتباع سنته. والإخلاص: ويدخل فيه: ترك الرياء والنفاق، والتوبة والخوف والرجاء والشكر والوفاء والصبر والرضا بالقضاء، والتوكل والرحمة والتواضع، … وأعمال اللسان وتشتمل على سبع خصال: التلفظ بالتوحيد، وتلاوة القرآن، وتعلم العلم وتعليمه، والدعاء والذكر، ... وأعمال البدن، وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة، منها ما يختص بالأعيان، وهي خمس عشرة خصلة: التطهير حسا وحكما…والصلاة فرضا ونفلا، والزكاة كذلك، وفك الرقاب، والجود، … والصيام فرضا ونفلا، والحج والعمرة كذلك، والطواف والاعتكاف، والتماس ليلة القدر، والفرار بالدين …، والوفاء بالنذر، والتحري في الأيمان، وأداء الكفارات، ومنها ما يتعلق بالاتباع، وهي ست خصال: التعفف بالنكاح، والقيام بحقوق العيال، وبر الوالدين، وفيه اجتناب العقوق وتربية الأولاد، وصلة الرحم،...الرفق بالعبيد، ومنها ما يتعلق بالعامة، وهي سبع عشرة خصلة: القيام بالإمرة مع العدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة أولي الأمر، والإصلاح بين الناس، … والمعاونة على البر ...، والجهاد، ... وأداء الأمانة، ... والقرض مع وفائه، وإكرام الجار، وحسن المعاملة، وفيه جمع المال من حله، وإنفاق المال في حقه، … ورد السلام وتشميت العاطس، وكف الأذى عن الناس، واجتناب اللهو، وإماطة الأذى عن الطريق، فهذه تسع وستون خصلة، ويمكن عدها تسعا وسبعين خصلة باعتبار إفراد ما ضم بعضه إلى بعض مما ذكر والله أعلم.( مختصر من فتح الباري شرح صحيح البخاري1/68) وفي هذه المحاولة المتواضعة سأربط بعض هذه الشعب بالمرض عموما وبكورونا حديث الساعة خصوصا ، فالإيمان يسهم في تحقيق الصحة النفسية إما بالوقاية، أو تقوية المناعة النفسية أو العضوية، أو بتصحيح التصور أو تقويم السلوك قبل المرض أو أثناءه أو بعده... كل ذلك له علاقة إما بمنع المرض أو منع أسبابه أو منع تطوروه وخطورته أو تيسير سبل علاجه، أو بمساعدة المتضرر منه ضررا مباشرا أو غير مباشر ، وليس من شيء بمقدوره أن يخاطب الإنسان في كل هذه الظروف والأحوال في مواقع مختلفة ومن زوايا متعددة غير الإيمان، فهو الذي تتناول شعبه الكثيرة والمتنوعة مختلف جوانب حياة الإنسان عقيدة وسلوكا، أقوالا وأفعالا، عبادات ومعاملات...ومن أهم الشعب الإيمانية: الإيمان بالله تعالى وصفاته وهذه الشعبة هي أم الشعب وأصلها العظيم والذي بدونه لا يمكن الحديث عن ما بعدها، لأن من لا يؤمن بالله لن يؤمن بما دونه، والإيمان بالله يشمل الإيمان بوجوده وبصفاته وهي صفات الكمال كالوحدانية والعلم والقدرة والسمع والبصر... وغيرها مما يسمى الصفات الواجبة له سبحانه، ونفي أضدادها وهي الصفات المناقضة للواجبة كالجهل في مقابل العلم، والعجز في مقابل القدرة وهي التي توصف بأنها مستحيلة في حقه سبحانه. فالإيمان بالله خالقا للإنسان وغيره من المخلوقات ومنها أسباب الأمراض من الجراثيم والفيروسات يصحح تصور الإنسان عن الخلق والمخلوقات والغاية من ذلك، فالمؤمن يوقن بأن الله هو الذي خلقه وكرمه وسخر له ما في هذا الكون واستخلفه في الأرض وكلفه بعمارتها والإصلاح فيها... ففي عقيدتنا "كورونا" وغيره مخلوقات من خلق الله مهما بلغ فتكها تبقى في اعتقاد المؤمن ضعيفة، لأنه موقن أن قدرة الله أكبر من كل شيء، وهي عقيدة تلخصها جملة قصيرة من كتاب الله إذ قال تعالى يصف نفسه:"والله على كل شيء قدير ". هذا الإيمان يجعل المؤمن لا يغلبه الخوف من أي مخلوق إلى درجة الهلع الذي يفقده توازنه النفسي ثم توازنه العضوي والمناعي، فعلماء النفس والطب يؤكدون أن من غلب عليه الخوف والقلق تضعف مناعته ضد الأمراض، ومنهم من قال: لا صحة نفسية بدون صحة روحية، والإيمان هو أساس الصحة الروحية، فالإيمان يصحح هذه التصورات للإنسان عن نفسه وعن الأمراض وأسبابها، فيثمر الإيمان بقدرة الله وعلمه و حكمته وتدبيره، وأن الدنيا دار اختبار وابتلاء، قال الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام وهو يصف ربه:" الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين" (الشعراء 77 وما بعدها). فيثمر هذا الإيمان التوكل على الله ودعاءه وعبادته، فتحصل للمؤمن مشاعر القوة بدل الضعف، والأمل بدل التشاؤم، والأمن بدل الخوف. قال الله تعالى : "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"(الرعد28) وفي هذه الأيام أصبح من التحديات التي يواجهها الأطباء بأصنافهم أهل الطب النفسي والعضوي معا الحالة النفسية للمصابين ولغيرهم ممن يتابعون الأخبار يوميا، ونشر خبر تعميم فرنسا لوصية في هذا الباب على الآباء ليهتموا بالجانب النفسي لأبنائهم أكثر من اهتمامهم بالجانب التعليمي، وكيف تحصل السكينة والطمأنينة بدون ما سبق من شعب الإيمان بالله؟ وكيف يأمن من ترعبه النشرات المتواصلة عن الفيروس الدقيق الذي يؤمن بوجوده وإن لم يره وأنه يمكن أن يتسلل في أي لحظة إلى رئته فيخنقه في غياب الإيمان؟ ومن الأمل الذي يبثه الإيمان اعتقاد المؤمنين أن ما من داء إلا وخلق الله له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وهذه الحقيقة تضمنها قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" بدأ البخاري كتاب الطب من صحيحه بهذا الحديث. فهذا من شأنه أن يشجع العلماء والباحثين على المزيد من الاجتهاد في البحث عن علاج أو لقاح... فإذا كان الطب النفسي يعتمد في كثير من الأحيان على تصحيح التصورات عند من يعانون من مشاكل نفسية، وقد يكلف ذلك الجلسات و الحصص الكثيرة، فإيمان المؤمن بالله وصفاته يجمل قدرا كبيرا من هذه التصورات الإيجابية التي تمثل الحصن والدرع الواقي من صدمات الأزمات والمشاكل الصحية وغيرها... الإيمان بالآخرة وما فيها من جزاء على الأعمال والذي يعبر عنه القرآن أحيانا باليوم الآخر وهو شامل للإيمان بالبعث والحساب والجزاء على الأعمال بالجنة أو النار، وهو شعبة إيمانية رتبتها كثير من النصوص القرآنية والحديثية بعد الإيمان بالله، فالإيمان بالجزاء من أكبر الحوافز على العمل الصالح، ومن أكبر الموانع من العمل السيئ، ويمكن ربط هذه الشعبة بالمرض عموما وبكورنا خاصة، لأن إيمان المؤمن يدفعه إلى الاحتياط من أسباب العدوى من باب اتخاذ الأسباب المصاحب للتوكل الصحيح، وأن ذلك من العمل الصالح الذي يؤجر عنه، وقد ورد في حديث الطاعون قوله صلى الله عليه وسلم :"فلَيْسَ مِنْ عبد يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صابِرًا ، يَعْلَمُ أَنَّهُ لن يُصِيبُهُ إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِالشَهِيدٍ». صحيح البخاري في كتاب الطب باب أجر الصابر في الطاعون وفي رواية الإمام أحمد في مسنده "في بيته" بدل " في بلده "، فشتان بين نفسية من يلازم بيته متضجرا ساخطا قانطا...وبين من يلازم بيته صابرا محتسبا منتظرا الأجر والثواب... فلو نشرت قنواتنا هذا الحديث وأمثاله لأثمر ما لم تثمره تنميقات نجوم التفاهة من بيوتهم الفخمة... فقد بلغ عدد الموقوفين حوالي 8000 ممن خالفوا إجراءات الحجر الصحي ، وبحت حناجر رجال ونساء السلطة، وأتعبتهم ملاحقة أصناف من ضعاف الإيمان بجزاء الآخرة والمستهترين بجزاء القانون. وحتى لا يتحسر المريض عما يفوته بسبب المرض أو الحجر من أعمال صالحة كالجماعة والجمعة وغيرهما، بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يكتب له ما كان يعمل من الأعمال في وقت صحته فقال: « إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما » رواه البخاري كتاب الجهاد والسير باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، هذا بعض أثر الإيمان بالآخرة في تحمل الحجر الصحي ، أما من أصابه المرض فإنه يؤمن بأن المرض من البلاء الذي يصيب المؤمن، وله أجر عظيم إذا صبر واحتسب، وأن المرض كفارة للذنوب، وأن ثواب الصابر المحتسب هو الجنة كما في قوله صلى الله عليه وسلم لامرأة شكت إليه مرضا: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك » ، فقالت: أصبر.. متفق عليه، وإذا قدر الله وكان الوباء سببا لوفاته بشره الرسول صلى الله عليه بثواب الشهداء فقال:" الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، والمَبْطُونُ، والغَرِيقُ، وصَاحِبُ الهَدْمِ، والشَّهِيدُ في سَبيلِ اللَّهِ،..." جزء من حديث رواه مسلم، والبخاري في كتاب الأذان، باب فضل التهجير إلى الظهر. والمطعون هو من مات بالطاعون وهو وصف يشمل الأوبئة القاتلة... وبالنسبة لمن يقوم على شؤون المرضى بكل عمل مهما صغر فالإيمان بالآخرة والجزاء أكبر حافز للمزيد من بذل الجهد أو المال أو الوقت، وهم مبشرون بالأجر العظيم ويشملهم وعد الله تعالى : "ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا" (المائدة 32). ويذكر المفسرون في معناها أنها تشمل كل من أنقذ نفسا من الهلاك، وهذه بشارة للأطباء والممرضين والمساعدين والتقنيين والمسهمين في كشف كرب المرضى في زمن كورونا أو غيره من الأمراض ، ويشاركهم في الفضل كل من أعان على ذلك بوقت أو جهد أو مال قل ذلك أو كثر ... والله تعالى يقول : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة195 ). الإيمان بالقدر خيره وشره : وهو ركن من أركان الإيمان و من أهم الشعب الإيمانية المتصلة بالمرض وغيره من الابتلاءات، فيواجهها المؤمن برضا وتسليم لقدر الله، ويعلم أن ما قدره الله خير له، فيثمر إيمانه الرضا بدل السخط، والصبر بدل الجزع، والأمن بدل الخوف، والأمل بدل اليأس، والسكينة بدل القلق، والقناعة بدل الطمع... وسبقت أحاديث تبشر الصابرين على المرض بالجنة، وتبشر من مات به بأجر الشهداء، ومن أهم النصوص في هذا الباب قوله تعلى: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم "(البقرة 216) وقوله: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" (التوبة 51) وقوله تَعَالَى: ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور ﴾ [الحديد: 22-23]. فالمؤمن لا يغلب عليه اليأس عند نزول الضرر والبلاء، ولا يغلب عليه الفرح والفخر والخيلاء، في حال النعمة والرخاء، فيكون متوازنا في جميع أحوال السراء والضراء ... الإيمان بالرسل عليهم السلام وهم بشر اصطفاهم الله و بعثهم لدعوة الناس بأقوالهم وأفعالهم وجعلهم قدوة يتعلم منهم الناس كيف يحققوا المقصد من وجودهم وهو عبادة الله، قال تعالى عن وظيفتهم هذه: " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " (الأنعام 90) ودعانا أن نأخذ العبرة من قصصهم فقال تعالى: " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب " (يوسف 111) والذي له صلة بهذا الموضوع أن الرسل عليهم السلام ابتلوا بابتلاءات شديدة منها المرض، وفراق أحبتهم، وفراق أوطانهم ولهم في هذا مواقف مشهورة، ففي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم صبره على أذى قومه وتكذيبهم وإخراجهم له من داره وبلده... وقد خلد القرآن قصة الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار في قوله تعالى: "إلا تنصروه فقد نصره إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا"(التوبة 39) وقصة يوسف وأبيه يعقوب عليهما السلام لما ابتلي بفقد ولده يوسف فقال جوابا لأبنائه بعدما دبروا مكيدتهم: " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" (يوسف 18) وقصة أيوب عليه السلام الذي سجل القرآن دعاءه قال تعالى: " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" (الأنبياء 83) ويذكر المفسرون أقوالا في مدة مرضه عليه السلام لسنوات، ووصفه الله بقوله: "إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إنه أواب "(سورة ص 44 ) فهم القدوة في الصبر والتحمل والرضا بقضاء الله وقدره، واليقين في رحمة الله والمداومة على الدعاء والتضرع واللجوء إلى الله، والإيمان بهم يقتضي الاقتداء بهم وتعلم هذه القيم النبيلة منهم، واستصغار صنوف البلاء في النفس أو في المال بالمقارنة مع ابتلاءاتهم. الإيمان بالكتب ومنها القرآن الكريم من أركان الإيمان التصديق بما أنزله الله على رسله من كتب ومن ذلك الإيمان بالقرآن الكريم والذي وصفه الله تعالى بأنه شفاء فقال:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57] والحديث عن أثر القرآن الكريم على الصحة النفسية يصلح وحده موضوعا لمقال بل لكتاب أو كتب، وقد أفرده بعض الأطباء النفسيين بتأليف خاص أذكر منهم كتاب: "القرآن الكريم والصحة النفسية" للدكتور جمال ماضي، وهو متاح على الأنترنت لمن أراد التوسع، فالقرآن الكريم شفاء باعتباره المصدر لكل ما سبق في أركان الإيمان السابقة، وهو كتاب هداية شاملة لعلاقات الإنسان بنفسه وعلاقته بربه وعلاقته بالناس في عمله وفي علاقاته الأسرية و الاجتماعية... وإذا اهتدى في كل هذه العلاقات بهداية القرآن سيكون متوازنا في مشاعره وسلوكه، وللقرآن تأثير على نفس الإنسان إذا قرأه أو حفظه أو تدبر معاني آياته، فهو من ذكر الله الذي تطمئن به القلوب بل هو أعظم الذكر، قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب ".(الرعد28) وسمى القرآن ذكرا في أكثر من آية كقوله تعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" . وختاما فالإيمان أساس الصحة النفسية والصحة العضوية والسعادة في الدنيا والآخرة ، إذا ترسخ في القلب وظهر في الأقوال والأفعال وقد جاءت هذه الخلاصة وجيزة في بداية سورة المومنون التي افتتحها الله تعالى بقوله: "قد أفلح المومنون". ونتوجه إلى الله تعالى سائلين أن يرفع عنا هذا الوباء وأن يشفي مرضانا ويثبتهم ويصبرهم، ويجزي خيرا كل من يقوم على علاجهم وخدمتهم، ويخلف على كل من ينفق عليهم أو يعين من أصابه شيء من آثار هذا الوباء. *أستاذ التربية الإسلامية ، خريج دار الحديث الحسنية، وباحث في الدراسات الإسلامية