قررت حكومة سعد الدين العثماني التراجع في آخر لحظة عن وقف جميع النفقات التي قررتها في مشروع قانون المالية لسنة 2020، والتي حملها مشروع مرسوم قانون يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية ووقف عمليات الالتزام بالنفقات. التعديلات التي أدخلتها الحكومة الإثنين على مشروع المرسوم الذي وزعته يوم الجمعة الماضي تراجعت خلالها عن وقف عمليات الالتزام بالنفقات، مكتفية في صيغة جديدة بتجاوز سقف التمويلات الخارجية. نجيب الصومعي، الخبير في المالية العامة، يرى في تصريح لهسبريس أن "قرار وقف عمليات الالتزام بالنفقات كان ضروريا من أجل توفير الموارد الكافية لتدبير هذه الأزمة الوبائية والاقتصادية غير المسبوقة، وحماية المنظومة الاقتصادية من آثار "الصدمة الاقتصادية الكبرى" التي يسببها فيروس كورونا"، مشيرا إلى أن "قرار الحكومة التراجع عنه يجد تفسيره في الصعوبة التقنية لتنفيذه". وأكد الباحث الاقتصادي أن "المطلوب ضرورة اعتماد "مشروع قانون مالية تعديلي" لإعادة النظر في منظومة موارد ونفقات الدولة، وإعداد إطار جبائي ينسجم مع الظرفية الاستثنائية للجائحة ويتيح موارد إضافية للدولة"، مؤكدا أن "هذه الإجراءات تحمل طابع الاستعجال بالنظر إلى تسارع الأحداث الوبائية وضرورة اتخاذ كافة التدابير لحماية منظومة المالية العمومية". من جهة ثانية أوضح الخبير الاقتصادي أن "اعتماد مشروع مرسوم قانون يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية يأتي في ظروف استثنائية، متعلقة بالتبعات الاقتصادية لحالة الطوارئ الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد"، معتبرا أن "حالة التوقف الاقتصادي ستؤثر على الموارد الجمركية للدولة بالنظر إلى ركود منظومة الطلب الخارجي وإيرادات العملة الصعبة للمغاربة المقيمين بالخارج، ما معناه أن بلادنا ستحتاج موارد إضافية لتغطية التكاليف الاستثنائية للجائحة". وأبرز المتحدث ذاته أن "تجاوز سقف التمويلات الخارجية يجد تفسيره في تراجع الطلب الدولي الموجه إلى المغرب وتدفقات الاستثمارات الخارجية وإيرادات المغاربة المقيمين بالخارج"، مشددا على أن هذا الأمر "يشكل تقلصا بنيويا في منظومة تدفقات العملة الصعبة، ما سيوثر على الرصيد الإستراتيجي الوطني من العملة الصعبة". "بالنظر إلى التكاليف الاستثنائية المرتبطة بالجائحة، سيحتاج المغرب اقتناء الآلات الطبية والمستلزمات المخبرية والأدوية من الخارج، لذلك فهذا الإجراء سيمكن البلد من توفير حاجياته من العملات الأجنبية عبر الاقتراض الخارجي"، يقول الصومعي لهسبريس، داعيا إلى أن "تستفيد الدولة من تصنيفها الائتماني المحترم وذي النظرة المستقرة حسب وكالات التصنيف الائتماني العالمية"، ومطالبا بإصدار سندات سيادية خاصة بجائحة فيروس كورونا والاستفادة من رغبة المستثمرتين العالميين في تدبير مخاطرهم النقدية عبر الاستثمار في سندات سيادية مضمونة الربح ومحدودة المخاطر. هذا ويرخص مشروع المرسوم بقانون لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة تجاوز 31 مليار درهم الذي هو سقف الاقتراضات المحدد بموجب المادة 43 من قانون المالية رقم 19.70، وذلك بإصدار اقتراضات وكل أداة مالية أخرى.