ناصر بوريطة يواصل جولة دبلوماسية ناجحة لتعزيز دعم أوروبا لمغربية الصحراء    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    أمن البيضاء يوقف مواطنا نرويجيا مبحوث عنه دوليا    إغلاق سلسلة "ب لبن" والحلويات الشهيرة في مصر بسبب التسمم الغذائي – التفاصيل والأسباب    سلوفينيا تدعم مبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء المغربية    كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة.. أشبال الأطلس يطمحون لتجاوز عقبة مالي والتتويج باللقب    لجنة حماية المعطيات الشخصية ترحب بشكايات المتضررين من القرصنة    البرلماني شوقي يرد على اتهامات الناصري: أرادني أن أكذب ولم أشهد زورا لإدخاله السجن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    الحوامض المغربية تدخل السوق الياباني    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير بشأن ادعاءات واهية لمنظمة    الهجرة والثقافة المغربية: تاريخ للإستكشاف    المعرض الدولي للنشر والكتاب يتعقب الفنون التمثيلية في الصحراء المغربية    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    نقابات التعليم تسجل غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة في الوفاء بالتزاماتها وتحتج على "التسويف"    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    من معشوق الجماهير إلى مرشح للبيع .. رودريغو يدفع ثمن الإخفاق الأوروبي    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    فينيسيا الإيطالية تضاعف قيمة الرسم اليومي لزيارة المدينة    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    دراسة علمية: 17% من الأراضي الزراعية ملوّثة بمعادن سامة    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    بين مطرقة واشنطن وسندان الجزائر .. تونس أمام اختبار السيادة    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مغرب الحضارة : نداء من أجل المستقبل … شبابنا كنز المملكة ومستقبلها    فوربس: المغرب يضع لبنات مونديال 2030 بإشراف ملكي وتخطيط شامل    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    احتجاجات بالمزونة التونسية تنديدا بمصرع 3 تلاميذ وبتهميش المدينة    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    إيقاف السباح التونسي أحمد الحفناوي 21 شهرا بسبب انتهاكات لقواعد المنشطات    بطولة ألمانيا.. دورتموند المحبط يسعى الى بطاقة دوري الابطال    وضع المعايير لملء استمارة الإحصاء لأداء الخدمة العسكرية برسم فوج المجندين لسنة 2025    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    دي ميستورا يستشعر نهاية "المينورسو" .. ضغوط مالية وتغيرات دولية    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الأبيض ‬والأسود ‬من ‬تقرير ‬دي ‬ميستورا (2)    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه تداعيات مُحتملة لفيروس "كورونا" على دول الاتحاد الأوروبي
نشر في هسبريس يوم 07 - 04 - 2020

منذ إعلان منظمة الصحة العالمية تحوّل "القارة العجوز" إلى مركز لوباء "كورونا"، توالت على الاتحاد الأوروبي سلسلة من الأحداث التي شكّلت صدمات متتالية، نتيجة اختلاف المواقف بخصوص العديد من التحركات الأحادية التي شكّلت محور الأزمة، ما أدى إلى حدوث شرخ في البيت الداخلي الأوروبي.
تصدّعات داخلية
في إيطاليا، التي أصبحت بؤرة "كوفيد-19"، تبدو روما حانقة من عدم تحرّك أعضاء الاتحاد لمدّها بالأدوات الطبية وأجهزة التنفس الاصطناعي، بينما انتقدت صربيا، التي مازالت في مرحلة تفاوض منذ سنوات للانضمام إلى النادي الأوروبي، غياب مبدأ "التضامن" بين الدول الأعضاء، بل طَرح تيار سياسي في بلغراد توديع فكرة الانضمام إلى الاتحاد.
وأثارت قرارات إغلاق الحدود البينية دون الرجوع إلى الاتحاد الأوروبي تصدّعا داخليا، فقد انتقدت السويد إغلاق الدنمارك مجالها الحدودي معها، في حين تضغط إسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال على كبار المسؤولين الأوروبيين قصد إيجاد صيغة ملائمة لتقاسم الأعباء المالية. لكن هولندا وألمانيا تدافعان عن سنّ المزيد من التدابير المقيّدة.
تلك شذرات من التخندقات السياسية التي يعيشها النادي الأوروبي في "زمن كورونا"، بعدما عجز التكتل عن إقرار سياسة صحية مشتركة لمواجهة الجائحة الوبائية، رغم أن القطاع الصحي يقع تحت الصلاحيات الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي. لكن ذلك لا يمنع المفوضية الأوروبية من تنسيق البرامج والخدمات الصحية عبر الحدود.
"روح التضامن"
عاب كثيرون داخل "القارة العجوز" تردد الجهاز التنفيذي للاتحاد في التنسيق بين البلدان في ظل تفشي فيروس "كورونا" المستجد، لافتين إلى أن المفوضية الأوروبية لم تتحرّك بشكل سريع لاحتواء تداعيات الوباء، ما نتج عنه غياب "التضامن" بين أعضاء الاتحاد في المرحلة الأولى لانتشار الفيروس على الأقل.
وانتقدت العديد من الأصوات السياسية داخل الفواعل الأوروبية غياب البرامج المشتركة وتنسيق السياسات بشأن الأزمات الطارئة، بالنظر إلى أن "أزمة كورونا" أظهرت تشتّت التكتل الأوروبي القائم أساسا على روح التضامن، ما دفع بعض زعماء أعضاء الاتحاد إلى تصنيف الجائحة على أنها أسوأ أزمة صحية في أوروبا منذ 1918.
بذلك، دعا بيدرو سانشيز، رئيس وزراء إسبانيا، إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لاحتواء الوباء داخل أوروبا، لافتا إلى أن هذا الظرف الاستثنائي يرهن مصير الوحدة الأوروبية مستقبلا، وداعيا إلى ضرورة الاستجابة للأزمات الطارئة بشكل جماعي، عبر بناء "اقتصاد في زمن الحرب يعزز المقاومة ويعيد التعافي".
مشروع "مارشال"
من جانبه، تطرّق ماوريتسو ماساري، سفير إيطاليا لدى الاتحاد الأوروبي، إلى الموضوع المتشابك والشائك عبر مقالة له منشورة في وسائل الإعلام الأجنبية، قائلا: "لا نعيش أزمات صحية وطنية فقط، بل يتعلق الأمر بأزمات أوروبية مشتركة"، مضيفا: "يجب على الاتحاد مواجهة الأزمة بشكل جماعي من خلال تفعيل مبدأ التضامن الأوروبي".
ودفعت التصدعات الداخلية المفوضية الأوروبية إلى إجراء العديد من الاجتماعات لمواجهة الوباء، إذ اعترفت رئيستها أورسولا فون دير لاين بالاستهانة بتداعيات الفيروس في البداية، ما يُفسّر التأخر في اتخاذ التدابير اللازمة، داعية إلى إعداد خطة "مارشال" جديدة لأوروبا، على غرار مشروع "مارشال" الذي وضع أسس النظام الاقتصادي الأوروبي.
وتطرح الأزمة القائمة منظورين منفصلين؛ منظور أول يسير في اتجاه عدم تعزيز الاندماج الداخلي بين أعضاء الاتحاد، ومنظور ثانٍ يدعو إلى تعميق الاتحاد بمزيد من الاندماج قصد احتواء الأزمات الطارئة. وتذهب جلّ تصريحات زعماء دول الاتحاد، لاسيما أقطابه الكبرى، صوب خيار تدعيم صلاحيات المؤسسات الأوروبية، لكنها تشترط إعادة التفكير في كل ما قائم، ومنها تأثير المؤسسات والنخب.
أزمة مشروعية
تداولت وسائل الإعلام في الدول الأوروبية العديد من التقارير التي تضمنت انتقادات كثيرة لتراجع أدوار اليمين المحافظ، مقابل صعود يمين جديد يستغل الثقافة الشعبوية ووسائل الاتصال، حيث يتهم اليمين المحافظ بأنه يقدم تنازلات لليبراليين واليسار، وبأنه بذاته أصبح نخبوياً، ما يؤشر على تزايد قاعدة أحزاب اليمين الهوياتي في المستقبل.
وأحيت الأزمة الصحية الراهنة المشاعر القومية من جديد لدى الشعوب الأوروبية، مقتنعة أكثر فأكثر بعدم فعالية ونجاعة مؤسسات الاتحاد، نتيجة ضعف التنسيق بين فاعليه، الأمر الذي قد يُعزز أزمة المشروعية لدى النادي الأوروبي الذي أغفل التكامل الاجتماعي، مقابل تركيزه على الاندماج الاقتصادي-الإنمائي وتحقيق الأهداف السياسية-الأمنية.
وقد توقع صامويل هنتنغتون حدوث تحلل وتصدع للمؤسسات في حال افتقادها القدرة على التكيف مع التحولات الزمنية والجيلية والتماسك الداخلي والتعقيد التنظيمي والاستقلالية المالية والوظيفية، وفق ما أورده محمد عبد الله يونس، في مقالة له بعنوان "صدمات المستقبل: الإشكاليات الرئيسية للتنبؤ بالتحولات المفاجئة في العالم"، منشورة ضمن دورية "اتجاهات الأحداث"، عدد يناير-فبراير 2017، الصادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
"الانعزالية الجديدة"
وبغض النظر عن الآليات التي سينتهجها الاتحاد الأوروبي للتكيّف مع صدمات المستقبل، فإن المزاج الشعبي الغاضب من سياسات "منطقة الأورو" إزاء أزمة "كورونا" سيؤثر على الاتجاهات السياسية الأوروبية، وهو ما نبّهت إليه الباحثة هالة الحفناوي، في مقال لها بالدورية عينها، معنون ب"الانعزالية الجديدة: أسباب عدم اليقين في فهم اتجاهات الشعوب".
وأشارت الباحثة إلى أن "المجتمعات لا تؤسس آراءها واتجاهاتها أو تتخذ قراراتها وفقاً لاعتبارات المنطق بالضرورة، فهناك جانب آخر عاطفي، يؤثر بالأساس على اتجاهات الجمهور، ويطلق عليه عدد من المصطلحات، مثل: العاطفة الجمعية أو المزاج العام"، مؤكدة وجود اتجاهات عامة ترفض التداعيات السلبية للعولمة.
إن ما يجري راهناً في الاتحاد الأوروبي بفعل تداعيات وباء "كورونا" بات يطرح سؤالا محوريا لدى الشعوب الأوروبية، وهو: ماذا يحدث بالضبط؟ لكن الأكيد أن هناك تصدعات داخلية في الاتحاد، مردها إلى الاختلاف بشأن سياسات احتواء الجائحة، حيث ترفض دول مسارات العمل الألمانية المقترحة لمعالجة الأزمة، خاصة مسار التقشف الاقتصادي الذي تتبناه "بلاد ميركل".
"عصر اللامتوقع"
لقد نبّهت إسبانيا، على لسان رئيس وزرائها، خلال الأسبوع المنصرم، إلى تداعيات التقشف الصارم المعتمد خلال سنوات ماضية، ضاربة المثال بنتيجة الإجراءات التقشفية المعتمدة في ظل أزمة الديون المترتبة عن الركود الاقتصادي لعام 2008، وداعية إلى عدم انهماك الدول بقضاياها الداخلية فقط، لأن من شأن ذلك أن يُفقد مشروع التكامل الأوروبي زخمه وقوته الدافعة.
وفي ظل الأحداث المفاجئة وغير المتوقعة التي تسِم العصر الراهن، فإن التكتل الأوروبي بات ملزما بالبحث عن صيغة توافقية من شأنها استيعاب الصدمات المتتالية، لاسيما في ظل التداعيات التي يطرحها الاندماج العالمي، ما يتطلب الاستعداد الاستباقي الفعّال للتعامل مع الأزمات الطارئة، من خلال تصحيح المسار الحالي الذي يشجع الشعبوية التي تحولت إلى نمط سياسي "جاذب" في أوروبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.