غيّرت منظمة الصحة العالمية رأيها بشأن استعمال الكمامات للوقاية من فيروس "كورونا" المستجد، وعادت لتشجع على وضعها، بعدما كانت إلى حدود أول أمس الجمعة تقول إن مَن ينبغي أن يضعها هم المصابون بالفيروس تفاديا لنقل العدوى لغيرهم، ولا داعي أن يستعملها غير المصابين. التغير الذي طرأ على موقف منظمة الصحة العالمية إزاء استعمال الكمامات من طرف غير الحاملين لفيروس "كورونا" جاء بعد بروز احتمالات بانتقال هذا الفيروس عبر الجو، ما حذا بها إلى اعتبار استعمال الكمامات كأداة للوقاية "ليس في حد ذاته فكرة سيئة"، كما قال مايك رايان، خبير الطوارئ بالمنظمة. وفيما تسارع عدد من الدول إلى تكثيف عملية إنتاج الكمامات الطبية ورفع وتيرة استيرادها، فإن النقاش حول هذا الموضوع في المغرب خفتَ بشكل كبير منذ قال وزير الصحة قبل شهر، في ندوة مشتركة مع رئيس الحكومة في الرباط، إن المغرب "يتوفر على مخزون اثني عشر مليون كمامة"، ولكنها غير متوفرة في الصيدليات إلى الآن. وأكد هذا المعطى صاحب صيدلية في حي الرحمة بمدينة سلا يدعى هشام، بقوله إن مشكل عدم توفر الكمامات الواقية مازال قائما، إذ نفد مخزونها من شركات الإنتاج منذ زاد الإقبال على اقتنائها بعد ظهور فيروس "كوفيد-19" في المغرب، وإلى حد الآن مازالت الشركات المصنّعة عاجزة عن تلبية طلبيات الصيدليات. وقال الصيدلاني الذي تحدث إلى هسبريس: "ليست لدينا كمامات حتى للاستعمال الشخصي لنا نحن الصيادلة. اتصلت مرات بالممونين على أمل الحصول عليها لكنهم لا يتوفرون عليها"، مضيفا: "أنا شخصيا لدي صندوق من الكمامات للاستعمال الشخصي، وهي على وشك النفاد، دون أن تلوح إمكانية لتوفرها في السوق قريبا". وسبق لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن أكد في بداية ظهور فيروس "كورونا" المستجد في المغرب أن ارتداء الكمامة لا يفيد الأشخاص غير المصابين في شيء، داعيا المواطنين غير المصابين إلى عدم ارتدائها، حتى تكون في متناول المرضى بالوفرة المطلوبة. وكتب العثماني على صفحته في "تويتر": "استعمال الكمامة من قبل المواطن لا يحميه من الإصابة بفيروس كورونا المستجد"، لكن مراجعة منظمة الصحة العالمية لرأيها بشأن استعمال الكمامات للوقاية من فيروس كورونا لغير المرضى جعل متتبعين يتساءلون حول كيفية تعاطي حكومة العثماني مع هذا المستجد. وشكّك مصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، في توفر اثني عشر مليون كمامة، كما أعلن وزير الصحة، وقال: "إن هذا الكلام يحتاج إلى إثبات، في ظل استمرار عدم توفر الصيدليات عليها". واعتبر كرين، وهو أيضا طبيب عام، أن توجُّه الحكومة منذ البداية حين قللت من جدوى حمل غير المصابين بفيروس "كورونا" للكمامات "لم يكن قائما على أساس علمي"، موضحا أن أي شخص يمكن أن يكون حاملا ل"كوفيد-19" دون أن تظهر عليه أعراض طيلة أربعة عشر يوما، وفي هذه المدة يكون قد نقل العدوى إلى أشخاص آخرين دون أن يشعر بذلك. وأسست الحكومة موقفها من استعمال الكمامات على توجيهات منظمة الصحة العالمية، غير أن كرين يرى أن هذه المنظمة ليست جديرة بالاتباع المطلق، نظرا لعدم دقتها في التعاطي مع فيروس "كورونا"، وتذبذب توقعاتها، وزاد موضحا: "عندما ظهر فيروس "كورونا" أول مرة في مدينة ووهان الصينية، قالت منظمة الصحة العالمية إن هذا المشكل الصحي له طابع محلي ولن يتجاوز حدود الصين، ليفاجأ العالم بانتشاره السريع على نطاق واسع". وأبرز كرين أن ما يؤكد فعالية الكمامات هو أن الدولة التي نجحت، إلى حد الآن، في محاصرة فيروس "كورونا"، كالصين وهونكونغ، كانت تفرض على مواطنيها ارتداء الكمامات، وسارت على نهجها دول أخرى ككوريا الجنوبية وسانغفورة، معتبرا أن هذه الدول "هي التي ينبغي الاقتداء بها، لأنها تتعامل مع الوباء العالمي بجدية أكثر من منظمة الصحة العالمية".