عند مدخل مدينة بنسليمان الواقعة غير بعيد عن الدارالبيضاء المُنفردة بصدارة حالات الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد، أقامت القوات المسلّحة الملكية مستشفى عسكريا ميدانيا من أجل التأهب لاستقبال المصابين ب"كوفيد-19"، دعماً للخدمات الطبية المدنية التي تسارع الزمن لكبح سرعة تفشّي الجائحة الوبائية. المستشفى العسكري الميداني الثاني (كوفيد-19) بمدينة بنسليمان يسعى إلى تعزيز الهياكل الطبية المخصصة لتدبير وباء "كورونا" العالمي، من خلال الاستعداد لإسعاف الحالات المصابة بفيروس "كورونا" المستجد، ما من شأنه تعجيل خطى المملكة في محاربة الوباء الذي انطلق من الصين واجتاح بلدان العالم. هكذا، تمكّنت القوات المسلحة الملكية من إقامة المستشفى العسكري الميداني الثاني في وقت وجيز لا يتعدى ستة أيام، بعدما اشتغلت مختلف الأطقم العسكرية بشكل مُضنٍ ومنتظم قصد إعداد تجهيزات المشفى الميداني، ما أسفر عن إعادة تكييف أدوار مبنى يتشكل من طابقين، وتجهيز 16 خيمة تبلغ طاقتها الاستيعابية 160 سريراً. مشفى احتواء الوباء في هذا الصدد قال الليوتنان كولونيل هشام قشنى، الطبيب الرئيسي في المستشفى العسكري الميداني الثاني بابن سليمان، إنه "تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، بوصفه القائد الأعلى ورئس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، قامت هذه الأخيرة بجميع مكوناتها؛ وعلى رأسها مصلحة مفتشية الصحة العسكرية، بإنشاء هذا المستشفى الميداني الثاني بمدينة ابن سليمان". المستشفى الميداني يأتي في إطار محاربة جائحة "كوفيد-19"، وفق الليوتنان كولونيل، الذي أوضح أن "الغاية تتجسد في استقبال الحالات المصابة بالفيروس، ما من شأنه دعم المؤسسات الاستشفائية الوطنية"، لافتا إلى أن "مدة إنجازه استغرقت وقتاً وجيزاً، تحديدا ستة أيام، ويضم جناحاً ميدانيا مخصصا للعزل الطبي يمكن الاستفادة منه إذا دعت الضرورة لاستشفاء الحالات المستقرة". الجناح الميداني للمستشفى العسكري يضمّ 16 خيمة تبلغ قدرتها الاستيعابية 160 سريراً، فضلا عن مبنى عبارة عن طابقين؛ يتوزع بين الأسِرَّة المخصصة للعناية بالحالات الصحية المستقرة، وأخرى موجهة للفئات التي تعاني من أعراض المرض الشديدة، إلى جانب مختبر بيولوجي يُوفّر التحاليل الدقيقة للمصابين بالوباء ومعرفة المضاعفات المحتملة؛ علاوة على صيدلية بها أدوية ومعدات طبية وشبه طبية لتغطية حاجيات المشفى. الطاقم العسكري متأهب تبعا لذلك، أبرز الطبيب الرئيسي في المستشفى العسكري الميداني الثاني بابن سليمان أن "المبنى تم تكييف أدواره، إذ يضمّ طابقين؛ الطابق العلوي تُعالج فيه الحالات المستقرة بطاقة استيعابية تصل إلى 140 سريرا، وطابق سفلي يتّسع لستين سريرا، بينها عشرون سريراً مخصصا للإنعاش الطبي، وهي مزوّدة بمختلف التجهيزات والتقنيات الدقيقة للتكفل بالحالات التي تعاني من الأعراض الشديدة للمرض". وبشأن الطاقم الطبي، لفت الطبيب الليوتنان كولونيل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أنه "يضم 13 طبيباً، بينهم 3 أطباء إنعاش، وطبيبان في تخصص المستعجلات، و6 أطباء في الطب العام جرى تكوينهم في هذا الإطار؛ ناهيك عن طبيب متخصص في البيولوجيا وطبيب صيدلي، إلى جانب طاقم شبه طبي يتكون من 69 فردًا؛ يتوزع بين الممرضين والممرضات والمساعدين". وأشار المسؤول العسكري إلى "وجود وحدة للدعم من الصحة العسكرية تضم 39 فردا، على رأسهم إداريون من مصلحة الصحة العسكرية، بالإضافة إلى وحدة للهندسة العسكرية"، وزاد: "أريد أن أشيد بالمجهود المُضني الذي قامت به هذه الوحدة، ليل نهار، من أجل تكييف هذه المؤسسة حتى نستطيع الاشتغال بها، دون إغفال مجهود المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقاعدة الجوية وكل مكونات القوات المسلحة"، خاتما: "الكل واع بمسؤوليته ومجند للقيام بواجبه الوطني، تحت شعارنا الدائم والخالد الله الوطن الملك". تجهيزات طبية عالمية المستشفى الميداني مجهز بكل المعدات التقنية الدقيقة المستوفية للمعايير الدولية من أجل علاج المصابين بالوباء العالمي، سواء تعلق الأمر بالأجهزة التنفسية الاصطناعية أو آلات متابعة الوضع الصحي للمرضى أو تجهيزات مراقبة استجابة المصابين للأدوية الموصوفة لهم، إذ يلتزم الطاقم الطبي العسكري بأشدّ تدابير النظافة للوقاية من الفيروس، من خلال الحرص على ارتداء القفازات والبذل الواقية واستعمال المطهرات والمعقمات. وتعليقا على ذلك، أوضح أيوب معروفي، طبيب إنعاش في المستشفى الميداني، أن "المستشفى يتوفر على غرفة للإنعاش بسعة عشرين سريراً"، مستدركا: "كل سرير في الإنعاش الطبي مُجهز بمعدات مستقلة، من قبيل جهاز التنفس الاصطناعي وأدوات الحقن الوظيفي وآلات متابعة الوظائف الحيوية، سواء تعلق الأمر بضغط الدم أو ضربات القلب أو الحرارة، علاوة على التتبع الدقيق للحالة الرئوية للمريض". وشدد معروفي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "الطاقم الطبي وشبه الطبي مجنّد من أجل توفير المساعدة الطبية لجميع الحالات الوافدة على المستشفى، حيث عملنا على توفير كلّ تجهيزات المراقبة المنتظمة لوضعية المريض في مكانه دون تكبد عناء التنقل من مكان لآخر، عبر رصد مدى استجابة المصابين للأدوية المقدمة لهم"، معتبرا أن "المعدات المستعملة توجد في جميع المستشفيات العالمية". بروتوكول صارم ودقيق بروتوكول دقيق وصارم من لدن المستشفى العسكري الميداني الثاني من أجل التعامل مع مصابي وباء "كورونا"، وهو عبارة عن سلسلة ممتدة من لحظة استقبال المريض، مرورا بوضعه في الجناح المخصص له حسب الوضعية الصحية، وصولا إلى عمليات التعقيم، وانتهاءً بالمختبر التقني الذي يواكب الحالة الصحية للمرضى والصيدلية التي تتوفر على الأدوية والمعدات الطبية، بالموازاة مع الأطقم العسكرية المعبّأة لضمان صيرورة المرفق الطبي. إلى ذلك، قال الملازم معاش أمين، طبيب في المستشفى العسكري الميداني الثاني ببنسليمان، إن "المختبر يتوفر على أجهزة وتقنيات ومعدات من شأنها القيام بمجموعة من التحاليل المخبرية التي تُمكّن من تتبع حالات المرضى الاستشفائية والحالات الحرجة، عبر إجراء تحاليل وتفاعلات دقيقة تخص الكبد والرئة والكلى؛ فضلا عن تحاليل بيو كيميائية أخرى لتتبع حالات المرضى". جدير بالذكر أن الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أعطى تعليماته للجنرال دو كوردارمي عبد الفتاح الوراق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، والجنرال دو كور دارمي محمد حرمو، قائد الدرك الملكي، ومفتش مصلحة الصحة العسكرية للقوات المسلحة الملكية الجنرال دو بريغاد محمد العبار، بتكليف الطب العسكري بشكل مشترك مع نظيره المدني بالمهمة الحساسة لمكافحة وباء "كورونا".