وصف عياد أبلال، أستاذُ التعليم العالي متخصص في علم الاجتماع وأنثروبولوجيا الثقافة، قولَ بعض فقهاء الدين المغاربة إن جائحة "كورونا" إنذار وعقاب إلهي للبشرية، وإن هذا الفيروس "جند من جنود الله"، بأنّه كلام "مغرق في الأسطورة والخرافة". وقال أبلال في مداخلة ضمن ندوة حول تأثير جائحة "كورونا" على الرابط الاجتماعي، نظمتها شعبة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس بفاس: "فيروس 'كورونا' لا علاقة له إطلاقا بالتصور الثيولوجي، الذي يرى انطلاقا منه بعض الفقهاء ورجال الدين أنه جند من جنود الله". وكان بعض الدعاة اعتبروا أن انتشار "كوفيد-19" عقاب سلطه الله على البشر جراء انتشار المعاصي، "غير أن هذا التصور القائل إن الله في حاجة إلى جند من الجنود ليساعدوه على إقرار إرادة ما هو فهم خاطئ ومغالطة كبيرة في تصور الله سبحانه وتعالى اللامتناهي في القوة والكبر"، يقول عياد أبلال. وأضاف المتحدث: "إذا أراد الله لشيء أن يكون فإنما يقول له كن فيكون، وليس بحاجة إلى جنود ليرسلهم إلى الأرض"، ذاهبا إلى القول إن الفقهاء الذين ربطوا انتشار فيروس "كورونا" بالعقاب الإلهي للبشر انطلقوا من "بُعد خرافي وأسطوري". أبلال دعا إلى استمرار النقاش حول هذا الموضوع ونقله إلى وسائل الإعلام، "ليتخلص تفكيرُ وتديّن المغاربة من مثل هذه التصورات الخاطئة، وليَخضع الجانب التديُّني إلى خلخلة معرفية وتجريده من الجانب الفولكلوري والطقوسي الغارق في الخرافة والأسطورة"، كما جاء على لسانه. وأشار الأستاذ ذاته إلى أن علاقة الدين بالتدين في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ظلت تعيش على وقع التوتر من جانب فقهاء الدين، معتبرا أن فيروس كورونا "منحنا الفرصة لمناقشة هذه الإشكالية، وينبغي أن يستمر النقاش حولها حتى نتمكن من أن يرتقي المتدينون بتدينهم والابتعاد عن كل أشكال التدين الكرنفالي". كما انتقد أبلال بعض السلوكيات التي برزت في صفوف بعض فئات المجتمع المغربي بعد ظهور فيروس "كورونا" المستجد، كالمسيرات التي شهدتها بعض المدن للتكبير والدعاء من أجل رفع الفيروس عن الناس، وهي السلوكيات التي رأى المتحدث أنها "بعيدة عن الصواب، لأنها تنظر إلى هذا الفيروس من منظور أسطوري وخرافي وتَعتبره قدَرا خالصا". من جهة ثانية، افترض المتحدث أن تشهد تقاليد وعادات المغاربة تغيرات جوهرية بعد تجاوز أزمة جائحة "كورونا"، إذ ستنحو "نحو مزيد من العقلنة"، مضيفا أن "الفيروس الذي يشغل بال الناس سيساهم في الرقي بوعيهم وثقافتهم الصحية، وبالتالي عقلنة التقاليد والعادات".