على غرار مختلف دول العالم، أدّت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، خاصة فرض الحجر المنزلي، لمنع انتشار فيروس كورونا، إلى ارتفاع لافت في حالات العنف المنزلي الممارس ضدّ النساء. وفي وقت من المهم التزام الناس منازلهم من أجل الحفاظ على السلامة العامة، هناك نساء خلف لهنّ هذا الوضع نتائج عكسية، ومن الممكن أن يمس سلامتهنّ وأمانهنّ، وقد يهدد حياتهنّ، ما نبه إليه الاتحاد الوطني لنساء المغرب، مع عدد من شركائه الحكوميين والأمنيين. ودعت مؤسسات رسمية، وفاعلون مدنيون، النساء المغربيات إلى الاتصال المباشر بالرقم "8350"، أو التواصل عبر منصة "كلنا معك"، للتبليغ عن أي شكل من أشكال العنف قد يتعرضن له خلال فترة الحجر الصحي، من أجل تقديم الدعم لهن. خديجة سبيل، عن جمعية الأسرة والمساواة، أوردت ضمن حديث لهسبريس أنّ "الجمعية تتلقى اتصالات يومية عبر "واتساب" والهاتف و"مسانجر"، منذ إعلان حالة الطوارئ، لنساء معنفات أجبرهن الوضع الصحي على التعايش بشكل يومي مع الشريك أو رب الأسرة"، مؤكدة أن "العديد من النساء يعانين في هذه المرحلة من عنف نفسي وجسدي، ولا بديل لهن سوى المكوث في منازلهن". الفاعلة الحقوقية فسّرت ارتفاع حالات العنف بالتزامن مع الأوضاع الاستثنائية التّي يعيشها المغرب بغياب التواصل بين الزوجين ومختلف مكونات الأسرة، إلى جانب ضعف الإمكانيات والأزمة المالية التي أصبحت تعيشها معظم الأسر نتيجة توقف أعمالها، وإغلاق عدد من المحلات للتصدي للوباء. من جهتها، أوضحت منى العلمي، الباحثة في علم النفس الاجتماعي، أنّ "طبيعة الوضع الحالي والقلق الصحي الذي يعيشه أفراد الأسرة والنساء خاصة يجعل الضغط النفسي الذي يتعرضن له كبيراً، وفي حال عدم قدرتهن على تلبية طلبات الرجل (الزوج، الأخ، الأب) فإنهن يواجهن العنف الجسدي". وأبرزت الأخصائية ذاتها أنّ "النساء أصبحن مطالبات خلال فترة الحجر الصحي بتلبية احتياجات الأسرة، ويتعرضن لضغط يومي كبير"، وتابعت: "الحجر وضع جديد على العائلات المغربية، ما يعني أن بعض الأفراد سيجدون صعوبة في التعامل معه". إلى ذلك، اعتبرت العلمي أنّ فترة الحجر الصحي تشكل اختباراً حقيقيا للعلاقات الزوجية الهشة والمتوترة بالدرجة الأولى، والعلاقات الأسرية عموما، بعد أن وجد كلا الزوجين نفسهما مجبرين على البقاء تحت نفس السقف لأسابيع، دون أن تكون هناك مواعيد خروج للعمل أو الترفيه يتحاشى فيها الطرفان المواجهة. وتتجه عدد من دول العالم نحو تعزيز إجراءاتها لحماية النساء من العنف في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، من خلال وضع تدابير استثنائية من أجل مناهضة العنف الأسري.