أصاب وباء "كوفيد 19" أكثر من 2000 طبيب إيطالي، كانوا في الصف الأمامي لمواجهته، بتقديم العلاج للمصابين الذين بلغوا حدا دفع رئيس الحكومة إلى انتظار فرج من السماء. وتوفي الطبيب الإيطالي مارسيلو ناتالي، يوم الأربعاء الماضي، من جراء إصابته بوباء "كوفيد 19"، بعدما اضطر إلى العمل في المستشفى من دون قفازات، بالنظر إلى النقص الكبير في المعدات الطبية. ناقوس الخطر وحتى لا يتكرر هذا الأمر بالنسبة إلى الطاقم الطبي والتمريضي والتقني والإداري والمكلفين بالنظافة بالمستشفى الجامعي بمراكش، ارتفعت أصوات تدق ناقوس الخطر. عبد الكريم أيت باعلي، ممرض بمستشفى ابن زهر (المامونية) بالمدينة العتيقة، قال لهسبريس: "الطاقم المكلف بتدبير ملف وباء "كوفيد 19" يجب أن يخصص لهم فضاء للإيواء والسكن بالمستشفى الجامعي". وتابع: "لماذا لم يخصص مستشفى ابن زهر لوحده لمعالجة وباء كوفيد 19"، وترك المستشفى الجامعي يؤدي واجبه، من أجل محاصرته في مجال طبي محدد". وأكد هذا الممرض "أن الطاقم الطبي والتقني والإداري وعمال النظافة يعانون بكل من مستشفى ابن زهر والمركز الجامعي"، مضيفا: "نعتمد أقصى الاحتياطات لحظة انتهاء دوامنا المهني، حتى لا ننقل العدوى إلى أسرنا وأفراد عائلاتنا". البحث عن حلول جمعية الأطباء المقيمين بمستشفى محمد السادس قالت في تصريحات متطابقة لبعض أعضائها لهسبيريس: "جلنا يبحث عن حلول خاصة، ما يفرض على الجهات المسؤولة التعجيل بتدبير هذا الملف المؤرق، بتوفير إيواء خاص للطاقم كله". وواصلت هذه الثلة من الأطباء "ما هو متوفر بالمستشفى الجامعي لن يستوعب الطاقم المكلف بوباء "كورونا"، والذي يتكون من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين وعاملات النظافة، لذا يجب البحث عن فندق يأوينا". وأضافت: "توجد مبادرات لتحضير الوجبات من أفراد ذاتيين، ومن شركات التوصيل المجاني؛ لكن إلى حدود الآن لم تبادر أية جهة لوضع حل لما يؤرقنا، حتى نؤدي مهمتنا بجودة عالية". وطالب من استقت هسبريس آراءهم حول هذا المشكل "لجنة اليقظة على مستوى مدينة مراكش للتفكير بشكل جدي في توفير مكان لإيواء الطاقم الطبي، وتخصيص سيارات أو حافلات لنقلهم". وخوفا من تكرار تجربة انتشار داء السل منذ نهاية الموسم الطبي الماضي بمستشفى الرازي، وتفاديا لإلحاق الضرر بأسرهم، فضّل مجموعة من الأطباء والممرضين الالتحاق بزملائهم الذين يعيشون لوحدهم، أو اللجوء إلى كراء شقق أو بيوت ما يثقل كاهلهم. وشددت التصريحات نفسها على أن "الحل الأخير غير مناسب أيضا، لأن الوباء يفرض تخصيص مكان ينقل إليه الطاقم بوسائل تخضع للتعقيم"، مشيرة إلى ضرورة توفير الأمن بمحيط المركز الجامعي، لحماية الأطباء والممرضين في الصباح الباكر. عماد سوسو، طبيب بالمستشفى الجامعي وعضو الجامعة الوطنية للصحة (ا. م. ش)، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن طاقم الصحة يعاني في صمت، ويؤدي واجبه في كافة المصالح، دون أن يأبه بما يمكن أن يتعرض له أفراده، لأنهم مؤمنين بمهمتهم وبقسم أبوقراط. وعدد هذا الطبيب أنواع المعاناة ف"بعد قرار منع جولان وسائل النقل، سيطرح مشكل عويص للطبيبات والممرضات ونساء النظافة على سبيل المثال، لأن معظمهن يقمن بأحياء تبعد عن المركز الجامعي بكيلومترات". وتابع قائلا: "معضلة أخرى تواجهنا بمناسبة هذا الظرف الاستثنائي، فمعظم المتزوجين من الأطباء والممرضين الذين لا عوائل لهم بمراكش يعانون بعد إغلاق المؤسسات التعليمية، التي كانت تتكفل بأطفالهم". مناداة حقوقيين وجّهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة نداء لحماية الأطر الصحية التي توجد في طليعة ومقدمة المواجهة، للحد من وباء "كوفيد 19"، وتمكينها من كل الأدوات ووسائل العمل والحاجيات المتعلقة بالوقاية؛ حتى لا تتكرر تجربة إيطاليا التي فقدت العديد من الأطباء والممرضين. وطالب هذا التنظيم الحقوقي، في نداء مستعجل توصلت به هسبريس، بتوفير "الكمامات الخاصة والنظارات ومحاليل التعقيم والألبسة الواقية"، مشيرا إلى أن "بعض أطرنا الصحية تشتغل بمستلزمات كانت استعملت إبان انتشار وباء إيبولا". مبادرة ضواحي مراكش قامت هسبريس بنقل مشكل الإيواء الخاص بأطر الطاقم الطبي للعديد من المهنيين والمسؤولين، فكانت الاستجابة من جماعة توجد بإقليم مراكش. وتجاوبا مع نداء هذا الطاقم، قال يوسف زريعة، رئيس جمعية تسلطانت للتنمية والرياضة والثقافة المشرفة على تسيير دار الطالبة: "سنخصص هذه المؤسسة وطاقمها لإيواء الفريق الطبي المكلف بمواجهة وباء "كوفيد 19" وإطعامهم". وأكد عبد العزيز الدرويش، رئيس جماعة تسلطانت، الذي شكل وباشا المنطقة لجنة لتدبير الأزمة، أن "جميع إمكانات الجماعة وأسطول النقل المدرسي توضع رهن إشارة مصالح الدولة ووزارة الصحة، في إطار مواجهة هذا الوباء".