تعد سويسرا واحدة من البلدان الأكثر تضرراً في العالم من وباء كورونا المستجد، إذ بلغ عدد الحالات المؤكدة 7014 إصابة، وارتفع عدد الوفيات إلى 85 شخصا، إذ سجلت أكثر من 900 حالة إصابة جديدة من يوم السبت إلى الأحد، حسب ما أعلنه المكتب الفيدرالي للصحة العامة. ويعيش قرابة 22500 مغربي بسويسرا حسب المصالح القنصلية، التي أكدت عدم إصابة أي فرد من أفراد الجالية المغربية، موردة أنهم يتمتعون بصحة جيدة إلى حدود الساعة. فكيف هي أوضاع الجالية المغربية المقيمة بسويسرا على خلفية انتشار فيروس كورونا بهذا البلد؟ وكيف يمارسون وظائفهم اليومية؟ وما هي الإجراءات والتدابير التي اتخذتها سفارة المملكة في إطار تواصلها معهم؟ وما هي الرسائل التي توجهها للشعب المغربي قاطبة بالمغرب؟. كانت سفارة المغرب ببرن أعلنت بعيد انتشار فيروس كورونا بسويسرا إحداث خلية تتبع لفائدة أفراد الجالية المغربية المقيمين في الكنفدرالية السويسرية وليشتنشتاين، بهدف التواصل والتجاوب مع انشغالاتهم ورصد وضعهم الصحي، وذلك بتنسيق مع السلطات السويسرية ومع الجمعيات المغربية المهتمة. التزام بالقيود والإجراءات يلتزم أفراد الجالية المغربية المقيمة بسويسرا بكل التدابير والإجراءات الاحترازية التي أعلنتها الحكومة الفيدرالية منذ بداية انتشار الفيروس بالبلد، شأنهم في ذلك شأن باقي الجاليات المقيمة بسويسرا، امتثالا لأوامر السلطات السويسرية. حميد عزوزي، مهندس مغربي مقيم بمدينة زوريخ، قال في تصريح لهسبريس إن التعليمات التي تنص عليها الحكومة السويسرية هي التعليمات نفسها التي ينص عليها العالم أجمع، وزاد: "بدوري كفرد أعيش بهذا البلد ألتزم بهذه التدابير، فالشركة التي أعمل بها أعطتنا الحرية للاشتغال من البيت، وهذا يساعدنا على عدم الاختلاط مع الناس خارج منازلنا، فلا نخرج إلا لضرورة القصوى". بدورها أكدت مليكة اليزيدي، مترجمة ووسيطة بين الإدارات والجالية العربية بمدينة نيوشاتيل، أنها تمارس عملها من بيتها عبر الهاتف مع استعمال الاتصال بالكاميرا عند الضرورة مع المدارس والمستشفيات والأطباء ومراكز اللاجئين وغيرها من المصالح، مشددة على أنها تحاول البقاء في المنزل ولا تخرج إلا للضرورة القصوى. وفي تصريح آخر، قال هشام مكرم، موظف بشركة للمواد الغذائية ومقيم بزوريخ: "إن وضع الجالية المغربية لا يختلف كثيرا عن باقي الجاليات بهذا البلد، فالترقب والتوجس عنوانان بارزان لهذه المرحلة الحاسمة التي تمر منها البشرية". وأكد مكرم أنه مازال يمارس عمله كالمعتاد بالشركة، غير أنه "في إطار سياسة دعم الاقتصاد التي تنتهجها الدولة السويسرية، والتي تجسدت في ضخ 10 مليارات فرنك كدفعة وأولى ثم 32 مليار فرنك كدفعة ثانية، كما أعلن، سيتم تخفيض ساعات العمل لدى العاملين في بعض الشركات المتخصصة في إنتاج المواد الغذائية للحيوانات بنسبة 50٪، على أن تتحمل الدولة تكاليف أجور العمال بنسبة 80٪ من النصف الآخر المتبقي من الأجور، والمتمثل في 40٪، ليصل المعدل في نهاية المطاف إلى 90٪ من معدل الدخل الإجمالي للعامل أو الموظف". وأوضح عبدالعالي تعبيشت، موظف بلدي ورئيس الاتحاد العالمي لمغاربة المهجر، والمقيم بمدينة لوگانو جنوبسويسرا، أن الجالية تعيش تحت هلع وهاجس جائحة فيروس كورونا، لكون هذه المنطقة الأكثر تضررا بسويسرا، نظرا لقربها من إيطاليا من جهة، ولوفود عدد كبير من العمال المياومين من جنسية إيطالية وعدم إغلاق الحدود الإيطالية السويسرية. واندهش المتحدث لحجم التجاوب الذي شاهده من أطياف المجتمع السويسري، وزاد: "عدد المصابين يرتفع يوما بعد يوم نظرًا لفتح الحدود الإيطالية السويسرية من جهة، وعودة عدد مهم من السويسريين من الخارج، إذ ظل عدد قليل منهم عالقين بالخارج، فالكانتون الذي أقطن به جنوبسويسرا بلغ عدد المصابين فيه 918". وبخصوص وجود مصابين من أفراد الجالية، أكد عبد القادر إگنو، صاحب مقاولة للنقل الخاص ورئيس جمعية الصحراء المغربية بسويسرا، أن الجالية المغربية في سويسرا بخير ولا يوجد بينها أي مصاب بفيروس كورونا، دون أن يخفي تخوفه قائلا: "مغاربة سويسرا، ككل الناس في العالم، متخوفون جدا من هذا الوباء. والسلطات السويسرية اتخذت تدابير وقائية في وقت متأخر.. إلى حد الآن هناك قطارات بين إيطالياوسويسرا، حتى الخط الجوي من وإلى إيطاليا مازال مفتوحا". محمد غربي، الناطق الرسمي باسم شركة الوكلاء المستقلين ل"الطاكسيات" بمدينة بجنيف، أكد أن سائقي "الطاكسيات" توقفوا عن العمل ولا يوجد سوى 5% من الذين استمروا في عملهم، واسترسل: "أنا شخصيا توقفت منذ يوم السبت الماضي وأحترم التعليمات بالحجر الصحي. والدولة السويسرية إلى الآن لم تمنع منعا كليا سائقي سيارات الأجرة من العمل، بيد أن قرارا صدر بإعانة الشركات الصغرى وكل المهنيين المستقلين، الذين يعملون لحسابهم الخاص بمبلغ مالي لسد حاجياتهم الأساسية، وهذا ما شجعنا على التوقف". قلوب مع الوطن لا يختلف أحد عن حب أفراد الجالية المغربية في أصقاع المعمور لبلدهم الأصلي وارتباطهم به، إذ طالبوا المواطنين بالمغرب بضرورة الالتزام والتقيد بالإجراءات والتدابير التي اتخذتها المملكة للحد من انتشار هذا الوباء الخطير، مثنين على رد الفعل السريع والقرارات المتعلقة بإغلاق الحدود وفرض حظر التجول من قبل السلطات المغربية. ودعا حميد عزوزي الشعب المغربي قاطبة من طنجة إلى لگويرة، إلى ضرورة اتخاذ التدابير الوقائية قائلا: "نطلب من أهلنا وإخواننا في المغرب أن يمتثلوا للقوانين الظرفية الصادرة عن الدولة المغربية". ووجهت مليكة اليزيدي نداء إلى كل المغاربة مخاطبة إياهم بالقول: "نقول لأهلنا، لأحبتنا، لجيراننا، لكل المغاربة، ابقوا في بيوتكم، التزموا بالتعليمات، التزموا بالحجر الصحي فهو الحل الوحيد للحد من انتشار هذا الفيروس اللعين.. إنه ينتشر بسرعة كبيرة".