أمام قاعة شبه فارغة ما عدا من المحامين وهيئة الحكم، بسبب الإجراءات الاحترازية من تفشي فيروس "كورونا"، حكت الأم التي رمت أطفالها من سطح عمارة بحي أناسي بسيدي مومن بالدار البيضاء، تفاصيل قيامها بهذا الفعل الجرمي والذي كاد يتسبب في مقتل الأطفال الثلاث. وروت الأم وهي في حالة يرثى لها، وتذرف الدموع أمام القاضي بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الاثنين، جزءا من حياتها ومعاناتها قبل ارتكابها للحادث، ذلك أنها عاشت في ظروف اجتماعية صعبة بعدما تخلت عنها والدتها وهي في سن صغيرة، لتتكفل جدتها ثم عمتها بتربيتها. وتقول هذه الأم المتابعة بتهمة القتل العمد، بعدما كانت قد التزمت الصمت في الجلسة السابقة، إن هذه الظروف الاجتماعية الصعبة، جعلتها لا تكمل دراستها ما أثر على مسارها في باقي سنوات حياتها. ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، إذ أشارت في معرض حديثها، إلى أنها فقدت خطيبها الذي ليس سوى ابن عمتها الذي توفي قبل الزواج، لكنها منذ زواجها بأب أبنائها الحالي تتعرض للعنف من قبله ما دفعها في مرات عدة إلى طلب الطلاق منه. وشددت المتهمة خلال حديثها أمام القاضي، على أن هذا الأمر، أثر بشكل جلي على حياتها وصحتها، إذ باتت تتناول أدوية لعلاج الاكتئاب، وسبق لها أن حاولت تنفيذ عملية انتحار قبل إقدامها على رمي أطفالها من السطح. واعتبرت المحامية مريم جمال الإدريسي، أن المحكمة خلال استمتاعها لكلمة المتهمة "حاولت أن تتعاطف معها مع تفعيلها المحاكمة العادلة في ما يتعلق بالشق الإنساني في التعامل مع مثل هذه القضايا، خصوصا وأن الأم حاولت الانتحار سابقا بتناول سم الفئران قبل قيامها بالفعل الجرمي المتابعة به، ما يعني أنها مريضة نفسيا". وشددت المحامية في تصريحها عقب انتهاء الجلسة، على أن المتهمة ومن خلال الظروف الاجتماعية التي عاشتها "وجدت نفسها تحاول الانتحار بسبب العنف الذي طالها وعدم معاملتها بطريقة جيدة"، مؤكدة أن الدفاع سيعمل على التماس عرضها على الخبرة الصحية والنفسية والعقلية، حتى يتبين ما إن كانت محاكمتها ستكون بمسؤولية جنائية كاملة أم ناقصة. من جهته، المحامي منير بولعزايم، لفت إلى كون المحكمة أجرت بحثا عن وضعها الاجتماعي وتبين أنها مرت من ظروف صعبة، مضيفا أن المتهمة أعربت بعد عرضها تفاصيل حياتها عن كونها لا تتذكر أي شيء عن لحظة قيامها برمي أطفالها من سطح العمارة. وأوضح المحامي نفسه، خلال تصريحه للجريدة، أن الدفاع سيحضر مرافعته للجلسة المقبلة التي حددتها المحكمة في شهر أبريل، والتي سيبسط من خلالها الظروف التي مرت منها السيدة وما عاشته. وكانت المتهمة قد ظهرت خلال الجلسة السابقة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، شاردة الذهن حين كان القاضي حسن عجمي يسألها عن تاريخ ازديادها، إذ لم تجبه ما دفعه إلى إعادة طرح السؤال من جديد لكنها ظلت صامتة تحملق في القاعة. ووجد القاضي عجمي نفسه مضطرا لاعتبار الملف جاهزا، حيث إلى كونها استنكفت عن الجواب رغم أنها سبق لها الإدلاء بتصريحات أمام الضابطة القضائية وأمام قاضي التحقيق. وكانت الأم المتهمة قامت برمي أطفالها الثلاثة، في أكتوبر الماضي، من سطح العمارة التي تقطن بها في حي أناسي بمقاطعة سيدي مومن التابعة لعمالة سيدي البرنوصي بالدار البيضاء، وتم نقلهم على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي المنصور، قبل أن ينقلوا مجددا إلى مستشفى عبد الرحيم الهاروشي التابع للمستشفى الجامعي ابن رشد.