مباشرة بعد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس "كورونا" في العالم، سارع أصحاب الملايير والأثرياء والشركات متعددة الجنسيات في الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي عدد من الدول المتضررة، إلى إعلان تبرعهم لمساعدة دولهم على مكافحة تفشي الوباء الفتاك المستمر في حصد الأرواح والضحايا والخسائر الاقتصادية. وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية، أعلنت مؤسسة "بيل غيتس"، الشهر الماضي، تبرعها بمبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة جهات الطوارئ في الصين وإفريقيا ولتطوير اللقاحات المضادة للفيروس، وهو ما أثار إعجاب الرئيس الصيني الذي عبر عن شكره لسخاء بيل غيتس. وفي الصين، بؤرة وباء "كورونا"، تبرع جاك ما، وهو رجل أعمال وثاني أغنياء الصين، بمبلغ 14 مليون دولار لدعم جهود بلاده لتطوير اللقاحات لمكافحة فيروس كورونا. كما أعلنت شركته (Alibaba) أنها خصصت صندوقًا بقيمة 144 مليون دولار لمساعدة المستشفيات على شراء المستلزمات الطبية اللازمة في مدينة "ووهان" الصينية. وساهم العديد من الأثرياء في فرنسا وإيطاليا في الجهود المبذولة لمكافحة الفيروس عبر حملات التبرع، في خطوة إنسانية أثارت إشادة واسعة من قبل ضحايا وباء "كورونا" الآخذ في الانتشار يوماً بعد يوم. وفي المغرب، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات كثيرة تُطالب أغنياء المملكة بالتحرك لمساعدة الدولة في هذه المحنة الاستثنائية التي تمر منها البلاد جراء ارتفاع عدد حالات الإصابة بالفيروس. وهمت هذه الدعوات تفعيل الفصل 40 من دستور المملكة، الذي ينص حرفيا على أنه: "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد". وفي جوابه عن سؤال حول إمكانية تفعيل الفصل 40 من الدستور، خصوصا أن أزمة "كورونا" تتزامن مع شبح الجفاف في المملكة هذه السنة، استبعد المحلل والباحث السياسي محمد شقير تفعيل هذا الفصل الدستوري المنصوص عليه في جميع دساتير المملكة منذ دستور 1962. وأوضح شقير، في تصريح لهسبريس، أن الطبقة الغنية في المغرب لم يسبق لها أن ساهمت لتفعيل هذا الفصل الدستوري رغم الأزمات والآفات المختلفة التي مرت منها البلاد، مشيرا إلى أن الدولة هي الجهة التي كانت تتكلف دائماً بمواجهة الكوارث والتخفيف من أضرارها. وكان الملك محمد السادس أعطى أوامره للحكومة قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس "كورونا"، ستوفر له اعتمادات بمبلغ عشرة ملايير درهم. ويرى شقير أن الطبقة الغنية في المغرب لا تمتلك ثقافة المساهمة والتبرع مثل ما هو موجود في عدد من دول العالم، موردا أن "الحس المواطناتي يغيب أيضا عن المقاولات الغنية والشركات الكبرى". وانتقد شقير تصريحات صادرة عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب (الباطرونا)، تدعو الدولة إلى مساعدة المقاولات عوض أن تساهم هي في دعم الحكومة لمواجهة تداعيات الوباء. وخلص شقير إلى أن مساهمة أغنياء المغرب في مواجهة "كورونا" يمكن أن تكون في حالة وحيدة، وهي أن يصدر الملك محمد السادس قراراً في هذا الموضوع، مثل ما وقع في مسألة تخفيض البنوك لنسبة الفائدة لدعم المقاولات إلى أقل من 2 في المائة.