ابتداءً من الإثنين، جرى تعليق الدراسة في المغرب حتى إشعار آخر، لتفادي تفشي فيروس كورونا المستجد، في وقت وصلت الحالات المؤكدة في المملكة بداية الأسبوع الجاري إلى 28، ضمنها حالة شُفيت وأخرى توفيت. ويشمل قرار تعليق الدراسة رياض الأطفال وجميع المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني والجامعات، سواء منها العمومية أو الخصوصية، ومؤسسات تكوين الأطر، ومراكز اللغات التابعة للبعثات الأجنبية، ومراكز اللغات، ومراكز الدعم التربوي الخصوصية. وأوضحت وزارة التربية الوطنية أن الأمر لا يتعلق بإقرار عطلة مدرسية استثنائية، مشيرةً إلى أن الدروس الحضورية ستُعوض بدروس عن بُعد تسمح للتلاميذ والطلبة والمتدربين بالمكوث في منازلهم ومتابعة دراستهم عن بُعد. ولم يعرف المغرب في ما سبق أي تجربة للتعليم عن بُعد، لكن الوزارة بادرت بسرعة إلى إطلاق بوابة رقمية موجهة للتلاميذ والأساتذة، تتوفر على دروس مصورة وأخرى مكتوبة، إضافة إلى تخصيص القناة الرابعة العمومية لبث برامج تعليمية. ويطرح قرار التعليم عن بُعد إشكالاً في المغرب، فالاستفادة مما توفره المنصة الرقمية لوزارة التربية الوطنية يتطلب أن يكون جميع التلاميذ متوفرين على حواسيب مرتبطة بالأنترنيت، وهو أمر يصعب الجزم بتوفره لدى غالبية الأسر المغربية. وفي نظر علي بوزردة، أستاذ بمديرية الشاون، فإن "التعليم عن بُعد خيار غير عملي، خاصة في العالم القروي، لأن تغطية شبكة الأنترنيت غير موجودة في عدة مناطق"، واعتبر أيضاً أن خيار بث الدروس عبر القناة الرابعة يطرح إشكالية بخصوص سير العملية، لأن هناك تفاوتاً في إنجاز المقرر الدراسي بين الأساتذة. وبالإضافة إلى الصعوبات التي يطرحها التعليم عن بُعد، يبرز إشكال مدى انخراط التلاميذ، الذين يقدر عددهم في المستوى الابتدائي فقط بأكثر من ستة ملايين، في العملية، ما دام الأمر يتم عن بُعد ومعه ينتفي عامل الإجبارية، وهو ما سيجعل عدداً من التلاميذ لا يسايرون الدروس. وتساءل بوزردة، في حديث لهسبريس، عما إذا كان سيتم اعتبار الدروس التي سيتلقاها التلاميذ عبر القناة الرابعة دروساً كافية ليمتحنوا فيها بالنسبة للامتحانات الإشهادية وامتحانات البكالوريا؛ ناهيك عن الامتحان الجهوي الذي تختلف فيه المقررات من جهة إلى أخرى. ولم توضح وزارة التربية الوطنية ما إذا كان قرار التعليم عن بُعد يأتي فقط كمواكبة لكي لا يضيع الزمن المدرسي، وأن الدروس ستستأنف بعد عودة الوضع الصحي إلى طبيعته، أم هو تعويض رسمي للدروس الحضورية. ويبقى الجواب عن السؤال سالف الذكر صعباً في ظل الظروف الراهنة، خصوصاً في ظل استمرار انتشار الفيروس عبر دول عدة بشكل كبير، وفي ظل عدم توصل أي مختبر إلى لقاح مضادة له، وهذا أمر يتطلب مدة ليست بالقصيرة للتجارب السريرية ثم الإنتاج فالتسويق. ويؤكد الأستاذ علي بوزردة أن "الخيار الأكثر واقعية والأنسب من وجهة نظر كثير من الفاعلين في قطاع التعليم، الذي كان يتوجب اتخاذه، هو تقديم العطلة الربيعية كحل أولي في انتظار أن تتضح الأمور وتنضج فكرة التعليم عن بُعد".