انتشر الذعر لدى المغاربة وسط تضخيم مبالغ فيه من مخاطر فيروس كورونا المستجد، فيما وجد متلقي المعلومة الصحية نفسه تائها وسط كم هائل من الأخبار والمعلومات غير الدقيقة. إن تواصل الحكومة المغربية بشأن فيروس كورونا لا يمكن اعتباره بذخا تواصليا وإنما واجبا مؤسساتيا. وفي هذا السياق، عملت وزارة الصحة على فتح قنوات التواصل مع رجال ونساء الاعلام وعبرهم مع كل المواطنين من خلال التواصل المكثف والمستمر حول الوباء، قبل ظهور الحالة الأولى بالمغرب، من خلال بلاغات مرقمة وتصريحات مستفيضة لوزير الصحة ولمدير الأوبئة الذي ما فتىء يظهر على قنوات الإعلام العمومي. كما أن رئيس الحكومة عقد في ثاني مارس الجاري ندوة صحفية بمعية الوزير الوصي على القطاع لتطمين المواطنات والمواطنين، فيما كان يفتتح اجتماعات المجلس الحكومي بكلمة حول مستجدات الوباء والاحتياطات الواجب اتخاذها. تدخل هذه المبادرات في إطار الواجب الحكومي إزاء المواطنين ولا يمكن إلا تفسيرها بالتزام الحكومة بضمان الولوج للمعلومة وجعلها في متناول الجميع خاصة وأنها تتعلق بالأمن الصحي للمغاربة باعتباره مجالا لا يقبل التكتم في زمن لم تعد معه طبيعة التواصل تقبل التزام الصمت، بالنظر لتربص الشائعات بغياب المعلومة والحقيقة. ولأن وسائل التواصل الإجتماعي تلقى الاقبال الكبير من حيث اعتبارها مصدر المعلومة للكثيرين بمن فيهم الصحفيون، انتشرت فيها أخبار الفيروس في ظرف قياسي، فيما باتت تغزو الواتساب وما شابهه فيديوهات وأوديوهات عن الانتشار السريع للوباء وكلها كانت تزيد من تعميق الإحساس بالخوف لدى الكثيرين. وفي مقابل ذلك، كانت وسائل الإعلام العمومية تفتتح نشراتها بأخبار كورونا بالمغرب والعالم كما تورد مواضيع تحسيسية ووصلات توعوية بالوقاية من الفيروس وهي بذلك تشهد نسب مشاهدة وتتبع مرتفعة (إحصائيات تتبع المشاهدة ماروك ميتري). كما أن الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة فاقت عمليات الولوج إليه كل التوقعات، وهذا يمكن تفسيره بالرغبة الجامحة لدى عموم المغاربة لمعرفة الحقيقة والتأكد من صحة المعلومات الواردة بخصوص الفيروس. إن طبيعة الشائعات التي تحاك حول فيروس كورونا غالبا ما تكون ذات طبيعة عنصرية تمييزية، إذ يذهب بعضها إلى أن الفيروس صنع إنساني يدخل في إطار الحرب البيولوجية الموجهة ضد الصين وإيران فيما يذهب آخرون إلى أنه موجه ضد المسلمين. كما يربطها البعض بالحرب الإقتصادية الرامية إلى خلخلة الاقتصاد العالمي وبناء نظام جديد. وأمام هذا التيه وسط الكم الهائل من المعلومات والشائعات، أصدرت وزارة الداخلية المغربية بلاغا صحفيا تحذيريا للعموم من مغبة ترويج أنباء غير صحيحة منسوبة إلى جهات رسمية، بشأن الإجراءات المتخذة للتصدي لانتشار فيروس كورونا، كما توعدت مروجي تلك الأخبار بالمتابعة بعد تحديد هوياتهم؛ وهو إجراء يتماشى وضرورة ضبط مسار المعلومة "الرسمية"، غير أنه يبقى رهينا بوجود إعلام قوي يلتزم بقواعد العمل الصحفي المهني ويحترم أخلاقيات المهنة، ورهينا بضمان تربية إعلامية للمواطنين وتأهيلهم عبر مختلف مؤسسات "التنشئة الإعلامية" لتملك أدوات إختيار الوسيلة الإعلامية اللائقة والحاملة للمعلومة الصحيحة وتعلم كيفية التأكد من صحتها وإعادة نشرها من عدمه. *صحافي وباحث في التواصل السياسي