ضبابية غير عادية تخيم على المشهد الحزبي المغربي في أفق السنة الانتخابية 2021، التي ستعرف استحقاقات جماعية وجهوية وأخرى تشريعية، بعد التباين الكبير في المواقف التي تعبر عنها التنظيمات السياسية المغربية. وإذا كانت أحزاب الكتلة الوطنية تحاول أن تجد صيغا لإعادة إحياء تكتل سياسي مشترك بينها، فإن باقي التنظيمات السياسية لم تحسم بعد في مواقفها تجاه الفاعلين الآخرين، خصوصا بعد انتخاب قيادة جديدة لحزب الأصالة والمعاصرة تميل نحو التقارب مع حزب العدالة والتنمية، على حساب تقارب سابق مع حزب التجمع الوطني للأحرار في عهد الأمين العام السابق ل"البام" حكيم بنشماش. عبد المنعم لزعر، باحث في العلوم السياسية، يرى أن "تحالفات ما بعد الانتخابات تقع دائما تحت تأثير سلطة السياقات؛ فسياقات 2011 مثلا ليست هي سلطة سياقات 2016، كما تقع تحت تأثير الأرقام الانتخابية المعلنة"، موردا أنه "سيصبح ممكنا ما هو ليس ممكن، ومستبعدا ما هو ليس مستبعد". لزعر أضاف في حديث لهسبريس أن "استحقاقات 2021 سيتحكم فيها منطق تصدر الانتخابات، بمعنى أن رهان حزب سياسي ما على هدف تصدر الانتخابات يفرض عليه التموقع في مواجهة حزب آخر له الرهان نفسه"، مشيرا إلى أن "الهدف يجعل خيار اللعب التعاوني بين الحزبين مستبعدا". من جهة ثانية، لم يغفل الباحث في العلوم السياسية ما وصفها باستراتيجيات تغيير المواقع والاتجاهات، وخصوصا تغيير حزب الأصالة والمعاصرة لموقعه بعد انتخاب وهبي أمينا عاما له، موردا أن "سياسة التغيير سيصاحبها تغيير في الاستراتيجيات القائمة على أن حزبي البام والبيجيدي لن يدخلا في تحالف ثنائي سابق للانتخابات، ولن يدخلا في تحالفات موجهة لبعضهما، ولكنهما قد يعتمدان على استراتيجيات منفردة تجاه منافسين آخرين محتملين، خاصة حزب التجمع الوطني للأحرار". وسجل لزعر أنه "عند الحديث عن التحالفات، يجب التمييز بين التحالفات السابقة للانتخابات التي تتخذ أكثر من صيغة وأكثر من آلية واستراتيجية، ويكون هدفها التأثير على مقاعد الأطراف المنافسة أو تعزيز حضور بعض الأحزاب داخل حقل التمثيلية على حساب أحزاب أخرى، وتحالفات ما بعد الانتخابات التي تتم على قاعدة بناء الأغلبية وتشكيل الحكومة بناء على نتائج الانتخابات". وقال الباحث في العلوم السياسية: "كل تحالف له سياقاته وقواعد لعبه ورهاناته، حيث التحالفات السابقة تؤطرها رهانات متصلة باللعبة الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بتصدر الانتخابات"، مستدلا على ذلك ب"ما عرفته انتخابات 2011 من تشكيل تحالف (ج8)، وهو الأمر نفسه الذي وقع خلال انتخابات 2016، حيث تم تشكيل تحالف مكون من عدد من الأحزاب، سواء بشكل ضمني أو صريح، وكان القاسم المشترك لهذه التحالفات هو اعتماد خيار اللعب التعاوني بين بعض التعبيرات الحزبية واعتماد خيار اللعب غير التعاوني تجاه تعبيرات أخرى". في المقابل، يسترسل لزعر، فإن "تحالفات ما بعد الانتخابات تؤطرها رهانات متصلة بحقل بناء السلطة وبلورة السياسات العمومية، وهي بدورها بدأت تنفتح على أكثر من تعبير من تعبيرات اللعب"، مبرزا أن "التحالفات المقبلة، سواء منها السابقة أو اللاحقة، ستتأثر أولا بطبيعة الأهداف التي ستدخل بها الأحزاب دائرة التنافس الانتخابي".