يستمر نظام "الباكالوريوس" الذي تستعد وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي لتطبيقه في الجامعات المغربية ابتداء من الدخول الجامعي المقبل في إثارة مزيد من ردود الفعل الرافضة؛ فبعد تعبير نقاباتٍ وأساتذة عن رفضهم لهذا النظام الجديد، أعلن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) عن إطلاق حملة ضد "العبث بالجامعة العمومية". وتستعد الهيئة الطلابية المذكورة لتنظيم أشكال احتجاجية بمختلف الجامعات العمومية المغربية على ما سمّته "العبث بمستقبل الجامعة المغربية وتنزيل المخططات والمشاريع المرتجلة، وتنديدا بالتضييقات التي تتعرض لها الحركة الطلابية". ويأتي احتجاج الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على مخططات إصلاح التعليم الجامعي، يقول صابر امدنين، الكاتب الوطني للاتحاد، "تجديدا لموقفنا التاريخي الرافض لهذه السياسات التي تُقصي الطلبة والأساتذة من التشاور حول إصلاح الجامعة المغربية". وفيما تعوّل الوزارة الوصية على قطاع التعليم العالي على نظام "الباكالورويس" لإخراج الجامعة المغربية من أزمتها، يرى صابر امدنين أنّ هذا النظام لا يختلف عن المخططات السابقة، مشيرا إلى أنّ "المطلوب أولا هو تقويم نظام LMD (إجازة-ماستر-دكتوراه)، الذي كان معمولا به، قبل التفكير في نظام جديد". وأبرز المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنّ "نظام LMD نجح في تجارب مقارنة أخرى، في حين لم ينجح في المغرب، بدليل أن الوزارة قررت التخلي عنه وتعويضه بنظام الباكالوريوس الذي لقيَ معارضة فئات من الأساتذة الجامعيين". ويُرتقب أن يُشرع في العمل بنظام "الباكالوريوس" في مؤسسات التعليم العالي المغربية ابتداء من شهر شتنبر المقبل، وسيُمدد هذا النظام أمد الحصول على شهادة الإجازة من ثلاث سنوات حاليا إلى أربع سنوات، مع إمكانية نيْلها في حال استوفى الطالب الوحدات المطلوبة قبل انصرام هذه المدّة. نظام "الباكالورويس" المعمول به في الأنظمة التعليمية الأنجلوساكسونية يرتكز في سلْك الإجازة على 26 وحدة معرفية، هي المواد الأساسية التي سيدرسها الطالب خلال السنوات الأربع للإجازة، فضلا على 8 وحدات في الكفايات الحياتية والذاتية. ويولي النظام الجديدة أهمية للغات الأجنبية حيث سيدرس الطالب 6 وحدات في هذا المجال، إضافة إلى 4 وحدات للانفتاح المتخصص، ووحدتين للانفتاح العام، بينما سيتم الانتقال إلى وحدتين متخصصتين ستكونان الإطار لمشروع بحث نيْل الإجازة، بدل وحَدة واحدة المعمول بها الآن. ويرى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أنّ نظام الباكالوريوس سيلقى المصير نفسه الذي لقيته مخططات إصلاح التعليم العالي السابقة، في ظل عدم توفّر الجامعة المغربية على البنية التحتية اللازمة لإنجاح هذا النظام. وقال صابر امدنين: "هذا النظام ليس سوى تجربة جديدة لربْح الوقت، لأنّ الإصلاح الحقيقي يقتضي نهج مقاربة تشاركية تضمن إصلاحا شموليا، فكيف سينجح نظام الباكالوريوس وهناك أساتذة يدرّسون ثلاثمئة طالب في الحصة الواحدة؟". وأضاف: "الأرقام الصادرة عن المؤسسات الرسمية، مثل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تشير إلى أنّ القدرة الاستيعابية للأقسام والمدرجات الجامعية ضعيفة؛ إذ يصل معدّل الطلبة مقابل كل طاولة إلى 3.5 طالب، فكيف سيتمّ تنزيل نظام الباكالوريوس في ظل هذا الوضع؟". ويرى المتحدث ذاته أن المدخل الأساسي لإخراج التعليم العالي بالمغرب من أزمته الراهنة، "يقتضي توفر الإرادة السياسية أولا وقبل كل شيء، وأن يتمّ إشراك جميع الفاعلين المعنيين، من طلبة وأساتذة والنخب الفكرية في هذا الإصلاح، وأخذ الوقت الكافي لتطبيقه، بدل اللجوء إلى الحلول السريعة التي ليست سوى مضيعة للمال العام وللزمن". وعلى الرغم من أن "أوطم" لم يعبّر عن رفضه لنظام "الباكالوريوس" في حد ذاته، إلا أنه أبدى رفضه للمقاربة المتّبعة في تنزيله، حيث قال الكاتب الوطني للنقابة الطلابية إن "هذه المقاربة تقتصر فقط على الشقّ البيداغوجي، بينما يقتضي الإصلاح الشمولية". وأوضح أنه "إضافة إلى ضعف البنْية التحتية، هناك مشكلُ الخصاص الكبير على مستوى الموارد البشرية، من أساتذة وحتى الأطر الإدارية، خاصة في ظل لجوء الحكومة إلى التعاقد بدل التوظيف؛ فنسبة كبيرة من الأساتذة يتقاعدون ولا يتمّ تعويضهم بأساتذة مرسّمين، وهذا يعمّق أزمة الجامعة المغربية".