مازالت النقابات العمالية مصرّة على ضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات بغية مناقشة مختلف القوانين الاجتماعية التي تُشكل محور اختلاف بين الجهازين التنفيذي والنقابي، وفي مقدمتها مشروع القانون التنظيمي الخاص بممارسة حق الإضراب. وأبدت مصادر نقابية امتعاضها من "البْلوكاج" الذي يسم "قانون الإضراب" لفترة طويلة، حيث جددت مطلبها القاضي بالعودة إلى المفاوضات الاجتماعية من جديد بغية التوفيق بين الرؤى المختلفة التي يتشبث بها كل طرف، مشيرة إلى أن "التعثر" التشريعي يشمل قوانين أخرى، من قبيل قانون النقابات. وسجلت المصادر عينها "غياب أي مؤشر واضح، إلى حد الساعة، يذهب في اتجاه مأسسة الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية"، مؤكدة أن "الحوار الاجتماعي الحقيقي تَجسد في فترات ذهبية خلال عهد حكومات عبد الرحمان اليوسفي وإدريس جطو وعباس الفاسي". وتعليقاً على ذلك، قال عبد القادر الزاير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن "الحكومة مازالت صامتة بشأن القانون التنظيمي لممارسة الإضراب في المملكة"، لافتا إلى "غياب أي مستجدات عملية طوال هذه الفترة"، مستغربا "عدم تفعيل الحوار الاجتماعي بخصوص مطالب نقابية أخرى تهم الشغيلة العمالية". وقد وقّعت الحكومة، في 25 أبريل 2019، اتفاقا اجتماعيا مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية باستثناء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي انسحبت من اللقاء، كما وقعه أيضا الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تضمن زيادة عامة في أجور الموظفين بالقطاع العام وفي الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص. وتسود وجهات نظر متقاطعة بخصوص مشروعي القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات، ما أسفر عن توقف المحادثات بين حكومة سعد الدين العثماني، ممثلة في وزارة الشغل والإدماج المهني، والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية. وتساند منظمات نقابية دولية المركزيات الوطنية في موقفها من مشروع قانون الإضراب، حيث دعا الاتحاد الدولي للنقابات إلى التفاوض بشأنه داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي، ليُوجه بعدها الاتحاد الدولي للصناعات رسالة جديدة إلى الحكومة المغربية، يُطالب فيها ب"سحب قانون الإضراب التكبيلي وتعزيز الحريات النقابية". ويؤكد الاتحاد الدولي، الذي يضم نحو 331 مركزية عمالية في أزيد من 163 دولة، أن "مشروع القانون، الذي تم إعداده وإحالته على البرلمان للمناقشة والمصادقة، دعا النقابات العمالية إلى التشاور عوض التفاوض، وهي مسألة تضرب في العمق الاتفاقيات الدولية الأساسية".