كشف تقرير "المهمة الاستطلاعية البرلمانية المؤقتة حول الملاعب المعشوشبة والحلبات" عن عدة اختلالات شابت صفقات تجهيز 44 ملعبا من طرف وزارة الشباب والرياضة جرى توقيعها في عهد الوزير الأسبق الوصي على القطاع محمد أوزين، بينما أشاد بالملاعب المنجزة من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. وجرى تقديم خلاصات المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول الملاعب المعشوشبة التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وحلبات ألعاب القوى التابعة للجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، الأربعاء، في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب. وشكل مجلس النواب مهمة استطلاعية بطلب من الفريق الاشتراكي بتاريخ 9 ماي 2017، بعدما جرى تداول شائعات وقتها حول الفرق في المبالغ المالية بين ما أنجزته وزارة الرياضة وما أنجزته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي يصل إلى 6 ملايين درهم. وكانت حكومة بنكيران وقعت اتفاقية قصد إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على إنجاز مشاريع في إطار برنامج تأهيل البنية التحتية الخاصة بكرة القدم برسم الفترة الممتدة من 2014 إلى 2016، مع استثناء المخصصات المالية لمشروع تهيئة 44 ملعبا بالعشب الاصطناعي، الذي كان في طور الإنجاز من طرف وزارة الشباب والرياضة. ووقعت الاتفاقية الإطار من طرف كل من وزير الداخلية حينها محمد حصاد، ووزير الشباب والرياضة محمد أوزين، ووزير التجهيز والنقل واللوجيستيك عزيز الرباح، ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع. حسابات سياسية ورغم أن الجامعة حددت 39 ملعبا كي يتم إنجازها من قبل وزارة الشباب والرياضة وفق معايير دقيقة، إلا أن 19 ملعبا تم اختياره بناء على تعليمات الوزير بدون وجود سند قانوني، وهو ما دفع أصحاب المهمة الاستطلاعية إلى التساؤل عن "معايير اختيار هذه الملاعب، وهل هي سياسية أم كانت للضرورات القصوى؟". ووقفت المهمة الاستطلاعية على وجود اختلاف في أصناف العشب الاصطناعي التي تم اختيارها من قبل وزارة الشباب والرياضة لتجهيز 44 ملعبا، وهي نوعان: عشب بطبقة مطاطية لا تقل عن 20 ملم بشعيرات لا تقل عن 40 ملم، ونوع ثان بعشب بشعيرات 60 ملم بدون أي طبقة مطاطية. وجاء في التقرير، الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، أنه "من المؤكد أن هناك اختلافا في السعر بين هذين الصنفين من العشب الاصطناعي، ولا ندري ما هي المعايير التي اختارتها الوزارة لصنف من هذا العشب للملاعب الرياضية دون غيره". وأظهر التقرير أن "الملعب البلدي (اتحاد الفقيه بنصالح) جهز بعشب 60 ملم بكلفة 4.696.805,13 أقل من عشب الملعب البلدي (ملعب فتح سيدي بنور) الذي اختير له 20 ملم من الطبقة المطاطية و40 ملم من العشب وبكلفة أكثر، أي 8.290.366,19 بفارق يقارب 3,6 ملايين درهم". وشرحت المهمة الاستطلاعية أن "هناك فرقا شاسعا بين المبالغ المرصودة للملاعب المعشوشبة من صنف (40 ملم + 20 ملم طبقة مطاطية) وعشب (60 ملم دون طبقة مطاطية) بلغت في بعضها 3,6 ملايين درهم، إلا أن ما يثير الاستغراب هو ارتفاع صاروخي لكلفة الملعب البلدي للصويرة الذي اختير له صنف 60 ملم، حيث بلغت التكلفة، حسب الوثيقة المقدمة إلينا، 9.151.771,34 درهم، أكبر بكثير من ملعب الحسن الثاني بهوارة الذي اختير له (عشب 40 ملم + طبقة مطاطية 20 ملم)، أي بلغت تكلفته 7.555.590,48 درهم، بفارق يقارب 1,6 مليون درهم وأكثر من 4 ملايين درهم و40 مليون سنتيم إذا ما قورن مع ملعب الفقيه بن صالح". وخلصت الملاحظات إلى أنه "من خلال هذين النموذجين في كلفة بعض الملاعب بصنفيها، يظهر أنه ليس هناك منطق للثمن أو معيار لاختيار صنف عن آخر أو رابط موضوعي يوضح بجلاء علاقة الصنف بالكلفة". وفي لقاء عقده أعضاء المهمة الاستطلاعية بتاريخ 19 يوليوز 2018 بمقر وزارة الشباب والرياضة، بحضور راشيد الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة السابق، بررت مصالح الوزارة عدم الاستناد إلى المعايير لتعشيب 19 ملعبا بالتعليمات الصادرة عن الوزير (يُقصد الوزير أوزين)، وهو ما اعتبره التقرير بمثابة "تنصل مصالح الوزارة من مسؤوليتها". كما وقف التقرير على أن هناك "تهاونا كبيرا في تتبع المشاريع، حيث إن مدة الإنجاز حددت في 8 أشهر غير أن الملاحظ هو أن أغلب الملاعب تجاوزت مدة إنجازها سنتين". وخلصت المهمة الاستطلاعية إلى أن الوثائق المسلمة من طرف وزارة الشباب والرياضة كانت "غير كافية بإجماع أعضاء المهمة، بالإضافة إلى وجود تناقض بين بعض الوثائق المسلمة، خصوصا المتعلقة بلائحة الملاعب المقترحة من طرف الجامعة التي أنجزتها وزارة الشباب والرياضة". إشادة بملاعب الجامعة تقرير المهمة الاستطلاعية أشاد بالوثائق والبيانات التي توصل بها من قبل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم حول مختلف الدراسات والأشغال المنجزة لكل الملاعب. ومن خلال اللقاء بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فقد اتضح للمهمة الاستطلاعية "حرص الجامعة على جودة وإتقان إنجاز الأشغال المكلفة بها". وخلص التقرير إلى أن "ملاعب الجامعة تتميز بجودة العشب وحبيبات التعبئة من الصنف الممتاز (EPDM)، في حين تمت تعبئة العشب للملاعب المنجزة من طرف الوزارة بحبيبات المطاط (SBR) التي تنبعث منها رائحة المطاط والتي لها آثار سلبية على صحة اللاعبين، ويبلغ الفرق بينهما في الثمن لكل ملعب ما يناهز 675 ألف درهم، ناهيك عن الفروق في الجودة، وبالتالي الثمن في باقي مكونات العشب والسياج". وأكد التقرير أن الملاعب المنجزة من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أقل تكلفة من تلك المنجزة من طرف وزارة الشباب والرياضة.