قال الدكتور الطيب حمضي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، إن محضر الجمع العام للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء أثار بلبلة كبيرة بسبب خطورة ما جاء فيه من "اقتراحات" تم تغليفها بغلاف "قرارات" منافية لكل القوانين التي تنظم مهنة الطب بالمغرب، بل متجاوزة للقانون المنظم للوظيفة العمومية. وقالت النقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، في بلاغ لها توصلت به جريدة هسبريس، إن السماح لأطباء القطاع العام بالعمل داخل المصحات الخاصة "مخالف للقوانين ويعرض مزاوليه لعقوبات تصل حد التوقيف كإجراء تأديبي وعقوبات قانونية قضائية أكثر ردعا"، مضيفة أن العقوبات تشمل أي مصحة تسمح بمثل هذه الممارسة، وذلك حماية للمواطنين من الممارسة "غير الشرعية والسرية" لمهنة الطب، وحفاظا على المرفق العمومي وحقوق المواطنين الذين يلجؤون إليه للعناية الصحية الملائمة. وأضاف حمضي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن قطاع الصحة يعيش خصاصا مهولا وفادحا في موارده البشرية الطبية والتمريضية، معتبرا خطوة السماح لأطباء القطاع العام بالعمل داخل المصحات الخاصة بمثابة "رصاصة الرحمة في جسد المستشفى العمومي والخدمات الصحية التي تقدمها الدولة للمواطنين في إطار المرفق العام". وتساءل المسؤول النقابي عن الهدف الحقيقي من وراء محاولات إفراغ المستشفى العمومي الذي يعاني أصلا من نقص بل نزيف في الموارد البشرية الطبية، مما سيتسبب في إفلاس الخدمة العمومية وشح الخدمات بها، وإطالة مدد المواعيد التي تبلغ شهرا وأحيانا أزيد من سنة مقابل الفحص أو إجراء عملية أو إجراء فحص بالأشعة. وشدد المتحدث ذاته على أن "الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص هي مفهوم متفق عليه عالميا يستعين فيه القطاع العام بخدمات وتجربة وتمويل القطاع الخاص بهدف سداد الخصاص بالقطاع العام، لا إفراغ القطاع العام من أطره وإمكانياته، على اعتبار أن المريض بالمستشفى العمومي هو من ينتظر شهورا وسنة أحيانا للظفر بالخدمات الصحية والعلاج". وقالت النقابة الوطنية للطب العام، في بلاغها، إنها "تلقت باندهاش واستغراب كبيرين إقدام الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء على صياغة محضر اجتماع بطريقة تخلط بين المقترحات الداخلية لأطباء القطاع العام بالهيئة وتحرير المحضر بشكل يوحي بأن الأمر يتعلق بقرارات تدرك الهيئة ذاتها تمام الإدراك أنها غير قانونية ومتعارضة مع قانون الوظيفة العمومية، ومع قانون ممارسة الطب رقم 131-13، والقانون رقم 08-12 المنظم للهيئة نفسها". ودعت النقابة وزارة الصحة إلى طمأنة الرأي العام بخصوص القوانين المنظمة لممارسة المهنة، وبأنها ما زالت كما هي ولا يمكن المساس بها أو تغييرها من طرف أي جهة إلا عن طريق المشرع وبقوانين جديدة يصادق عليها البرلمان بغرفتيه. وزادت النقابة ذاتها، التي يرأسها الدكتور الطيب حمضي، أنه "يوم يقرر المشرع السماح لموظفي الدولة بممارسة الأعمال بالقطاع الخاص، فإن ذلك سيشمل الأطباء والممرضين والقابلات وتقنيي المختبرات والأشعة وغيرهم من مهنيي الصحة، وكذا باقي الموظفين العموميين من مهندسين وعمال الجماعات وموظفي المالية والقضاة وأطر وموظفي كل القطاعات الحكومية... على قدم المساواة، بل بإعطاء الأسبقية للقطاعات التي لا تعاني من النقص فالأحرى القطاعات التي تعاني خصاصا مهولا كالذي يعانيه قطاع الصحة العمومية". واستغرب المصدر ذاته "اقتراحات" عديدة تعرض الممارسة الطبية للخطر، كاقتراح الترخيص لأطباء بأن يمارسوا الطب بدون أي مقر قانوني، مؤكدا في هذا السياق أن دور الهيئة الاستشاري يتطلب إحالة مشاريع قوانين أو مراسيم أو مقررات عليها للاستشارة وإبداء الرأي فيها، في حين إن الهيئة لم تتوصل بأي مشاريع من هذا القبيل ولم يطلب أحد رأيها في الموضوع. وأوردت النقابة أن "الهيئة لو أرادت المبادرة لتقديم مقترحات من باب الاجتهاد-ولو الخاطئ-كان عليها إخبار الجسم الطبي بشكل مسبق قصد التشاور". ووصفت النقابة الوطنية للطب العام هذه الممارسات ب"غير الشرعية"، وبأنها تسيء للمهنة ولصحة وحياة المواطنين، وتدمر المستشفى العمومي، وتقضي على الحق في الصحة كحق دستوري. وبالتالي، فإن السماح بها وتشجيعها وفتح الأبواب أمامها من طرف بعض المصحات الخاصة، "يعتبر مشاركة فيها وتدميرا للقطاع الطبي الحر، مع ما يرافق ذلك من تبعات ومضاعفات يتحمل المخالفون للقوانين مسؤوليتها". وناشد الدكتور حمضي رئيس الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء إعادة الأمور إلى نصابها احتراما لأدوار الهيئة القانونية واحتراما لكل القطاعات الطبية، معربا عن استعداد النقابة التي يرأسها "للتعاون مع كل النيات الصادقة والحسنة لتجاوز هذه الأزمات المتتالية التي تضرب القطاع الطبي، من خلال تفكير جماعي ومسؤول تكون غايته الدفاع عن نبل ممارسة مهنة الطب والدفاع عن حق المواطنين المغاربة كافة في الاستفادة من خدمات صحية في ظروف إنسانية كريمة وحماية قانونية ومهنية تامة"، وفق صياغة الوثيقة النقابية.