بعد حديث عن تأجيل زيارة الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حلّت فلورنس بارلي، وزيرة الدّفاع والجيوش الفرنسية، اليوم الخميس بالرّباط، حيث التقتْ بعبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئاسة الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، في إطار أوّل زيارة لوزير دفاع فرنسي للمغرب منذ 8 سنوات. وتأتي زيارة المسؤولة الحكومية الفرنسية في ظلّ حديث عن تأجيل زيارة الرّئيس الفرنسي الذي كان من المنتظر أن يحلّ بالرباط في هذا الشّهر، بينما أكّدت مصادر من باريس أنّ "جدول أعمال زيارة الرّئيس ماكرون إلى المغرب ما زالَ قائماً". وتمحورت المحادثات التي جمعت وزيرة الدّفاع الفرنسية لوديي حول التعاون العسكري المشترك وكذا التباحث حول الوضع الأمني بليبيا والساحل الإفريقي. وخلال محادثاتهما، تبادل الجانبان وجهات نظر حول الوضع الأمني الإقليمي، وخاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وقطاع الساحل والصحراء. وتعرفُ العلاقات المغربية الفرنسية نوعاً من البرود الدّبلوماسي، إذ لم يجتمع وزير الخارجية الفرنسي بنظيره المغربي خلال الاجتماع الرئيسي متعدد الأطراف بالجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وتأتي هذه الزّيارة في وقت نقلت شركات تسليح فرنسية بأنّها حصلَت على رخص بيع معدّات حربية لصالح القوات المسلحة الملكية، مكسّرة بذلك هيمنة الأمريكيين على غالبية الصّفقات العسكرية التي تعقدها المملكة. ويرى المحلل السّياسي مصطفى الطوسة أنّ "زيارة وزيرة الدّفاع والجيوش الفرنسية إلى المغرب تكتسي أهمية خاصّة، بالنظر إلى الظرفية التي تجري فيها؛ في وقت قرّرت باريس إعادة النّظر في إستراتيجيتها الأمنية في منطقة السّاحل؛ وزيادة وحدات عسكرية إضافية لمحاربة الإرهاب". ويشير الخبير الإعلامي من باريس إلى أنّ "باريس في طور الاستشارة مع الدول المجاورة لمنطقة السّاحل، بما فيها المغرب الذي تعوّل عليه فرنسا في عمليات محاربة الإرهاب، لما له من خبرات"، مبرزاً أن الزّيارة تأتي بعدما قرَّرت فرنسا اتخاذ منعطف حاد في وجودها العسكري في منطقة الساحل وطريقة محاربتها للجماعات المسلحة. واعتبر الطوسة، في تصريح لهسبريس، أنّ "باريس تحاولُ أن تعرفَ كيف يمكن للمغرب أن ينخرط بزخم أكبر في هذه الحرب الدولية ضدّ الإرهاب"، متوقفاً كذلك عند الأزمة الليبية واستبعاد المغرب من "مؤتمر برلين" الذي ناقش سبل الخروج من الأزمة، بحيث إنّ هذا أوّل لقاء فرنسي مغربي بعد هذا المؤتمر. وزاد الخبير نفسه أن "المغرب احتضن مسلسل الصخيرات، ويؤكد على أنه يجب أن يلعب دورا في إنتاج حل سياسي للأزمة. والأكيد أنّه "ستكون هناك استشارات بين باريس والرباط، خاصة أنّ الاتجاه حالياً يسير نحو إيجاد إطار مغاربي لجمع الفرقاء المتناحرين في ليبيا؛ في أفق الوصول إلى حل متوافق عليه". ويعتبر المحلل ذاته أنّ "هذا الإطار سيكون للمغرب دور مهم فيه، بحيث إنّ الأزمة الليبية تطال الأمن في شمال إفريقيا وسيكون لها انعكاسات على منطقة السّاحل، وهذا في حدّ ذاته يمثّل كابوساً لفرنسا، التي تخشى من أن تفلت الأمور بطريقة واضحة في ليبيا؛ وهو ما سيؤدي إلى تعبيد الطريق أمام الجماعات المسلّحة في منطقة الساحل".