خلص تقرير حديث لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة إلى أن قطاع صناعة السيارات بالمغرب يتمتع بإمكانيات كبيرة للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية، يمكن أن تؤدي إلى ظهور قطاعات صناعية جديدة بشكل يدعم تعزيز وتيرة النمو الاقتصادي وتقويته. وجاء في التقرير، الذي أعدته مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة للوزارة، أن المغرب يُمكن أن يستفيد من هذه الإمكانيات في حالة تحقيق تكيف مستمر مع التحولات الجارية على المستوى العالمي لمواجهة المنافسة التي تزداد حدتها. ووفق التقرير فإن قطاع السيارات العالمي أصبح أكثر تعقيداً، وبات يفرض أربعة تحديات على القطاع المغربي، أولها ضرورة الاستفادة بشكل أكبر من تحويل الإنتاج délocalisation de la production، والاستفادة من القرب الجغرافي من أوروبا؛ ناهيك عن التوجه نحو إفريقيا كبوابة باعتبارها سوقاً مزدهرة. التحدي الثاني يكمن في التركيز أكثر على الاستثمارات والبحث والتطوير وجعل الدارالبيضاء مركزاً إقليمياً في مجال البحث والتطوير في قطاع السيارات؛ وقد نجحت حتى الآن في احتلال المرتبة 12 عالمياً في حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في السيارات. ويتجلى التحدي الثالث في ضرورة اغتنام الفرص الجديدة المتعلقة بالتغيرات في الطلب الخارجي من خلال الاستعداد للطلب المتعلق بالسيارات الكهربائية والهجينة، خصوصاً نحو أوروبا الغربية التي تشكل سوق تصدير رئيسية. في حين يشير التحدي الرابع إلى ضرورة الاستثمار في الرأسمال البشري، من خلال توجيه الشباب نحو مهن مبتكرة وتكوين اليد العاملة على المهارات التكنولوجية المستقبلية، لتعزيز العرض المغربي وتحسين موقعه في سلاسل القيمة العالية في ما يخص السيارات. وتفيد أرقام التقرير بأن صناعة السيارات بالمغرب تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إذ أصبح القطاع المصدر الأول في المملكة بنسبة 26 في المائة من إجمالي الصادرات، ويساهم ب27 في المائة من الشغل الصناعي. ويُعتبر المغرب أول مُنتج للسيارات في إفريقيا وال24 على المستوى العالمي، نتيجة الجهود المبذولة من قبل السلطات العمومية لجلب المستثمرين الأجانب، من مصنعين وموردين. وتفيد توقعات التقرير بأن الطاقة الإنتاجية ستصل سنة 2023 إلى 700 ألف سيارة سنوياً، وهو ما سيُمكن المغرب من تعزيز موقعه على مستوى صناعات السيارات إقليمياً ودولياً. ويستثمر حالياً في المغرب مُصنعان فرنسيان كبيران، هما "بوجو ستروين" الذي يتوفر على مصنع في القنيطرة، و"رونو" في طنجة، إضافة إلى المُصنع الصيني BYD، وهو مشروع لم ير النور بعد. ونجح المصنعان الفرنسيان في المغرب في جلب استثمارات دولية عدة في ما يخص أجزاء السيارات، إذ باتت المنظومة الصناعية متكاملة وتحقق نسبة اندماج تبلغ 60 في المائة.