تستهل منتخبات المغرب وتونس والغابون منافسات الدور الأول ضمن بطولة إفريقيا للأمم 2012، من موقع المترشحين للتنافس على بطاقتي التأهل إلى دور ربع النهاية عن المحموعة الثالثة، في حين سيلعب منتخب النيجر، الذي يشارك لأول مرة في النهائيات القارية، من أجل خلق "مفاجأة تاريخية". وتبدأ الأمور الجدية في هذه المجموعة، التي اعتبرها المتتبعون الأكثر تكافؤا في النهائيات، منذ اليوم الأول (23 يناير) باللقاء المغاربي المرتقب بين "أسود الأطلس" و"نسور قرطاج" في مواجهة أخرى بين كرة القدم المغربية ونظيرتها التونسية بعد سلسلة من اللقاءات خاصة على مستوى الأندية. بيد أن أهمية هذا الديربي تكمن في كون نتيجته ستحدد بشكل كبير مستقبل المنتخبين في مشوار النهائيات، خاصة وأن منتخب الغابون، صاحب الأرض والجمهور، سيقابل في مباراة تبدو على الورق سهلة منتخب النيجر، الذي سيكتشف لأول مرة في مساره الرياضي أجواء النهائيات القارية. كما جرت العادة في جميع المنافسات الرياضية، تكتسي المباراة الأولى، أهمية قصوى بالنسبة للمنتخبات المشاركة المتقاربة المستوى والتي تجمع فيما بينها قواسم مشتركة تتمثل في تحقيق نتيجة الفوز الكفيل وحده بضمان بداية مشجعة ومواصلة المشوار من موقع قوة. وبالنسبة للمنتخب المغربي، الذي لم يخف منذ البداية تطلعاته في إهداء المغرب ثاني لقب قاري في تاريخ مشاركاته، فإنه يبقى مطالبا بمواصلة المستوى التصاعدي الذي بصم عليه خاصة في الدور الإقصائي الثاني حيث وجد إيقاعه وتحسن مردوده سواء التقني أوالتكتيكي أو على مستوى النتائج. ولتكريس هذا المعطى، يتوجب على جميع مكونات النخبة المغربية الحفاظ على المعنويات العالية والروح التضامنية والرغبة الأكيدة في تحقيق الفوز، ما مكنه من تجاوز مرحلة الشك بل واجتياز التصفيات بنجاح. ومن العوامل المساعدة، التي من شأنها أن ترجح كفة "أسود الأطلس" يوم 23 يناير، كون المجموعة تتشكل من عناصر ساهمت بشكل كبير في المشوار الإقصائي وتمتلك خبرة وتجربة في مثل هذه التظاهرات على اعتبار أنها تشارك في ثاني نهائيات قارية، ما يؤهلها لتأطير العناصر الشابة وضمان التوازن ومن بينها على الخصوص مروان الشماخ (أرسنال الإنجليزي) ويوسف حجي (رين الفرنسي) والحسين خرجة (فيورنتينا الإيطالي) وبدر القادوري (سيلتيك الاسكتلندي) . كما أن من شأن توجيه الدعوة لأول مرة لمحمد أمسيف، حارس مرمى فريق أوكسبورغ الألماني، ونور الدين أمرابط (قيصري سبور التركي)، اللذين تألقا بشكل ملفت في الدورة الأخيرة لمسابقة كأس "إل جي 2011" بمراكش، أن يعطي الإضافة المرجوة داخل تشكيلة البلجيكي إيريك غيريتس. وسيكون على غيريتس، الذي اختار أن يقام التجمع الإعدادي الأخير للنخبة الوطنية بمربيا (جنوبإسبانيا) في أجواء هادئة وبعيدا عن الضغط، أن يعمل على تقويم بعض النقائص على مستوى خط الهجوم من خلال تعزيز فاعليته خاصة بعد الفرص العديدة التي تم إهدارها في النصف ساعة الأولى من مباراة الجولة قبل الأخيرة من التصفيات ببانغي أمام منتخب إفريقيا الوسطى ، الشيء الذي كاد ينقلب سلبا على أصدقاء العميد خرجة فيما تبقى من عمر اللقاء الذي انتهى في الأخير بالتعادل (0-0). ويتمثل أول حاجز أمام المنتخب المغربي في هذه النهائيات في منتخب تونس، الذي كان عليه الفوز في آخر مبارياته على ضيفه الطوغولي وانتظار هدية من منتخب التشاد المتعادل مع ضيفه المالاوي، ليضمن البطاقة الثانية عن المجموعة 11 المشكلة من خمسة منتخبات، والساعي لتلميع صورته بعد التصفيات العسيرة ولما لا التوقيع على نهائيات في مستوى تطلعاته لمعانقة ثاني لقب قاري له بعد ذاك الذي تحقق سنة 2004 على أرضه وأمام جمهوره على حساب المنتخب المغربي (2-1). ويبدو أن المدرب سامي الطرابلسي وكتيبته عازمون من خلال البرنامج الإعدادي المبكر والمكثف الذي خضع له "نسور قرطاج" على فترتين امتدت الأولى من 22 دجنبر الماضي وخلالها خاض لقائين وديين بشمال إسبانيا تعادل في الأول بدون أهداف أمام منتخب إقليم كاتالونيا وفاز في الثاني 2-0 على منتخب إقليم الباسك. أما التجمع الثاني، فانطلق في السادس من يناير الجاري بمدينة دبي الإماراتية، والذي تميز هو الآخر بإقامة مباراتين إعداديتين على التوالي أمام منتخبي السودان والكوت ديفوار، المتأهلين بدورهما إلى نهائيات الغابون وغينيا الاستوائية، حيث تفوق في الأولى بثلاثية نظيفة وخسر الثانية 2-0. ويسعى الطرابلسي، الذي توج السنة الماضية بلقب بطولة إفريقيا للأمم للمنتخبات المحلية، لتحقيق الإزدواجية وهو ما دفعه إلى الاعتماد على لاعبين تتوفر لديهم الخبرة والتجربة ككريم حقي (هانوفر الألماني) ومجدي الطراوي وأسامة الدراجي ويوسف لمساكني (الترجي التونسي) وأمين الشرميطي (زوريخ السويسري) وعصام جمعة (أوكسير الفرنسي). كما اعتمد على بعض الوجوه الشابة والجديدة ومن بينها على الخصوص حارس المرمى معز بنشريفية المتوج مؤخرا مع فريقه الترجي بطلا لدوري أبطال إفريقيا. ومع ذلك، يبدو أن مهمة المنتخبين المغاربيين لن تكون سهلة مع تواجد صاحب الأرض والجمهور منتخب الغابون إلى جانبهما في نفس المجموعة والذي سيعمل على إحراج منافسيه مستفيدا من الدعم الشعبي اللامشروط وكذلك من توفره على عناصر بإمكانها خلق الفارق ومن بينها ديديي أوفونو إيبانغ، حارس مرمى فريق لومان الفرنسي، والمهاجمون إيريك مولونجي (نيس الفرنسي) وبيير إيمريك أوباميانغ (سانت إيتيان الفرنسي) والمخضرم دانييل كوزين (سابينس الغابوني)، إلى جانب المدافعين موييس برو أبانغا (بريست الفرنسي) وبرونو إيكويل مانغا (لوريان الفرنسي) ولاعب وسط الميدان أندري بيوجو بوكو (بوردو الفرنسي). كما سيعمل المدرب الألماني جيرنوت روه على الاستفادة من الطاقات الشابة المتمثلة في المدافع الشاب ريمي إيبانيغا (أ. س. بيتام)، الذي أحرز مع منتخب الغابون لقب بطولة إفريقيا للأمم لأقل من 23 سنة، التي أقيمت ما بين 26 نونبر و10 دجنبر الماضيين، بمدينتي طنجة ومراكش. أما منتخب النيجر، الذي يعتبر الحلقة الأضعف في المجموعة الثالثة، على الرغم من خلقه لمفاجأة من العيار الثقيل والتي تمثلت في تأهله إلى النهائيات عن المجموعة السابعة وعلى حساب منتخبات عريقة على الساحة القارية كمصر، حامل اللقب سبع مرات، الثلاثة الأخيرة متتالية، وجنوب إفريقيا. بيد أنه ورغم المفاجأة الكبيرة التي فجرها المنتخب النيجيري في التصفيات، فإن مواصلة المغامرة في النهائيات يتطلب جهدا أكبر من الفريق خاصة وأن النجاح في الإقصائيات اعتمد نسبيا على إخفاق المنافسين والتقصير في أدائهم.