أحدث التصريح الذي أدلى به المحامي محمد زيان بشأن الواقعة المعروفة إعلاميا ب "حنان بنت الملاح"، الذي اعتبر فيه أن توجيه الاتهام إلى من قام بتسجيل وقائع جريمة التعذيب والاغتصاب والقتل التي تعرضت لها الشابة حنان يدخل في باب "تمييع القضية"، جدلا واسعا في أوساط خبراء القانون الإلكتروني الذين يرون أن "من قام بتسجيل مشاهد العنف الجنسي أو الجسدي يعتبر مرتكبًا لنفس الجريمة الأصلية". في هذا الصدد، قال فؤاد بنصغير، خبير مستشار في القانون الإلكتروني، إن "ما يعتبره المحامي زيان تمييعا للقضية أصبح جريمة متفشية في المجتمع المغربي، لا تقل خطورة على جريمة اقتراف أفعال التعذيب والاغتصاب والقتل التي تعرضت لها الضحية"، موردا أن "السنوات الأخيرة اتسمت بتطور الهواتف النقالة التي أصبحت تقريبا كلها مزودة بكاميرات رقمية، وتعميم الهواتف الذكية وازدهار شبكات التواصل الاجتماعي". وفي ردٍ قانوني على المحامي سالف الذكر توصلت به هسبريس، أضاف بنصغير أن "الشبكات الاجتماعية عرفت استخدامات غير مشروعة، بحيث أصبحت وسيلة لاقتراف عدة أنواع من الجرائم تمس بحقوق الأشخاص، عرض كثير منها أمام أنظار المحاكم المغربية"، موردا أن "من بين هذه الجرائم، نجد جريمة الإيذاء المبهج الممثلة في تسجيل ونشر مشاهد العنف الجنسي أو الجسدي باستخدام الوسائط الإلكترونية". ويُدرج الأستاذ الجامعي جريمة الاعتداء على حنان بنت الملاح ضمن قائمة الجرائم الحديثة التي ارتبطت بوسائل الاتصال الإلكتروني، مؤكدا أن "الفعل يفاقم الأضرار التي تتعرض لها المجني عليها إن هي ظلت على قيد الحياة، أو أسرتها إن هي فارقت الحياة كما في حالة حنان، نظرا إلى أن الصور ومقاطع الفيديو التي يتم تسجيلها ونشرها تتم مشاهدتها من قبل الملايين من الأشخاص، وقد تظل موجودة على شبكة الإنترنت لملايين السنين، فتحرم الضحية أو أسرتها من الحق في النسيان الذي أصبح من حقوق الإنسان الرقمية الأساسية". وشدد المكوّن في القانون الإلكتروني على أن "احترام كرامة الإنسان تقتضي ألاّ يتم تسجيل أو نشر أو استضافة أو حتى مشاهدة على شبكة الإنترنت، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل هذه المشاهد التي تمس بكرامة الإنسان بشكل سافر"، مضيفا: "أمام خطورة هذه الجريمة، تدخل المشرع الفرنسي الذي أصدر بتاريخ 05 مارس 2007 قانونا للوقاية من الإجرام أحدث بموجبه جريمة الإيذاء المبهج من خلال الفصل 222-33-3 من القانون الجنائي". تبعا لذلك، يُقدم الخبير بنصغير للمحامي زيان مقترح مادة جديدة ينبغي إضافتها لمجموعة القانون الجنائي من أجل تجريم هذه الأفعال الإجرامية، قائلا: "من قام بتسجيل مشاهد العنف الجنسي أو الجسدي (في هذه النازلة العنف الذي مورس على الضحية جنسي وجسدي معا) يعتبر مشاركا، وبالتالي مرتكبا لنفس الجريمة الأصلية". ويتضمن النص المقترح من الأستاذ الجامعي أيضا ما يلي: "من قام بالاطلاع على شريط فيديو من هذا النوع قبل نشره على العموم (كأن يطلعه عليه مرتكب الجريمة أو أحد الأغيار)، دون أن يكون قد حضر للواقعة ولم يبلغ عنها، يعتبر مرتكبا لجريمة عدم الإبلاغ عن جريمة". "من اطلع على شريط فيديو يوثق لمشاهد العنف الجنسي أو الجسدي على شبكة الإنترنت أو قام بتحميله أو أبدى إعجابه به (J'aime) أو قام بمشاركته مع الغير (partager) على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبر مرتكبا لجريمة الإخفاء (Recel)"، بتعبير المصدر عينه. وهكذا، يورد الخبير في القانون الإلكتروني أن "من قام بنشر مشاهد العنف الجنسي أو الجسدي على العموم على الإنترنت، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبر كذلك مشاركا؛ وبالتالي مرتكبا لنفس الجريمة الأصلية"، مشيرا إلى أنه "يبرأ كل من قام بتسجيل (دون النشر) مشاهد العنف تلك لغاية وحيدة، وهي تمكين سلطات إنفاذ القانون من الدليل المادي لارتكاب الجريمة الأصلية من أجل المتابعة الجنائية لمرتكب أو مرتكبي هكذا جرائم".