إجرام جديد أصبح يعرفه المغرب وبات يتطور بشكل ملحوظ، إنه توثيق مشاهد الاعتداءات المختلفة بتقنية الفيديو، والهدف نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لا التبليغ عنها.. الظاهرة استفحلت كثيرا في الآونة الأخيرة، وأجمعت الآراء على اعتبارها مشاركة في الجريمة وجب تطبيق القانون الجنائي بخصوصها، إلا أن هذا الأخير لا يعتبرها كذلك، ولا يتوفر للأسف على أي بند يدين ما يسمىّ ب"التسجيل والنشر الرقمي لمشاهد العنف". أعادت فاجعة "حنان" وفيديو الاعتداء الوحشي عليها وقائع ماضية مشابهة، حيث وثقت جرائم لاعتداءات أغلبها جنسية وضحاياها نساء بفضاءات مختلفة: فتاة الحافلة، وفتاة بنكرير القاصر، وغيرهنّ من الحالات التي اكتفى فيهم الموثقون للجرم بالتصوير ثم النشر، دون عناء التدخّل أو محاولة مساعدة شخص يصارع الموت أمام أعينهم. محمد أقديم، رئيس جمعية المحامين بالمغرب، اعتبر، في تدخلّه القانوني بخصوص تصوير فيديو تعذيب واغتصاب وقتل حنان، أن الشخص الذي كان يصور الجرم بهدف نشره لا التبليغ عنه هو أيضا "مجرم مشارك، إذ كان الأجدر به أن يتدخل ويحاول منع الجاني من فعلته الفظيعة، لا تصوير ذلك ومشاركته". ويضيف أقديم، في معرض حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "فظاعة المشاهد كانت تدعو المصوّر إلى التدخل، على الأقل أن يستنجد إذا لم تكن له القوة لردع المعتدي"، مؤكّدا على ضرورة متابعته ب"المشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار، لأنه لم يقدم مساعدة لشخص في حالة خطر والمعاقب عليها بموجب القانون الجنائي". ومن المعلوم أن المجتمع بكل فئاته وشرائحه هو من يشاهد تلك المقاطع، لذلك وحسب المحامي لا بدّ من التدخل بقوة القانون وبمقتضيات زجرية رادعة لمثل هذه الأفعال، ليكون "المجرم المشارك بالتصوير" درسا لكل من سوّلت له نفسه تصوير وتوثيق الجرائم البشعة بهدف نشرها في الوقت الذي كان بإمكانه التدخل وإحداث تغيير. من جهته، عبر الخبير القانوني شكيب الخياري عن أسفه كون الفعل المتعلق بتسجيل وبث صور الاعتداء على الأشخاص لا يطاله التجريم في المغرب، إذ إنه لا يكون أمام النيابة العامة سوى متابعة الشخص الذي قام بالتصوير بتهمة "الإمساك عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر"، والتي ينص عليها الفصل 431 من مجموعة القانون الجنائي"، وبجريمة "عدم التبليغ عن جريمة" المنصوص عليها في مجموعة من الفصول من ذات القانون، مشيرا إلى أن التشريع الجنائي الفرنسي يعاقب على هذه الجريمة منذ سنة 2007 بمقتضى المادة 3-33-222 ويعتبرها مشاركة في الجريمة المصورة ولها نفس عقوبتها فيما نشر ذلك فيعاقب بالحبس لمدة خمس سنوات و75000 يورو كغرامة. وأكّد الخيّاري، في تصريحه لهسبريس، أن الأمر يعتبر قصورا من قبل المشرع المغربي، ويستدعي تدخلا للإحاطة بما يعرفه مجال الإجرام من تطور متسارع، خصوصا أن القانون لا يسمح بمعاقبة شخص عن فعل لا يعد جرما بصريح النص التشريعي.