من التّعاون الأمْني لاعتقال رضوان تاغي، أحد أخطر المجرمين الدّوليين في تجارة المخدّرات، إلى تسهيلِ تنقّل وفدٍ هولندي إلى منطقة الرّيف، لزيارة بيت ناصر الزّفزافي، قائد حراك الرّيف، يَستمرُّ المغربُ في إظهارِ حسن نيّتهِ للجانبِ الهولندي لطيّ صفحة الخلافِ بين الرّباط وأمستردام، والذي دامَ لسنواتٍ. ويواصلُ المغرب مسار "المهادنة" مع الجانب الهولندي بعد شهور من الأزمة، كان باعثها الأول قضية البرلماني السّابق سعيد شعو، الذي تتهمه الرّباط بجناية تكوين عصابة إجرامية والارتشاء والاتجار بالمخدرات على الصّعيد الدولي، بالإضافة إلى التورّط في ملفّ "حراك الريف"، الذي يتبنّاهُ برلمانيون هولنديون بشكلٍ صريحٍ. وترفضُ السّلطات الهولندية تسليم البرلماني المغربي الفار من العدالة، بينما رأت صحافة "بلاد الطواحين" أن لهذا المعطى عواقب على التعاون القضائي والأمني مع المغرب، خاصة في ظلِّ استمرار التوتر مع الرباط بسبب اعتقالات الريف، إذ "لا يبدو أن السلطات المغربية تسْعى إلى إيجاد حلّ نهائي للملف". وبدا واضحاً أن الرّباط تسعى إلى احتواء الوضع، وعدمِ المغامرة بعلاقتها مع "نيدرلاند"، إذ سمحت لوفدٍ هولندي يترأسه برلمانيون بزيارة بيت ناصر الزفزافي، رغم التّوجس الكبير الذي يطبعُ تعاطي السّلطات مع مثل هذه المبادرات الخارجية. وقبلَ ذلك عبّر الجانب الهولندي عن امتنانهِ للتعاون المثمر مع المصالح الأمنية المغربية، ما مكن من تحديد مكان تواجد المجرم الهارب رضوان تاغي. وتبقى منْ أسباب التَّوتر الدبلوماسي بين الرباطوأمستردام قضية طلب تسليم البرلماني السابق سعيد شعو، المقيم بهولندا، والحامل للجنسية الهولندية، الذي تتَّهمُه السلطات المغربية بلعب دور أساسي في شبكات تهريب المخدرات الدولية، بالإضافة إلى ملف "حراك الريف" الذي يتبنّاهُ برلمانيون هولنديون صراحة، وهو ما يزعجُ السلطات المغربية. وسبق للرباط أن رفضت استعادة المغاربة طالبي اللجوء المرفوضين من قبل سلطات أمستردام، وفق ما كشفته وزيرة الدولة للأمن والعدل للبرلمان الهولندي، أنكي بروكرز نول. وقالت المسؤولة الحكومية الهولندية إنها "غير مرحّب بها" في الرباط، مضيفة أنها طلبت عقد لقاء مع المسؤولين المغاربة للحديث عن استعادة المواطنين المغاربة الذين رفضت طلبات لجوئهم؛ لكن طلبها رُفض من قبل وزارة الخارجية وتم إلغاء الزيارة. ويبدو أن رد فعل الدبلوماسية المغربية جاء رداً على تدخل الخارجية الهولندية في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية، إثر رفع وزير الخارجية الهولندي تقريرا رسميا إلى برلمان بلاده بشأن تطورات ملف حراك الريف ومعتقلي الحسيمة؛ وهو ما اعتبرته الرباط "موقفاً سلبياً صارخاً ضد المملكة المغربية، إذ إن التقرير يتضمن بعض الأكاذيب وتقييمات خاطئة ومجانبة للواقع". كما سبق لوزارة الخارجية المغربية أن قررت تعليق لقاء ثنائي كان سيجمع ناصر بوريطة بنظيره الهولندي، على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة المتواصلة في نيويوركالأمريكية السنة الماضية. وقبل ذلك، استدعت الخارجية المغربية ديزيري بونيس، سفيرة هولندا في الرباط، بعد تصريحات هولندية رسمية بخصوص الأحكام الصادرة في حق معتقلي الريف.