في وقت تعيش مدينة الدارالبيضاء، وكذا المحمدية، أزمة واضحة في ملف قطاع النظافة، انتقلت العدوى إلى الجماعة الحضرية للدروة، المحسوبة على إقليمبرشيد، التي صارت بدورها تعاني من ويلات انتشار النفايات وسط خلافات بين أعضاء المجلس الجماعي وحقوقيين بالمنطقة. وخرجت جماعة الدروة، قبل أيام، لتعلن عقد دورة استثنائية في العاشر من الشهر الجاري، تتضمن نقطة وحيدة تتعلق بالدراسة والموافقة على اتفاقية التدبير المفوض لمرفق جمع النفايات المنزلية والمشابهة لها، في خطوة تروم القضاء على انتشار هذه النفايات. وأثارت مسألة توجه الجماعة، التي تربطها علاقة قوية بالدارالبيضاء، إذ تعد مكانا للاستقرار بينما غالبية سكانها يقصدون العاصمة الاقتصادية من أجل العمل، نحو التدبير المفوض لقطاع النظافة لأول مرة غليانا واسعا في صفوف منتخبين وفعاليات المجتمع المدني. وانتفض حزب العدالة والتنمية، المتواجد في المعارضة، والذي يتوفر على أكبر عدد من المستشارين، معلنا رفضه التصويت على هذه الاتفاقية وتفويت تدبير القطاع لشركة "أوزون"، إذ أورد في بيان له: "هذه الاتفاقية جاءت مجسدة بشكل جلي لكل التخوفات التي عبرنا عنها في مختلف الدورات التي ناقشت هذا الملف، ومن خلال خطورتها على مستقبل المدينة قررنا التصويت بالرفض، في حين اختارت الأغلبية التصويت ضد مستقبل المدينة، مختبئة وراء توجيهات جهات خارجية". وشدد الحزب على أن رفضه هذه الاتفاقية يرجع إلى كون "القيمة المالية للتدبير المفوض تصل إلى مليار و30 مليونا، وتقترب من ثلث ميزانية الجماعة التي لا أفق لتحسين مداخيلها"؛ ناهيك عن أن هذه القيمة "قابلة للارتفاع مع تزايد التجزئات والتجمعات المأهولة بالسكان". واستنكر "إخوان العثماني" في بيانهم تعذر المجلس المسير في تمرير العديد من القرارات التي ترفضها الساكنة، وعلى رأسها التدبير المفوض، بأنها قرارات من جهات عليا، مشيرا إلى أن إغفال المجلس قضية المطرح في الاتفاقية "دليل على غياب رؤية واضحة من الأغلبية لإيجاد حل جدي ونهائي يستجيب لمطالب الساكنة". وخرجت جمعيات المجتمع المدني بمدينة الدروة، مساء الأحد، في وقفة احتجاجية للتنديد بهذه الصفقة التي تعتبرها "مشبوهة"، قبل أن تتعرض للمنع من طرف السلطات المحلية التي عملت على وقفها. واتهم جمعويون بالدورة السلطات المحلية بتعنيف المحتجين والعمل على تمزيق اللافتات التي كان يرفعها حاضرون لهذه الوقفة، مشددين على أنهم سيستمرون في الاحتجاج وسينقلون الأمر إلى اجتماع دورة المجلس بعدما قرر عامل برشيد التراجع عن استقبالهم. وقال إبراهيم البوكريشي، رئيس مجلس المجتمع المدني لتتبع التدبير المحلي بمدينة الدروة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "نحن كساكنة ضد التدبير المفوض في قطاع النظافة الذي كان المجلس الجماعي يدبره وينفق فقط 350 مليون سنتيم، في حين سيستقدم شركة لها ماض أسود ويمنحها مليارا و30 مليون؛ مع العلم أن هذا المبلغ الكبير لا تدخل ضمنه أحياء عديدة". ولفت المتحدث نفسه إلى أن الجمعيات "قدمت تصريحا للسلطات في الباشوية والعمالة ووزارة الداخلية حول الاختلالات"، مردفا: "كما أن برنامج عمل الجماعة لا يتضمن أصلا التدبير المفوض، والأحزاب الموجودة في التسيير لا تتضمن برامجها الانتخابية التي تقدمت بها نقطة متعلقة به". وحمل الحاضرون للوقفة الاحتجاجية السلطات المحلية في باشوية الدروة مسؤولية "المجزرة الحقوقية"، موردين: "نحمل المسؤولية إلى باشا الدروة والسلطة المحلية والقوات المساعدة بسبب اعتداءات طالت المحتجين". ودعا هؤلاء، في بيان لهم عقب منعهم من لدن السلطات، باشا مدينة الدروة إلى "تسخير القوة العمومية في تحرير الملك العمومي ومحاربة أوكار المخدرات عِوَض مواجهة المجتمع المدني الذي يدعو الملك محمد السادس إلى إشراكه في التنمية المحلية". ورد رئيس المجلس الجماعي للدروة، محمد البوعمري، على ما ذهب إليه مستشارو حزب العدالة والتنمية وفعاليات المجتمع المدني بكون "قرار التدبير المفوض تمت المصادقة عليه منذ ثلاث سنوات وليس اليوم"، مشيرا إلى أن القرارات تبقى بيد المجلس والأغلبية. وبخصوص احتجاج ورفض جمعيات المجتمع المدني في الدروة لهذه الصفقة، شدد رئيس المجلس في تصريح للجريدة على أنها "ليست هي التي تمثل الساكنة، وإنما المستشارون".