واصلت اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد، برئاسة شكيب بنموسى، جلسات الاستماع للنقابات والأحزاب السياسية باستقبال نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل السبت في الرباط. وقدم وفد النقابة، الذي ترأسه كاتبها العام عبد القادر الزاير، إلى لجنة بنموسى مذكرةً تضمنت رؤيتها للنموذج التنموي الجديد الذي يسعى المغرب إلى تبنيه. وحسب نص المذكرة، فإن النموذج التنموي الذي تتصوره النقابة يجب أن يكون محمولاً على إصلاحات جوهرية ومقدمات أساسية. وتضم الإصلاحات الجوهرية، وفق النقابة، إجراء حوار وطني شامل لوضع أسس الإصلاحات الدستورية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإرساء دعائم ومرتكزات بناء ديمقراطية حقيقية تضمن السيادة الشعبية. كما دعت مذكرة النقابة إلى الفصل بين المال والسلطة وربط المسؤولية بالمحاسبة وفصل حقيقي للسلط مما يُمكِّن المؤسسات من ممارسة أدوارها باستقلالية. وطالبت المذكرة أيضاً بإرساء دعائم عقد اجتماعي جديد، وإقرار الحريات العامة والفردية ووقف المتابعات للنشطاء والنقابيين والسياسيين عبر إصدار عفو عام وشامل لكافة معتقلي الحراكات الشعبية في البلاد. المرتكز الاقتصادي في الجانب الاقتصادي، أكدت النقابة للجنة بنموسى أن المغرب بحاجة إلى إعادة بناء اقتصاد وطني قوي وعادل ومختلط ومنتج ومتضامن ورفيق للبيئة ينبني على اختيارات تعطي الدور المحوري للدولة كفاعل استراتيجي في المجال التنموي. كما تعتقد النقابة أن هناك ضرورة لمحاربة تمركز الثروة، وأن يكون خلقها مُحركاً اقتصادياً ومُراكِماً للاستثمار المنتج والخالق لفرص الشغل. واقترحت النقابة أيضاً إنشاء بنك عمومي للاستثمارات العمومية والخاصة لتمويل الاستثمارات ذات البعد الاجتماعي التي لم يتم تمويلها من طرف البنوك. وتضمنت مذكرة المركزية النقابية مقترحات أخرى من بينها تنويع الاقتصاد الوطني من خلال أقطاب منسجمة ومتكاملة بين القطاعين العام والخاص والاقتصاد التضامني والاجتماعي، ومحاربة اقتصاد الريع ووضع حد لكل الامتيازات والرخص والاحتكارات. الأمن الطاقي أفردت النقابة حيزاً مهماً للأمن الطاقي في مذكرتها، حيث اعتبرت أن ضمانه من المسؤوليات الأساسية للدولة من خلال اعتماد مقاربة شمولية تستهدف أمن واستقرار البلاد. وجاء في المذكرة أن على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في استئناف تكرير البترول في مصفاة سامير بالمحمدية، التي توقفت عن الاشتغال منذ سنة 2015 بسبب تراكم ديونها، للتحكم في سعر الطاقة البترولية، إضافة إلى تنظيم التكامل والتنافس بين المنتوج الوطني والاستيراد مع خلق وكالة وطنية لتقنين سوق المحروقات. المدخل الاجتماعي يعتبر المدخل الاجتماعي، في نظر النقابة، جوهر كل رؤية تنموية شاملة عبر التأسيس للعدالة الاجتماعية من خلال رافعات عديدة؛ وهي التربية والتكوين والحماية الاجتماعية والخدمات العمومية. وتؤكد المذكرة على أهمية الحوار الاجتماعي في ضمان الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي والتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية. وفي هذا الصدد، دعت النقابة إلى الوقوف على نتائج الاتفاقات الوطنية الأربع التي وقعتها الحكومات مع النقابات وأرباب العمل، لرصد عناصر ضعفها ومحدوديتها. يشار إلى أن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي سبق أن عقدت اجتماعات مع ممثلي كل من حزب العدالة والتنمية، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الاستقلال، وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، والاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وكانت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن قرارها تنظيم جلسات استماع واسع ومنفتح للمؤسسات والقوى الحية للأمة والمتضمنة للأحزاب والنقابات والقطاع الخاص والجمعيات، في إطار روح الانفتاح والبناء المشترك؛ بهدف جمع مساهمات وآراء جميع الأطراف المدعوة إلى هذه العملية. وأشارت اللجنة الخاصة إلى أنها ستوفر، في الإطار التشاركي نفسه، منصة رقمية لتلقي وتجميع مختلف المساهمات والأفكار التي يتقدم بها المواطنون من أجل إغناء النقاش والتصورات. وستقوم اللجنة أيضًا بتنظيم مجموعة من اللقاءات الميدانية للاستماع للمواطنين ولمختلف مكونات المجتمع المغربي، على أساس تقديم تقرير للملك في يونيو المقبل.