شرعت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، أول أمس الخميس، في الاستماع إلى الأحزاب السياسية بخصوص تصوراتها للنموذج التنموي الذي تستعد اللجنة برئاسة شكيب بنموسى إلى رفع تقرير بشأنه إلى جلالة الملك صيف السنة الجارية، حيث عقدت اللجنة في هذا السياق مجموعة من اللقاءات مع عدد من قادة الأحزاب السياسية، وذلك في إطار لقاءاتها مع الفاعلين السياسيين والنقابيين ضمن خطة تواصلية ستتواصل حتى الأربعاء المقبل. وفي هذا الإطار، عقدت اللجنة أولى اجتماعاها مع حزب العدالة والتنمية، والذي قدم للجنة مذكرة الحزب المتعلقة بالنموذج التنموي الجديد، حيث يقوم تصور الحزب، وفق المذكرة، على ثلاثة مداخل أساسية؛ يتعلق الأول منها بأن الحزب “لا يتصور نموذجا تنمويا جديدا متميزا يضع حدا لاختلالات النموذج الحالي ومحدوديته، دون الاستناد إلى القيم المجتمعية الجامعة والأصيلة”، والثاني المضي قدما “إلى النهاية وبدون تردد” في الخيار الديمقراطي، والثالث يتمثل في تعزيز نظام الحكامة الذي نص عليه الدستور، وذلك بالنظر لأهميته في الدفع بعجلة التنمية ووضع حد للاختلالات والمساهمة في محاربة اقتصاد الريع. من جهة أخرى عقدت اللجنة لقاء مماثلا مع حزب الاتحاد الاشتراكي، حيث أكد الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر في تصريح للصحافة عقب اجتماعه مع اللجنة، أن الحزب انطلق من خمسة مرتكزات أساسية لإعداد تصوره للنموذج التنموي، والتي يعتبر مدخلها الأساس تعزيز الديمقراطية، باعتبارها شرطا جوهريا لتحقيق التنمية. وأبرز أن الحزب قدم في إطار الشق المؤسساتي مقترحات عدة، لاسيما في مجال ضمان توازن السلط وقيامها بدورها وفقا لدستور 2011، وضمان تجديد النخب والكفاءات السياسية، وذلك من منطلق أنه “لا ديمقراطية بدون أحزاب ولا أحزاب بدون مواطنين مقبلين على العمل الحزبي”، مؤكدا أن الحزب يعتبر أن مسألة الحداثة “أساسية”، شأنها شأن قضية المساواة التي تتيح جعل نصف المجتمع يضطلع بدوره على الوجه الأكمل. من جانب آخر، أكد الأمين لحزب الاستقلال، نزار بركة، أن بلورة النموذج التنموي الجديد يجب أن يرتكز على إحداث قطيعة مع اقتصاد الريع والامتيازات، ونهج حكامة قائمة على الفاعلية والشمولية، مبرزا في تصريح للصحافة عقب الاجتماع مع اللجنة برئاسة بنموسى، أنه تم خلال هذا اللقاء تقديم مضامين المذكرة التي أعدها الحزب بهذا الخصوص، والتي “نعتبر فيها أن النموذج الحالي بلغ حده، ولا يمكن أن نستمر في السياسات نفسها، ومن الضروري أن تكون هناك قطائع أساسية من أجل الولوج للنموذج التنموي الجديد”. وأبرز بركة في هذا الصدد أهمية التركيز على “القطيعة المرتبطة بالانتقال من مجتمع اقتصاد الريع والامتيازات إلى مجتمع تكون لأفراده نفس الحقوق والواجبات”، وكذا “الانتقال من حكامة مبنية على الزبونية والمحسوبية إلى حكامة ترتكز أساسا على الفاعلية والاستهداف والشمولية والاندماجية في السياسات المطبقة”، مشددا على ضرورة “تقوية التماسك الاجتماعي وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية”، مضيفا “نريد أن تكون لأبناء الفقراء إمكانية للارتقاء الاجتماعي، ونريد أن نوسع الطبقة الوسطى ونقويها عوض أن نضعفها كما نرى اليوم”. وخلص بركة إلى التأكيد على ضرورة الاستثمار في الموارد البشرية، وتعزيز قدرات المقاولات والمؤسسات والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والنقابات، مشددا أيضا على ضرورة تدبير الموارد النادرة بكيفية عقلانية خصوصا بالنسبة للماء والعقار والموارد المالية لتحقيق مردودية أكثر، فضلا عن الاقتصاد في استهلاك هذه الموارد الحيوية خدمة لمصلحة الأجيال القادمة. وفي السياق ذاته، واصلت اللجنة المكلفة بإعداد تصور للنموذج التنموي، لقاءاتها مع الفاعلين السياسيين والنقابيين، إذ عقدت أمس الجمعة بالرباط ثاني اجتماع، خصص لممثلي حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، كما عقدت بعد ظهر أمس لقاء مع قيادات بنقابة الاتحاد المغربي للشغل، في حين ينتظر أن تعقد اليوم السبت لقاء آخر مع مسؤولي نقابات الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديموقرطية للشغل. وكانت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي قد أعلنت الأسبوع الماضي عن قرارها تنظيم جلسات استماع واسع ومنفتح للمؤسسات والقوى الحية للأمة المتضمنة للأحزاب والنقابات والقطاع الخاص والجمعيات، في إطار روح الانفتاح والبناء المشترك، وذلك بهدف جمع مساهمات وآراء جميع الأطراف المدعوة إلى هذه العملية. كما أشارت اللجنة الخاصة إلى أنها ستوفر، في نفس الإطار التشاركي، منصة رقمية لتلقي وتجميع مختلف المساهمات والأفكار التي يتقدم بها المواطنون من أجل إغناء النقاش والتصورات. وستقوم اللجنة، أيضا، بتنظيم مجموعة من اللقاءات الميدانية للاستماع للمواطنين ولمختلف مكونات المجتمع المغربي، رغبة منها في توطيد روح التفاعل والانفتاح الذي يميز عملها.