بعد الخروج المبكر والمهين للمنتخب المغربي لكرة القدم من الدور الأول لبطولتي كأس أمم أفريقيا 2006 و2008 والفشل في بلوغ نهائيات بطولة 2010 بأنغولا وكأس العالم 2006 بألمانيا و2010 بجنوب أفريقيا، ساد الاعتقاد بأن شمس أسود الأطلس قد غابت وأنها غدت أسودا لا زئير لها. ولكن مع نجاح الفريق في التأهل بجدارة إلى نهائيات العرس الأفريقي لعام 2012 في الغابون وغينيا الاستوائية وظهوره بمستوى جيد في التصفيات، عادت الثقة من جديد لأسود الأطلس وأكدوا أن فريقهم ما زال أحد القوى الكروية في القارة السمراء، وأنه قادر على الفوز باللقب الثاني في تاريخ مشاركاتهم في النهائيات. ويتمتع أسود الأطلس بحضور قاري كبير، فهم يشاركون في نهائيات البطولة للمرة الرابعة عشر، لكنهم لم ينجحوا في إحراز اللقب إلا مرة واحدة عندما استضافت إثيوبيا النهائيات عام 1976، وأقيمت منافسات الدور النهائي بنظام الدوري من دور واحد بين جميع الفرق المشاركة ليحصل المنتخب المغربي على أكبر عدد من النقاط. وخلال 20 بطولة تالية على مدار أكثر من ثلاثة عقود، فشل المنتخب المغربي في الفوز باللقب رغم وصوله إلى نهائيات كأس العالم ممثلا للقارة السمراء أكثر من مرة. وكان أفضل إنجاز آخر له هو الوصول للنهائي عام 2004 بتونس حيث كان المرشح الأقوى للفوز، ولكن عاملي الأرض والجمهور لعبا دورهما لصالح المنتخب التونسي الذي فاز وقتها باللقب الأول في تاريخه. وفي باقي البطولات الأفريقية التي شارك فيها، كان الخروج من الدور الأول هو نصيب الفريق في أعوام 1972 و1978 و1992 و2000 و2002 و2006 و2008، بينما وصل الفريق لدور الثمانية في بطولة 1998 وخرج من الدور قبل النهائي في بطولات 1980 و1986 و1988. ولذلك سيكون طموح المغرب في بطولة 2012، بعد الإخفاق في 2008، هو الفوز بلقب البطولة أو على الأقل الوصول للمباراة النهائية لأن أي نتائج أخرى تعني أن أسود الأطلس لا زالوا يعانون من أزمة حقيقية وليست كبوة جواد طارئة. المسيرة للنهائيات وشق المنتخب المغربي طريقه إلى النهائيات بعد تصدره المجموعة الرابعة في التصفيات أمام منتخبات أفريقيا الوسطى والجزائر وتنزانيا، رغم نجاح جاره الجزائري في السنوات الثلاث الماضية في الظهور بشكل جيد وبلوغ نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. واستهل أسود الأطلس مسيرتهم في التصفيات بشكل متواضع للغاية بالتعادل السلبي على ملعبهم مع منتخب أفريقيا الوسطى، ولكنهم حققوا الفوز 1-صفر على مضيفهم التنزاني في المباراة الثانية قبل أن ينهزموا أمام مضيفهم الجزائري 0-1، لكنهم انتفضوا في جولة الإياب وحققوا انتصارا مدويا 4-صفر على الجزائر ثم تعادلوا سلبيا في أفريقيا الوسطى قبل الفوز 3-1 على تنزانيا. ورغم نجاح المدرب الوطني بادو الزاكي في قيادة الفريق إلى نهائية 2004، وجد مسؤولو الاتحاد المغربي للعبة أن من الأفضل العودة للاستعانة بالمدربين الأجانب بعد الوطنيين الزاكي ومحمد فاخر. وبعد فترة من تذبذب مستوى أسود الأطلس بقيادة المدرب الفرنسي الكبير روجيه لومير، وجد الاتحاد المغربي للعبة ضالته المنشودة في المدرب البلجيكي إيريك غيريتس المدير الفني السابق لأولمبيك مرسيليا الفرنسي والهلال السعودي، والذي تولى المسؤولية بعد بداية مسيرة الفريق في التصفيات نظرا لارتباطه بعقد مع الهلال. نسق تصاعدي ونجح غيريتس في إعادة التماسك والترابط بين لاعبي الفريق على مدار الفترة الماضية ليتدرج مستوى الفريق تصاعديا من مباراة لأخرى في التصفيات. وبعد أن علقت الجماهير أملها في الماضي على لاعب واحد فقط هو المهاجم الشاب مروان الشماخ نجم هجوم أرسنال الإنجليزي، أصبح هناك من يآزره حاليا مثل يوسف حجي نجم رين الفرنسي وحسين خرجة قائد فريق ونجم فيورنتينا، ويعلق عليهما غيريتس آمالا كبيرة في خططه. ويمثل الشماخ وحجي اثنين من أبرز اللاعبين في القارة الأفريقية. ورغم انتمائهما لعائلتين مغربيتين هاجرتا إلى أوروبا، أكد اللاعبان ولاءهما وإخلاصهما لبلدهما الأصلي وقررا الانضمام للمنتخب المغربي. ورغم وقوع المنتخب المغربي في المجموعة الثالثة متوسطة المستوى، واتجاه معظم الترشيحات لصالحه والمنتخب التونسي لحجز بطاقتي التأهل، يدرك أسود الأطلس أن من الخطأ الوقو في الاستسهال وعدم تكرار تجربة 2008 في غانا عندما خرجوا من الدور الأول رغم تواضع مستوى منافسيهم. ويدرك المنتخب المغربي جيدا أن مباراته الافتتاحية مع المنتخب التونسي يوم 23 يناير الحالي ستكون الأصعب، وستحسم بشكل كبير موقف الفريق في النهائيات القادمة قبل مواجهتيه التاليتين أمام الغابون المضيف والنيجر.