يبدو أنّ برنامج تجديد حظيرة سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة، الذي وضعته الحكومة، لا يزال أمامه مسار طويل من أجل بلوغ أهدافه؛ فبالرغم من أن البرنامج انطلق منذ سنة 2013، فإنّ عملية تجديد أسطول سيارات الأجرة بصنفيْها لم تتعدّ، إلى حد الآن، 54 في المائة، حسب المعطيات التي قدمها نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين أمس الثلاثاء. ووفق المسؤول ذاته، فإنّ عدد سيارات الأجرة القديمة التي تمّ تجديدها بلغ 41 ألف سيارة من الصنفين الكبير والصغير، أي ما يقارب 54 في المائة من أسطول سيارات الأجرة بالمملكة؛ ضمنها 25 ألف سيارة أجرة من الصنف الكبير، و16 ألف سيارة أجرة من الصنف الصغير. وأشار الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، في جوابه سالف الذكر، إلى أنّ عملية التجديد مكّنت من القضاء على "مرسيدس 240"؛ وهي أقدم أنواع السيارات التي كانت مستعملة بكثرة من طرف أصحاب سيارات الأجرة الكبيرة. ويهدف برنامج تجديد حظيرة سيارات الأجرة إلى تحسين ظروف العمل والدخل بالنسبة إلى المهنيين، وتخفيض استهلاك الوقود، وتخفيض باقي تكاليف الاستغلال، خاصة فيما يتعلق بتكاليف الإصلاح والصيانة، وتحسين جودة الخدمات وظروف تنقل المواطنين المستعملين لسيارات الأجرة، والحد من الآثار البيئية السلبية الناجمة عن سيارات الأجرة القديمة والمساهمة في تحسين مؤشرات السلامة الطرقية. وتبلغ قيمة منحة تجديد سيارات الأجرة التي تستوفي شروط الاستفادة، وفق ما هو منشور في بوابة إلكترونية أنشأتها وزارة الداخلية لهذا الغرض، في 80 ألف درهم (8 ملايين سنتيم) بالنسبة إلى الصنف الأول، عن كل سيارة أجرة يتم سحبها من السير بصفة نهائية ووضعها رهن إشارة الوكيل المسوق بهدف تحطيمها واستبدالها بسيارة جديدة. أما سيارات الأجرة الصغيرة، فقد حُددت منحة تجديدها في 30 في المائة من ثمن المَركبة الجديدة، على ألا تتجاوز القيمة المالية 35 ألف درهم، عن كل سيارة أجرة قديمة يتم سحبها من حظيرة سيارات الأجرة من الصنف الثاني واستبدالها بسيارة جديدة مرخص لها من طرف الإدارة. وبالرغم من هذه "الإغراءات" المالية التي قدمتها الحكومة إلى أصحاب سيارات الأجرة من أجل تجديدها، فإنّ نسبة مهمة من المهنيين المشتغلين في هذا القطاع لم ينخرطوا بعد في هذه العملية، نتيجة أسباب أبرزها العراقيل التي تطرحها مأذونيات النقل، والتي لا يزال المهنيون يعانون من الإشكاليات الكثيرة التي تطرحها. في هذا الإطار، أوضح محمد نجيب، عضو المكتب الوطني لنقابة الوطنية لسيارات الأجرة، أنّ المأذونية أو "الكْريما" تأتي على رأس العراقيل التي تحُول دون انخراط المهنيين في تجديد سياراتهم، نظرا للغموض الذي يلفّ علاقة الكاري والمكتري، إذ يرفض عدد من أصحاب المأذونيات منْح الموافقة لصاحب سيارة الأجرة من أجل تجديدها. وأوضح المتحدث ذاته أنّ صاحب سيارة الأجرة الراغب في تجديد سيارته يتعيّن عليه، حين يضع طلب الاستفادة من منحة التجديد، أن يضمّن الملف وثيقة تبيّن ما إن كان هو صاحب المأذونية، وفي هذه الحالة يدلي بوثيقة التصريح بالشرف، أو ما إن كان مكتريا للمأذونية، حيث يتعين عليه أن يدلي بالعقد النموذجي الذي يربطه مع صاحب المأذونية؛ وهو ما يتعذّر على عدد من أصحاب سيارات الأجرة تقديمه، نظرا لرفض أصحاب المأذونيات. ثمّة أيضا إشكال آخر يعدّ من الأسباب الرئيسية لعدم انخراط نسبة كبيرة من المهنيين في تجديد حظيرة سيارات الأجرة، وهو وفاة صاحب المأذونية، حيث يجب صاحب سيارة الأجرة نفسه، في حال تقدَّمه بطلب تحويل المأذونية، قصْد الاستفادة من منحة تجديد سيارته، أمام صعوبات تتجلى في الصراعات بين ورثة صاحب المأذونية المتوفي؛ ما يجعل الكثير من المهنيين ينأْون بأنفسهم عن الخوض في هذه المساطر. وتمّ تخصيص غلاف مالي بقيمة مليارين ونصف المليار درهم لتجديد حظيرة سيارات الأجرة، إلى غاية سنة 2017، وستستمر عملية التجديد إلى غاية 31 دجنبر 2021، حسب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، مشيرا إلى أنّ عدد طلبات التجديد التي توجد الآن لدى الإدارة المعنية يصل إلى خمسة آلاف طلب. ولتجاوُز الإشكال الذي يطرحه عدم وضوح العلاقة التي تجمع بين أصحاب المأذونيات والمهنيين، قال محمد نجيب إنّ هناك حلّا فيه مصلحة للجميع، مهنيين وأصحاب المأذونية وحتى الدولة، وهو إسناد المأذونيات إلى السائقين المهنيين، وإحداث صندوق تسهر على تسييره الدولة، تُوضع فيه السومة الكرائية للمأذونيات، مؤكدا أنّ هذه العملية ستوفر الحماية للسائقين المهنيين، مع ضمان حقوق أصحاب المأذونيات الأصليين، فضلا كون الصندوق سيُفيد الدولة والاقتصاد الوطني.