"عندما تكون مخطئا فلن تجد غير الكلام الجارح لتفرض رأيك" .. غاندي تخبرنا كتب التاريخ عن شخصيات سياسية متغطرسة ومتعالية أرادت بفعل مركزها أو نفوذها المالي أن تفرض وجودها غصبا بمزاجيات تنهل من قواميس التوضيع والإذلال. هذه الشخصيات غالبا ما تترامى على مجالات بعيدة عن مدركاتها ونطاق اهتماماتها. وحين يطأ قدمها إحدى المجالات التي لم تكن في حسبانها يخال لها وبغطىرستها أنها امتلكت كل الحق في نفث سمومها متى شاءت. هذا النوع من القادة السياسيين يرون في أنفسهم أنهم المثال، وأنهم الأرفع والأسمى، وأن الآخرين أدنى منهم مرتبة ومنزلة ولا يستحقون سوى الازدراء. هذه الشخصيات الطاوُوسية تظهر بين الفينة والأخرى في المشهد السياسي المغربي وتطفو كما تطفو قطعة قماش بالية في بركة ماء متعفن، تغرف من قاموس السفاهة ما يندى له الجبين، إنها في واقع الأمر أسوأ مثال عن ابتذال السياسة في بلادنا وتعميق فقدان الثقة في الأحزاب وفي المؤسسات وإشاعة العدمية ضمن صفوف مختلف الفئات. أن تصل الرداءة السياسة ببعضهم حد التحريض على الحلول محل المؤسسات المكلفة برعاية الأمن وتطبيق القانون والتشدق في ذلك بالدفاع عن المؤسسات والمقدسات، فهذا معناه زوغ خطير عن المهام الأساسية للأحزاب والتي تتجلى في التأطير والتكوين، ودليل على أن عمودها الفقري قد ترهل وأصابه التشوه وأن شبيه هذه التصريحات ما هي إلا تعبير عن الإفلاس السياسي لهذا الحزب رغم مظاهر البهرجة التي يحاولون عن طريقها إخفاء عوزهم الأيديولوجي ونفاذ ذخيرتهم الفكرية. طينة أخرى من الأحزاب تضخمت الأنا لدى بعض قياداتها وأبدعت في الأشكال الطاووسية النرجسية حد "التهدريز" والدخول والخروج في الكلام ونوع من الاستيهامات المُقرفة حد اعتبار نفسها وصية على المعتقد الديني للمغاربة، تتكلم عن الدين وكأنه ملك مُحفْظ لدى حزبها، سلاحها الوحيد هو إشهار ورقة التكفير وغياب الوازع الديني، لتنهل بذلك من القاموس "الدعشوشي" ما تشاء. هذه المخلوقات الحزبية لا تختلف عن الأخرى بحيث تتقاسم معها ضمنيا المنهج نفسه في التحريض والتهييج. أنه بالتأكيد الإفلاس السياسي، حيث أن أمثال هؤلاء الساسة يجهلون بالتأكيد ماهية السياسة ويعتبرونها حقلا لتحقيق الذات والملاسنة ومناصبة العداء لفئات من الشعب عوض مناصرتها والدفاع عن مطالبها .