قالت ورقة بحثية صادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إن "تمدد الصراعات المسلحة العربية، واندلاع الاحتجاجات الشعبية، وتعثر تطبيق اتفاقات الوحدة الوطنية، وسيطرة الميلشيات المسلحة على أجزاء من أقاليم الدولة الوطنية"، عوامل "ساهمت في انتشار الأسلحة بمختلف أنواعها، بحيث تحولت، في كثير من الأحيان، إلى سوق رائجة، وليست سوقاً سوداء كما كان الأمر في فترات سابقة". وأضافت الورقة أن "هذا الأمر يضعف بدرجة أكبر مناعة الاستقرار الإقليمي، نظراً لوجود مسببات أخرى تتعلق بتدخلات الأطراف الإقليمية غير العربية في الشؤون الداخلية للدول العربية وتشكل اقتصاديات موازية، من جماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الرخوة، ورغبة القوى الدولية، سواء الولاياتالمتحدة أو روسيا أو الصين أو الدول الأوروبية، في تصدير أسلحتها للمناطق المشتعلة، ويقع الشرق الأوسط في القلب منها". وعزت الورقة انتشار الأسلحة إلى "استهداف الجيوش النظامية مواقع عسكرية للقوى المناوئة، ففي ليبيا مثلا أعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في 13 ديسمبر الجاري، استهداف مواقع عسكرية في مدينة مصراتة، فضلاً عن تدمير شحنات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمدرعات والمعدات العسكرية المتنوعة". وفي اليمن، يضيف المصدر ذاته، "ميلشيا المتمردين الحوثيين تحرص على دعم مخزونها العسكري، بما يمكنها من مواجهة قوات الشرعية والتحالف العربي ويعزز من سيطرتها الميدانية"، حيث قال المستشار منصور المنصور، المتحدث الرسمي باسم الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن، في مؤتمر صحفي في 17 ديسمبر الجاري، إن "معلومات وردت إلى قوات التحالف تفيد بسيطرة ميلشيات الحوثي على مبنى الإدارة العامة للأدلة الجنائية في العاصمة اليمنية صنعاء، لاستخدامه لدعم العمليات العسكرية وكمخزن للأسلحة". ونبهت الورقة إلى "انتشار محلات بيع الأسلحة في بؤر الصراعات المسلحة العربية: فعلى سبيل المثال، تشهد العاصمة اليمنية صنعاء انتشاراً كبيراً لمحلات بيع الأسلحة بمختلف أنواعها، وهو ما تغذيه الثقافة اليمنية المعززة لامتلاك السلاح للدفاع عن النفس والتفاخر الاجتماعي. وفي هذا السياق، تشير العديد من وسائل الإعلام المحلية اليمنية والعربية إلى ازدياد ظاهرة تجارة وبيع السلاح في الأسواق الشعبية والأماكن العامة بعد اقتحام العاصمة وسقوطها بيد ميلشيا المتمردين الحوثيين". وانتقدت الورقة البحثية "تعقد حسم الترتيبات الأمنية في المراحل الانتقالية: وينطبق ذلك على الحالة السودانية بعد سقوط نظام عمر البشير وتقاسم السلطة بين المجلس العسكري والقوى المدنية (وفي القلب منها قوى الحرية والتغيير) في غشت الماضي لبدء مرحلة الانتقال السياسي من الثورة إلى الدولة". وأردف المصدر أن "قوى مجتمعية تستغل أجواء الفوضى بعد استمرار الاحتجاجات الشعبية، ولعل العراق حالة معبرة عن ذلك؛ إذ شهدت ساحة الوثبة الواقعة وسط بغداد، في 12 ديسمبر الجاري، حادثة قتل شخص وإحراق منزله وتعليق جثته على أحد أعمدة الكهرباء، بعد مقتل 5 متظاهرين بالرصاص".