دعا صندوق النقد الدولي المغرب إلى تسريع الإصلاح الضريبي واحتواء كتلة الأجور لتخفيض نسبة الدين العام إلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي. وكان المغرب نظم في ماي الماضي المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات؛ التي من المرتقب أن تعتمد الحكومة قانون إطار لإصلاح النظام الضريبي الحالي بناءً على توصياتها. وجاءت دعوة صندوق النقد الدولي إلى تسريع الإصلاح الضريبي عقب إكمال مجلسه التنفيذي للمراجعة الثانية لترتيبات خط التحوط والسيولة للمغرب. واعتبرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن تقرير هذه المراجعة يؤكد من جديد "أهلية المغرب لخط الوقاية والسيولة". وكان النقد الدولي وافق على عقد اتفاق مع المغرب للاستفادة من "خط الوقاية والسيولة" بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي في دجنبر 2018، ومن المقرر أن ينتهي في 16 دجنبر من سنة 2020. ولم تسحب المملكة أي مبلغ من الموارد التي يُتيحها هذا الخط، بحيث تسعى إلى إبقائه خطاً وقائياً يمكن أن تلجأ إليه في حالات استثنائية، مثل ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي تستوردها من الخارج. وفي نظر الصندوق، فإن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها المملكة "سليمة وأساسياتها الاقتصادية متينة"، لكنه شدد على ضرورة تسريع تنفيذ الإصلاح الضريبي وضبط كتلة الأجور الخاصة بالموظفين العموميين لخفض نسبة الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط. ودعا النقد الدولي المغرب أيضاً إلى "الحفاظ على أولوية الاستثمارات الاجتماعية والنفقات الاجتماعية الضرورية، ومتابعة الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتعزيز مستوى النمو، وخفض بطالة الشباب وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وتقليل التفاوتات المجالية". وقال ميتسوهيرو فوروساوا، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، إن المغرب "حقق خطوات كبيرة في تعزيز مرونة اقتصاده في السنوات الأخيرة"، لكنه أشار إلى أن "النشاط الاقتصادي ضَعُف بسبب انكماش الإنتاج الفلاحي، في حين ظل التضخم منخفضاً". ويتوقع النقد الدولي أن يتسارع النمو في المغرب تدريجياً على المدى المتوسط، لكنه حذر من أن التوقعات "لازالت عرضة للمخاطر السلبية، بما في ذلك التأخير المحتمل في تنفيذ الإصلاح والبيئة الخارجية"، وزاد: "وسيستمر اتفاق الوقاية والسيولة في توفير تأمين ضد المخاطر الخارجية ودعم السياسات الاقتصادية للبلاد". كما قال صندوق النقد الدولي إن "السلطات المغربية مُلتزمة بالحفاظ على سياسات سليمة"، واعتبر أن "البرنامج الاقتصادي للحكومة يظل متماشياً مع الإصلاحات الرئيسية المتفق عليها بموجب خط الوقاية والسيولة، بما في ذلك تقليل مواطن الضعف في الميزانية وتعزيز الأسس لتحقيق نمو أقوى وأكثر شمولاً". وقال فوروساوا في تصريح صحافي حول وضعية المغرب: "بالنظر إلى تباطؤ ضبط الميزانية، فإن من الضروري تسريع الإصلاحات الضريبية واحتواء فاتورة كتلة الأجور. ويجب أن يهدف الإصلاح الضريبي الشامل إلى ضمان إيرادات مناسبة، مع تحسين عدالة وبساطة النظام الضريبي". وبخصوص إصلاح نظام سعر صرف الدرهم الذي بدأه المغرب العام الماضي، قال فوروساوا إن "الانتقال إلى نظام أوسع من شأنه أن يُعزز قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص الصدمات والحفاظ على قدرته التنافسية الخارجية". وأكد المسؤول في النقد الدولي أن البيئة الاقتصادية الحالية مواتية وتوفر فرصةً سانحةً لتنفيذ إصلاح نظام سعر صرف الدرهم بطريقة متسلسلة ومتواصل بشأنها بشكل جيد. واعتبر المسؤول ذاته أن اعتماد قانون جديد خاص بالبنك المركزي المغربي سوف يزيد من تحسين صلابة القطاع المالي، من خلال معالجة نقاط الضعف في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاستمرار في جعل مهمة الإشراف أكثر توجهاً نحو المخاطر والتوقعات. ويرى النقد الدولي أن التقدم المُحرَز من طرف المغرب في تحسين مناخ الأعمال لازال يحتاج إصلاحات مستدامة لزيادة النمو والحد من ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، كما يرى أن "إصلاحات التعليم والحكامة وسوق العمل يمكن أن تسهم في تحقيق المزيد من النمو وخلق فرص عمل أكثر من طرف القطاع الخاص".