يواصل المغرب الامتثال لمطالب الاتحاد الأوروبي فيما يخص محاربة التهرب الضريبي طبقاً للالتزامات التي قدمها سابقاً للحيلولة دون تصنيفه ضمن اللائحة السوداء للملاذات الضريبية التي قد تهدد علاقة أي بلد مع أوروبا. وقبل أشهر، قدم المغرب عدداً من التعهدات لصالح الاتحاد الأوروبي من خلال منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وقد التزم بتطبيقها قبيل نهاية السنة الجارية على أبعد تقدير. وبدأ المغرب تطبيق هذه الالتزامات بدءا بقانون مالية 2020 الذي جرت المصادقة النهائية عليه الأسبوع الجاري، والذي يتضمن مراجعة للوضع الاستثنائي للمستثمرين في المناطق الصناعية الحرة والقطب المالي للدار البيضاء. وبالإضافة إلى ما سبق، اعتمد المغرب اتفاقيتين دوليتين صادق عليهما المجلس الوزاري برئاسة الملك قبل أيام، من خلال مشروع قانون رقم 76.19 الذي يوافق بموجبه على الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد الموقع من طرف المملكة المغربية. ويشير هذا النص، الذي سيُحال على البرلمان لاعتماده، إلى أن الحكومة المغربية، ممثلةً بوزارة الاقتصاد والمالية، قامت بالتوقيع يوم 25 يونيو على هذه الاتفاقية باعتبار المملكة دولة عضوا في معاهدة المساعدة الإدارية المتبادلة في الميدان الضريبي التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ويشكل هذا الاتفاق نموذجاً لإطار قانوني ذي طابع دولي يسمح للدول الأعضاء بممارسة الشفافية في المجال الضريبي، ويُمكِّن إداراتها الضريبية بولوج المعلومات حول التوزيع العالمي للأرباح والضرائب المدفوعة ومؤشرات معينة من موقع النشاط الاقتصادي لمجموعات الشركات متعددة الجنسية، وذلك بفضل التبادل الآلي للتصاريح السنوية لكل بلد. ويستند هذا الاتفاق في مرجعيته، حسب نص المشروع، إلى أحكام معاهدة المساعدة الإدارية المتبادلة في الميدان الضريبي التي تسمح لطرفين أو أكثر، عن طريق سلطاتهم المختصة، بالتبادل الآلي للمعلومات لأغراض ضريبية. ولتنزيل هذا الاتفاق، تعمل الدول الأعضاء فيه على احترام القواعد التي تنص على التعاون فيما بينها، والسرية، وحماية البيانات، وسن القوانين التي بموجبها تفرض على الكيانات المعنية ضرورة إيداع التصريح. أما مشروع القانون الثاني الذي اعتمده المجلس الوزاري، فيحمل رقم 75.19 ويهم اتفاقية تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالاتفاقيات الضريبية لتفادي تآكل القاعدة الضريبية ونقل الأرباح، التي وقعها المغرب في 25 يونيو الماضي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى ضمان فرض الضرائب على الأرباح التي تحققها الأنشطة الاقتصادية، وضرورة ضمان التنفيذ السريع والمنسق لتدابير تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح ذات الصلة بالمعاهدات متعددة الأطراف. وتشير الاتفاقية إلى مجموعة من الأحكام من قبيل عمليات نقل أرباح الأسهم، ومكافحة إساءة الاستخدام للمنشآت الدائمة الواقعة في ولايات قضائية ثالثة، وتطبيق الاتفاقيات الضريبية من أجل تقييد حق أي طرف في إخضاع المقيمين فيه للضريبة. وبالإضافة إلى ما سبق، ستتيح هذه الاتفاقيات للمغرب، حين دخولها حيز التنفيذ، التوصل بشكل آلي بكل المعطيات والمعلومات المتعلقة بالمغاربة الذين أنشؤوا ممتلكات أو أموالا خارج البلاد بطريقة مخالفة لقانون الصرف والمقتضيات الضريبية. كما يُرتقب أن تفرج الحكومة على قانون إطار خاص بالنظام الضريبي الجديد الذي جاء كخلاصة للمناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، وسيتضمن هو الآخر إجراءات إضافية للامتثال للمعايير الدولية المطلوبة في الاتحاد الأوروبي لمحاربة التهرب الضريبي والملاذات الضريبية التي لا تستجيب للمنافسة الشريفة بين الدول. وستعمل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي تضم أكثر من 30 دولة عبر العالم، على التعاون بين الاقتصادات لمواجهة التهرب الضريبي وامتثال الدول للقوانين الدولية لضمان ألا تضيع الموارد الجبائية من بلد إلى بلد بسبب التحفيزات الضريبية.