بدون دبلوم .. الحكومة تعترف بمهارات غير المتعلمين وتقرر إدماجهم بسوق الشغل        أرباب المقاهي والمطاعم يحشدون لوقفة احتجاجية ضد الغرامات والذعائر    الأسبوع الوطني التاسع للماء..تسليط الضوء على تجربة المغرب الرائدة في التدبير المندمج للمياه بأبيدجان    "الشجرة التي تخفي الغابة..إلياس سلفاتي يعود لطنجة بمعرض يحاكي الطبيعة والحلم    الفيضانات تتسبب في إلغاء جائزة فالنسيا الكبرى للموتو جي بي    مركز يديره عبد الله ساعف يوقف الشراكة مع مؤسسة ألمانية بسبب تداعيات الحرب على غزة    أتلتيكو مدريد يمنع تسعة مشجعين من حضور المباريات مدى الحياة    قمة متكافئة بين سطاد المغربي ويوسفية برشيد المنبعث    الحكومة تقترح 14 مليار درهم لتنزيل خارطة التشغيل ضمن مشروع قانون المالية    تحسين أجور الموظفين والأجراء في صلب مناقشة تفصيلية لمشروع قانون المالية        "تسريب وثائق حماس".. الكشف عن مشتبه به و"تورط" محتمل لنتيناهو    قرار مجلس الأمن 2756.. تأكيد للزخم الدولي المتزايد الداعم لمغربية الصحراء وكشف لتناقضات الجزائر وعزلتها    مناخ الأعمال في الصناعة يعتبر "عاديا" بالنسبة ل72% من المقاولات (بنك المغرب)    نُشطاء يربطون حل إشكالية "الحريك" بإنهاء الوضع الاستعماري لسبتة ومليلية    عبد المومني يُشيد بتطور "ما قبل المحاكمة".. ومصدر أمني يستعرِض الضمانات    "البذلة السوداء" تغيب عن المحاكم.. التصعيد يشل الجلسات وصناديق الأداء    حزب أخنوش يفشل في استعادة رئاسة جماعة مكناس وينهزم أمام الأحزاب الصغيرة    الرياضة المدرسية المغربية تتألق بالبحرين …    الأميرة للا حسناء تدشن بقطر الجناح المغربي "دار المغرب"    غيبوبة نظام الكابرانات تكشف مهازل استعراضات القوة غير الضاربة    "كلنا نغني": عرض فني يعيد الزمن الجميل إلى المسرح البلدي بالعاصمة التونسية    مسؤول أمريكي: المغرب دعامة حقيقية للأمن والاستقرار في إفريقيا    فؤاد عبد المومني في أول تصريح له بعد إطلاق سراحه: ما تعرضت له هو اختطاف (فيديو)    ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في إسبانيا إلى 205 على الأقل    صدور عدد جديد من مجلة القوات المسلحة الملكية    البيضاء تحيي سهرة تكريمية للمرحوم الحسن مكري    البطولة: أولمبيك آسفي يتنفس الصعداء بعد الانتصار على شباب السوالم    منْ كَازا لمَرْسَايْ ! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    عالمي: المغرب يحقق أعلى معدل لاستقطاب السياح        حصيلة القتلى الإسرائيليين في غزة ولبنان    ارتفاع حصيلة القتلى في فيضانات إسبانيا لأزيد من 200 ضحية    الدار البيضاء.. ثلاث رصاصات لتوقيف شخص واجه الشرطة بمقاومة عنيفة    اختتام الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي النسخة 45    مقتل 47 فلسطينيا وإصابة العشرات إثر غارات إسرائيلية على وسط غزة    ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا فى إسبانيا    اشتباك دموي في مدينة فرنسية يخلف 5 ضحايا بينها طفل أصيب برصاصة في رأسه    عمر هلال: الجزائر ودي ميستورا يغفلان أن المغاربة أقسموا على عدم التفريط في صحرائهم    إحباط عملية لتهريب أزيد من 63 ألف قرص مهلوس بمعبر بني انصار    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    الأشعري يناقش الأدب والتغيير في الدرس الافتتاحي لصالون النبوغ المغربي بطنجة    الفتح يعلن إستقبال الوداد بمدينة المحمدية    بعثة تسبق المنتخب المغربي إلى الغابون للاطلاع على مقر الإقامة وملاعب التداريب    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    مالك صحيفة "هآريتس" العبرية يصف الفلسطينيين ب"مقاتلي الحرية" ويدعو إلى فرض عقوبات على إسرائيل    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‪الأراضي السلالية باشتوكة.. رصيد عقاري ينتظر تنزيل أسباب النجاح‬

تُعدّ الأراضي السلالية ملكية للجماعات السلالية، تسيرها عنها وزارة الداخلية من خلال الوصاية، وتتميز بكونها غير قابلة للحجز ولا للبيع، باستثناء للدولة، والجماعات المحلية، والمؤسسات العمومية والجماعات السلالية. وتقدر المساحة الإجمالية لهذه الأراضي ب 15 مليون هكتار، تشكل الأراضي الرعوية منها نسبة تفوق 85 في المائة، تشغل بصفة جماعية من طرف ذوي الحقوق، وتوظف أهم المساحات المتبقية في النشاط الفلاحي، في حين يتم توزيع حق الانتفاع من الأراضي الجماعية الفلاحية بين ذوي الحقوق من طرف جمعية المندوبين أو النواب طبقا للأعراف والعادات وتعليمات الوصاية. كما يمنع على الخواص التصرف في هذه الأراضي بالبيع وغيره من أشكال التصرف في الملكية الخاصة.
وتؤطر الأراضي السلالية عموما قبل سنة 2019 نصوص قانونية منظمة لتصفيتها، طالما اشتكى المتتبعون عيوبا جوهرية شابتها، أهمها بناؤها في فترة الاستعمار، وعدم تنصيصها على تساوي المرأة والرجل في الحقوق، ومركزية القرار في يد الوصاية بالرباط. وتجاوزا لهذا الوضع، تتابعت مبادرات متكاملة في اتجاه التسوية، بما يضع حلا واقعيا ومنصفا للملف، واكبته جهود أعلى سلطة بالبلاد والدولة والمجتمع المدني والأكاديميين والحقوقيين والبرلمان من خلال أيام دراسية وندوات ومناظرات. وكان الحدث الأبرز في هذا المسار افتتاح السنة التشريعية أكتوبر 2018، إذ أثنى الملك على المجهود الذي تم لتمليك أراضي الري، وأمر بتعميم العملية على الأراضي البورية، أي تمليكها لذوي الحقوق.
واستكمالا للتشريعات الرامية إلى طي كل الانشغالات والإشكالات التي ترافق تدبير الأراضي السلالية، صادق البرلمان بغرفتيه، في يوليوز 2019، على ثلاثة قوانين محالة من الحكومة، اعتبرها متتبّعون ثورة حقيقية في الملف، إذ تجاوزت عيوبا في التشريعات السابقة، وتحصن هذه الثروة العقارية بشكل غير مسبوق.
وفي هذا الصدد، وبإقليم اشتوكة آيت باها، حيث تُعد الجماعتان الترابيّتان سيدي بيبي وآيت اعميرة المعنيّتان بالأمر، فقد سبق أن أصدر وزير الداخلية في أكتوبر 2016 قرارا يقضي بتحديد لوائح ذوي الحقوق في الأراضي السلالية بالجماعتين، والواقعة بدوائر الري بإقليم اشتوكة أيت باها. كما صدر في يوليوز 2018 مرسوم لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بمثابة التحديد النهائي للأراضي الجماعية بآيت عميرة وسيدي بيبي.
وفي هذا الصدد، أورد النائب البرلماني عن دائرة اشتوكة آيت باها، محمد لشكر، أن "أراضي آيت عميرة وسيدي بيبي لا ينطبق عليها التعريف السابق، لعدة اعتبارات، أهمها وجود عقد بيع اشترى بموجبه أعيان المنطقة باسم السكان هذه الأراضي من المولى إسماعيل سنة 1103 هجرية، أي منذ أكثر من ثلاثة قرون، يتضمن الثمن وتفاصيل دقيقة تجعله وثيقة عدلية قوية، تجعل مصطلح أراضي الأجداد بدل أراضي الجموع هو الأنسب؛ غير أن الدولة تعاملت دوما مع هذه الأراضي على أنها جموع أو سلالية، ما يعني في نظرها أنها ليست ملكية خاصة لذويها، الذين تعتبرهم ذوي حقوق، ليس لهم إلا الانتفاع بحقوق الزراعة والرعي، في حين أن لكل متر من هذه الأراضي مالكا انتهت إليه بالبيع أو الهبة أو الإرث وكافة أشكال التصرف الفردي لشخص في ملكيته الخاصة".
هي إذن حزمة قوانين وتشريعات وإرادة من أعلى سلطة في البلاد من أجل تجاوز ما شاب القوانين السابقة من نقص، وما شمل ملف هذه الأراضي من اختلالات تدبيرية. وهكذا، يقول النائب البرلماني محمد لشكر، فإن "القوانين الجديدة تؤطر الأراضي السلالية في عموم المملكة، مع التسطير على أن وضعية الأراضي بآيت عميرة وسيدي بيبي قطعت أشواطا مهمة في الاتجاه الصحيح، الذي يكرس الملكية للساكنة"، وزاد: "أصدر المحافظ الإقليمي للأملاك العقارية شهادة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأراضي حفظت نهائيا للساكنة. وقد استثنت هذه الشهادة مركزي الجماعتين والأراضي المتوفرة على وثائق التعمير، كالدواوير، إذ هي معدة للتعمير، في حين تخصص الأراضي الواقعة في دوائر الري بموجب مشروع تحلية مياه البحر للمشاريع ذات الطابع الفلاحي".
ويرى النائب البرلماني محمد لشكر أن "التحدي يبقى الآن في المرور إلى التمليك الفردي بعد تحقق التمليك الجماعي، وهذا يضع المسؤولية التاريخية على الساكنة باليقظة والتعاون إنجاحا للورش، وعلى مجلس الوصاية الإقليمي بالتدبير الحكيم للمرحلة من خلال التسريع بتنقيح لوائح ذوي الحقوق، ووضع آلية مؤسساتية ديمقراطية مؤهلة شفافة نزيهة مشخصة في المجلس النيابي وفق منطوق المادة 10 من القانون 62.17، والتي تحدد مدة انتداب نائب الأراضي الجماعية في ست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، دون التفريط في المحاسبة الفورية والصارمة لكل المتلاعبين في أراضي الأجداد، بدءا بفتح تحقيق آني نزيه لا يهمل إرجاع الحق لذويه ممن تم انتزاع واغتصاب أراضيهم أو تفويتها بالطرق غير القانونية لأهداف نفعية ضيقة".
كثير من متتبعي هذا الملف اعتبروا أن أراضي آيت اعميرة وسيدي بيبي باشتوكة آيت باها لا يسري عليها مفهوم الأراضي السلالية، وبالتالي لا يمكن معالجتها كما الأراضي السلالية في مناطق أخرى من المغرب. وفي هذا الإطار قال عبد السلام موماد، عن المركز المغربي لحقوق الإنسان باشتوكة: "شهد ملف تدبير أراضي الجموع بإقليم اشتوكة تطورات هامة في الآونة الأخيرة، إذ تفاعلت فيه المستجدات الأخيرة لمقاربته على الصعيد المركزي مع منهجية الإدارة الإقليمية في إطار مقاربة هادئة وجريئة، وذلك انطلاقا من قناعة واضحة تتمثل في ضرورة الحسم مع عدد من الممارسات غير القانونية التي كبّلت هذا الرصيد العقاري لسنوات، وتثمينه وتوظيفه في رؤية تنموية شاملة تهدف إلى المحافظة عليه وضمان مكتسبات ذوي الحقوق في مجال السكن والولوج إلى العقار، بالإضافة إلى إضفاء الصيغة القانونية على مجموعة من المشاريع الاستثمارية المقامة على هذه الأراضي".
ويرى الفاعل الحقوقي أن "المقاربة الجديدة ستمكن من إعطاء نفس جديد للاستثمار الخاص والعمومي من خلال تصفية العقار وتثمينه وفتحه أمام المنافسة، والقطع مع مجموعة من الممارسات التي ساهمت في تعطيل هذا الرصيد العقاري، واستنزافه بالمضاربات والبيوعات غير القانونية، والتجزيء السري والبناء غير المنظم، وهو ما جعل المدبر العمومي والجماعات الترابية في مواجهة عدد من الإشكالات في مجال تدبير قطاعات التعمير وتنظيم المجال ومواكبة الضغط على البنيات الأساسية، وتزايد الخصاص في المرافق والخدمات الأساسية، في سلسلة متوالية من النتائج السلبية الناجمة في جزء كبير منها عن التدبير السيئ لأراضي الجموع، وهي وضعية سيتم الحسم معها بشكل نهائي في إطار هذه المقاربة الجديدة".
وبجماعتي سيدي بيبي وآيت اعميرة، طالب عبد السلام موماد ب"ضرورة الإسراع في تنزيل القوانين الجديدة، وإنجاح هذا الورش في شقه الاقتصادي والاجتماعي، مع التنويه بالمقاربة الشجاعة والمتدرجة التي اعتمدتها الإدارة الإقليمية في معالجة ملف أراضي الجموع، ومراعاة خصوصية هذا الملف، وطمأنة الساكنة المحلية وذوي الحقوق والمستثمرين، وتفهم الكثير من انتظاراتهم وهواجسهم، ومواجهة عدد من الأصوات المغرضة التي تهدف إلى التشويش على هذا الورش، من خلال الترويج للمغالطات وسوء الفهم في صفوف الساكنة".
تجاوز عدد من الممارسات غير القانونية التي رافقت تدبير ملف أراضي الجموع بالجماعتين سالفتيْ الذكر تقتضي التحسيس والتواصل مع ذوي الحقوق وعموم الساكنة والمستثمرين حول مختلف مستجدات الملف، وإشراكهم في مختلف المبادرات، وصولا إلى قناعة حاسمة هي أن قطار ورش الإصلاح الشامل لأراضي الجموع قد انطلق بإقليم اشتوكة ايت باها، عبر مجموعة من المحطات، ويجب تعبئة جهود مختلف المتدخلين لإنجاحه بتجرد وإيمان حقيقي بأن مستقبل هذه المناطق وساكنتها رهين بشكل كبير بنجاح هذا الورش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.