افتتح المهدي الزواق، مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، مساء أمس الخميس، معرض تراكيب فنية معدنية للفنان النحات محمد غزولة، يمتد حتى أواخر الشهر الجاري، حضرته شخصيات من عوالم الفن التشكيلي وفنون النحت بالمدينة. وقال المهدي الزواق، مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة، في كلمة بالمناسبة، إن "تنظيم المعهد لهذا المعرض يأتي في سياق حفظ ذاكرة الفنانين والأساتذة الذين مروا به، كما يأتي في إطار تقديم تجارب جديدة وناجحة، من شأنها أن تنير درب الأجيال القادمة"، مشيرا إلى أن "هذا المعرض يمثل رهانا أخذ ثمانية أشهر من العمل قبل أن يحتضنه رواق المكي امغارة". من جانبه، اعتبر الفنان والناقد سعيد الشقيري أن أعمال محمد غزولة "اتسمت دوما بولعها بالحركات الأليفة؛ فحتى الأشياء المستقرة والثابتة، في الطبيعة، تمتد إليها الحركة في أعماله"، وفق تعبيره، وزاد: "موضوع هذا المعرض يمضي بنا إلى تلك الحركات الأليفة التي تسكن نوستالجيا كل واحد فينا، والتي ترمي بنا في ذاكرة اللعب والفرح، وذاكرة الأشياء التي عشناها أو نعيشها، أو نحن إليها". وتابع المتحدث ذاته: "إن الأجمل في أعمال غزولة أنها تجعلنا نشعر وكأنه يحاول إخراج أثر القلم أو الريشة، إذ بنظرة خاطفة إليها نتلمسها وكأنها مرسومة بالفحم والقلم على ورق أبيض، ففي منحوتاته خطوط، ونقط، وعمليات تضليل وإضاءات تجعلها متفردة"، مضيفا أن الفنان النحات بالنسبة له "يُنطق هذا الجمال وهذه الصلابة، ويخرج منها قدرا هائلا من الليونة والإحساس". ويرى يوسف الريحاني، وهو فنان بصري وباحث جمالي، أن الفنان النحات محمد غزولة "لا ينحت الطبيعة بل يبدع تراكيب معدنية موغلة في الحفريات الأولى لعصور ما قبل اللغة، الولادة البكر، ما قبل النطق"، وفق تعبيره، موضحا أن "المنحوتة عند غزولة صراع مستميت ضد الواقع"، وزاد: "لا تنخدعوا بتلك الأقدام والوجوه والأطراف المبتورة، كلها ممارسات ملتوية، مجرد فخاخ وغوايات هدفها الوهم لا المعنى، وهم نسميه عن جهل الواقع، وغايتها الحقيقية توليد إحساس أيروتيكي بفوضى العالم". وأردف الفنان البصري ذاته: "ما أحوج مياديننا وساحاتنا العمومية إلى منحوتات محمد غزولة، لتضفي عليها البهاء المفتقد، وترسخ قيم المغرب المعاصر؛ فالأرجل وجدت لتخطو إلى الأمام، لا لتغوص في باطن الأرض، وتلك روعة منحوتاته"، مضيفا: "البراد المغربي والرباب والخيل، كما الساكسفون والآلة الفوتوغرافية والفيولونسيل، كلها ركبت لتطفو لا لتنغرس. أحب هذا الهروب في منحوتات غزولة، لأنه يذكرني بهويتي المغربية الهاربة، تماما كالسلحفاة التي تحمل وطنها وترحل".