لم يكد ينتشر تهديد بفتح كورنيش أسفي ب"الطراكس"، الذي تم ترويجه على لسان عامل إقليم أسفي، حتى تعالت أصوات الاحتجاج بخصوص الغلاف المالي للصفقة وعدم احترام كناش التحملات وتأخر الأشغال، وبدأت تتقاطر البيانات والشكايات الموجهة إلى كل من رئيس النيابة العامة بالرباط ورئيس المجلس الأعلى للحسابات ومدير الديوان الملكي ووزير الداخلية، لمطالبتهم بفتح تحقيق وافتحاص مع ترتيب الجزاءات القانونية. وفي هذا الإطار، تقدمت هيئات عديدة بمدينة أسفي، كالمرصد المغربي لحقوق الإنسان والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان والمركز الوطني للمصاحبة القانونية والمرصد المغربي للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، بطلب يلتمسون فيه فحص السجلات الممسوكة للتأكد من مدى مطابقة ما هو في الأوراق مع ما هو على أرض الواقع. وطالبت الهيئات ب"انتداب خبير للوقوف على ما تم إنجازه ومقارنته مع الغلاف المالي المرصود للمشروع، وترتيب الجزاءات القانونية ضد كل من تلاعب بالمال العام وضد كل من يوفر الحماية مستغلا مركزه". ودخل المكتب الجهوي مراكش أسفي للجمعية المغربية لحماية المال العام على خط هذه القضية بتوجيه شكاية ضد مجهول إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تقول: "وقفنا على ما عرفته أشغال بكورنيش أسفي من اختلالات على مستوى الإنجاز، على الرغم من الغلاف المالي المرصودة لهذا المشروع كي يساهم في التنمية المحلية لمدينة أسفي خاصة في المجال السياحي". وزادت: "إن هذا المشروع، الذي خصص له المجلس الجماعي لأسفي غلافا ماليا يقدر ب100 مليون سنتيم إلى جانب المديرية العامة للجماعات المحلية التي ساهمت بغلاف مالي قدره 500 مليون سنتيم والمكتب الشريف للفوسفاط ساهم ب15 مليون درهم، كان مقررا تسليمه وفتحه في وجه السكان شهر يوليوز 2018؛ لكنه بعد تعثر دام 16 شهرا جرى فتحه يوم الثلاثاء 26 نونبر 2019، دون إتمام الأشغال حيث تبين أنه لا يرقى إلى انتظارات الساكنة ولا يستجيب لمقتضيات دفتر التحملات". ومن الملاحظات التي سجلتها هذه الجمعية: "أن المشروع لا يحترم المواصفات الفنية والتقنية عند تشييده انسجاما مع المدينة وموقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية؛ وهو ما يخالف مقتضيات الفقرة ال3 من المادة ال65 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة التي تنص على أن التسلم المؤقت يعمل به من التاريخ الذي عاين فيه صاحب المشروع انتهاء الأشغال". إن "الشركة الفائزة بالصفقة "لم تلتزم بدفتر التحملات، حيث إن الأشغال المنجزة لا تمت بصلة إلى ما هو موجود بأرض الكورنيش؛ فالجودة لم تحترم نوع الزليج وتصميم الحدائق والحزام الواقي وحتى طبيعة التربة ونوعية الأغراس المستعملة، واستبدال أشجار نخيل بمواصفات طبيعية عالية وجودة تقاوم الرطوبة والملوحة، ووضعت في مكانها أشجار رخيصة الكلفة"، تسجل الشكاية المذكورة. وتابعت هذه الوثيقة: "إن الاعتماد، الذي صرف في هذا المشروع والذي يقدر بمليارين و160 سنتيم، هو مال عام من المحتمل أنه تعرض للتبديد وللهدر ولم يساهم في أية تنمية مستدامة تهم المدينة، وأن الشركة لم تستطع إتمام عملها في الوقت المحدد لها بعد الفضائح التي عرفها الورش، وظهرت به مجموعة من الاختلالات". وقالت الجمعية المغربية لحماية المال العام: "هناك احتمال وجود شبهة في تدبير هذا الورش. وعليه، فإننا نلتمس من سيادتكم الموقرة إصدار تعليماتكم للشرطة القضائية المختصة من أجل القيام بكافة الأبحاث والتحريات المفيدة والمتعلقة بالوقائع الواردة بهذه الشكاية". وللوقوف على حقيقة ما يتم تداوله بخصوص هذا المشروع، حاولت هسبريس ربط الاتصال برئيس المجلس الإقليمي الحامل للمشروع، ونائبه الأول لأكثر من مرة؛ غير أنهما لم يتجاوبا مع المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، التي أرسلت إليهما واطلعا عليها، وبعدها تمكن الموقع الإخباري من التواصل مع مدير المصالح لهذه المؤسسة المنتخبة الذي أوضح "أن كل ما يثار حول المشروع يجانب الصواب". الغلاف المالي للصفقة يبلغ حوالي 14.5 ملايين درهم (مليار ونصف سنتيم)، يضيف المدير نفسه قائلا: "لم يتم تسليم الكورنيش إلى المجلس الإقليمي من طرف المقاولة، لأن الأشغال ما زالت مستمرة"، مشيرا إلى "عدم احترام الآجال القانونية؛ لكن الإدارة سلكت المسطرة المنصوص عليها في مثل هذه الحالات، وبأقصى عقوبة ممكنة حيث استخلصت 8%". وواصل: "وفي حالة ظهور اختلالات، فالمجلس الإقليمي يتوفر على كل الإمكانات والوسائل لخصم مقابل ما لم يحترم من كناش التحملات؛ لأن المقاولة لم تتوصل سوى بثمانية ملايين درهم من أصل مبلغ الصفقة"، نافيا أن يكون "التصميم الذي يروج له حقيقيا للمشروع، لأن لجنة مشتركة تقوم أسبوعيا بزيارة الورش وتتبع سير الأشغال". يذكر أن المجلس الجماعي لا علاقة له بهذا المشروع، على الرغم من إنجازه على مجاله الترابي وبمساهمة بلغت 100 مليون سنتيم، والمكتب الشريف للفوسفاط ب15 مليون درهم؛ لأن وزارة الداخلية أسندت إنجازه إلى المجلس الإقليمي وكلفت عامل إقليم أسفي بصرف اعتماداته المالية.