الملك يهنئ أمير قطر بالعيد الوطني    انطلاق اجتماع تشاوري بين مجلسي النواب والدولة الليبيين ببوزنيقة    الدار البيضاء.. 3 قتلى في حاث سير على مستوى محطة الترامواي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    العدالة والتنمية: تصريحات أخنوش في البرلمان تؤكد حالة تنازع المصالح وتضرب مصداقية المؤسسات        الرجاء يعين عبد الصادق مدربا مساعدا    رياضية وطبيبة… سلمى بوكرش لاعبة المنتخب الوطني تنال الدكتوراة في الطب    مزور يشرف على انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ بالبيضاء    أزمة اللحوم الحمراء بالمغرب بين تراجع الأغنام وسياسات الاستيراد    إجهاض عملية للتهريب الدولي لثلاثة أطنان و960 كلغ من الشيرا        جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    المفوضة الأوروبية لشؤون البحر الأبيض المتوسط: المغرب شريك أساسي وموثوق    عزيز غالي.. "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" ومحدودية الخطاب العام    الوداد يعلن عن منع جماهيره من حضور مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجواهري: سنكون من أوائل الدول التي ترخص العملات المشفرة    أسعار النفط مستقرة قبيل قرار الفائدة الأمريكية    الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارها العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    مطالب للحكومة بضمان المساواة وتحقيق الإنصاف لجميع المنخرطين بالتغطية الصحية بالقطاعين العام والخاص    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    بنك المغرب…توقع نمو الاقتصاد الوطني ب 2,6 بالمائة في 2024    إحصاء 2024… تباطؤ ملحوظ في معدل النمو الديمغرافي    بعد يوم واحد على مقتل شرطي.. إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من المخدرات ببني ملال    الالتزام ‬الكامل ‬للمغرب ‬بمبادرات ‬السلام ‬‮ ‬والاستقرار ‬والأمن    الطلب العالمي على الفحم يسجل مستوى قياسيا في 2024    استهداف اسرائيل لمستشفيات غزة يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية    وكالة بيت مال القدس الشريف تنظم ندوة في "أدب الطفل والشباب الفلسطيني"    اتهم ‬باريس ‬بزعزعة ‬استقرار ‬الجزائر ‬ووجه ‬لها ‬تحذيرات ‬غير ‬مسبوقة ‬الحدة:‬    مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود الحريات الفردية
نشر في هسبريس يوم 06 - 12 - 2019


مناقشة لبعض آراء وزير حقوق الإنسان
بذل السيد مصطفى الرميد من موقعه الرسمي جهدا كبيرا ليظهر بمظهر من لا تحفّظ له على الحريات الفردية، خلال كلمته في افتتاح أشغال "الجامعة الشعبية"، التي نظمها حزب الحركة الشعبية قبل أيام. لكن الحقيقة أن المسافة بين ما عبر عنه السيد الوزير، وما سبق أن ارتكبه من زلات في تصريحات أخرى، لا توجد مسافة كبيرة، وإنما يتعلق الأمر في الواقع ب"تنويع في التعابير" و"تلوين" في منطوقها حسب المقام والسياق، لا بتغيير الأفكار والمبادئ أو تعديل التوجهات.
فقد اعتبر السيد الرميد بأن الحريات "ليست مطلقة" بل هي "نسبية" ومحدودة، وهذا أمر لا خلاف فيه، لكنه وهو يسطر حدود الحريات ويعتبرها ممثلة في تقاليد المجتمع وعاداته أو فيما هو سائد من أفكار أو قيم اجتماعية، أو في مشاعر الأغلبية، أو ما سماه "ضمير المجتمع"، وقع في خطأ لا يقع فيه من يتولى منصب وزير حقوق الإنسان، لأن الدول لو بقيت عند حدود تقاليد المجتمع وقيمه الراكدة لما قامت لحقوق الإنسان قائمة أصلا في أي بلد من بلدان العالم، وإنما يُطرح موضوع الحريات كما هي متعارف عليها في المنتظم الحقوق الدولي عندما تكون مهضومة ومسلوبة، وعندما تسود في المجتمع ثقافة مضادة لقيم المواطنة وحقوق الإنسان، إما بسبب الطبيعة الاستبدادية للنظام السياسي، أو بسبب ركود البنيات الاجتماعية وجمودها في حالات العزلة والانغلاق اللذين تفرضهما الأنظمة الشمولية، بينما عرف المغرب خلال العقود الستة المنصرمة تحولات جذرية وانقلابات في العديد من البُنى ومناحي الحياة، وأصبح مطلب الحريات متبلورا في النقاش العمومي بشكل لم يعد يمكن تفاديه أو تجاهله، لأنه وصل إلى نقطة اللاعودة.
من تمّ فما عبر عنه السيد وزير حقوق الإنسان لا يمثل أساسا سليما للتفاهم بين مكونات الطبقة السياسية والمجتمع المدني والقوى الديمقراطية عموما في بلادنا حول موضوع الحريات الفردية، لما في تلك المواقف المعبر عنها من تناقض مع مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها، وكما ينصّ عليها الدستور المغربي وتلتزم بها الدولة المغربية.
ويكمن مشكل عدم استيعاب مفهوم الحريات الفردية في التباس معنى الديمقراطية عند الإسلاميين، التي يحددونها في "صوت الأغبية الانتخابية"، لا في القيم التي تقوم عليها، ما يجعلهم ينظرون إلى كل مشتقات هذا المفهوم بنظرة يشوبها الكثير من التشويش في الفكر والمواقف، ومرجع ذلك إلى أن اعتماد مرجعية دينية بقراءة ماضوية، لا تسمح أبدا بالانخراط في العصر وقيمه، مما يفسر اتجاه هذا التيار الإيديولوجي بمختلف تلاوينه إلى استعمال مفاهيم حقوق الإنسان بغرض الالتفاف عليها وإعطائها دلالات أخرى تنسجم مع توجهاته اللاديمقراطية، التي تقوم أساسا على عدم احترام "الحق في الاختلاف" و"حرية اختيار نمط الحياة"، ما يشكل تهديدا لمكاسب المواطنين التي تحققت بعد جهد جهيد ونضال مستميت ضدّ الاستبداد دام لأزيد من نصف قرن، وسيظل مستمرا إلى أن يتم الترسيخ المطلوب لآليات الديمقراطية وأسُسها الحقة، سواء في ظل حكومة يشارك فيها الإسلاميون أو فيما بعدها.
من بين المواقف التي تعكس هذا الإضطراب المفاهيمي وهذا الغموض في الأهداف والمرامي بسبب كثرة التناقضات، ما عبر عنه السيد الرميد في تعريفه لحدود الحريات الفردية، عندما جاءنا بمفهوم جديد بقول ب"حق" المحافظين في عدم تعرضهم "لاستفزاز مشاعرهم" من طرف غيرهم من المواطنين المتحررين المخالفين لهم في نمط العيش، أي أن المانع من التمتع ببعض الحريات في المأكل والمشرب واللباس والإبداع الفني عند السيد الرميد هو أنّ أغلبية المواطنين المحافظين يتأذون من ممارسة هؤلاء لحرياتهم تلك مما يوجب عليهم "الاختفاء" من الفضاء العام والتمتع بحرياتهم الفردية في بيوتهم، كما أن عليهم في الأماكن العامة الالتزام بالسلوكات التي يقرّها المحافظون واعتماد مظاهر نمطهم في العيش، وذلك احتراما ل"حق" هؤلاء المحافظين الذي ينبغي أن يفرض نفسه في المجال العام على حساب حقوق الأفراد. والحقيقة أن هذا المفهوم للحريات إنما نتج عن قراءة فاسدة للمبدإ الحقوقي القائل: "كل واحد حرّ في حدود عدم المساس بحرية غيره".
ويظهر ها هنا بوضوح الخلل الموجود في معنى "الديمقراطية" و"الحرية" لدى وزيرنا في حقوق الإنسان وعشيرته الدينية السياسية التي ينتمي إليها، إنها بالنسبة لهم ما يمنحهم الحرية في فعل ما هم مقتنعون به، ولكنها لا ينبغي أن تمتد لتشمل حريات غيرهم التي ينبغي الحجر عليها. وكأنهم بذلك يقولون ما يلي:" أنت أيها المواطن العلماني حرّ تماما، لا نجادل في حرياتك الفردية، لكن شرط أن تقبع في بيتك، حتى لا تستفز المحافظين باختلافك عنهم، وحتى يتمكن المتدينون من استعراض إيمانهم في الشوارع واحتكار الفضاء العام وحدهم دون غيرهم".
ولهذا نعتقد أنه من الضروري تدقيق معنى الحريات الفردية كالتالي: إذا كان بديهيا أن هذه الحريات ليست حريات مطلقة، إذ هي كما يعلم الجميع حريات مدنية مقننة داخل تنظيم اجتماعي، إلا أنّ تقنينها آت من ضرورة التعايش المشترك للجماعة المنظمة التي يخضع جميع أفرادها للقانون الذي يحميهم من بعضهم البعض. وهذه الحقيقة ترتبط أيضا بحقيقتين اثنتين يتجاهلها الإسلاميون ومنهم السيد وزير حقوق الإنسان، الأولى هي أن القوانين ينبغي أن تكون ضامنة للكرامة والمساواة والعدل وليس كل قانون يُحترم ويحقق مبدأ التعايش المذكور، ولهذا نجد معظم نضال الحقوقيين في المنتديات الدولية عبر العالم يتمّ ضدّ قوانين وعادات وتقاليد تكرّس الظلم والتفاوت بين الناس في هذا البلد أو ذاك. والحقيقة الثانية هي أن الجماعة البشرية المنظمة التي ذكرنا ليست ولا يمكن أن تكون ثابتة جامدة بل هي عرضة للتغيرات والتحولات التي تتجه نحو الترقي بالوضعية الإنسانية نحو الأفضل، ولا يمكن تصور جماعة بشرية تعيش منظومة قيم مطلقة وثابتة بشكل نهائي، وسواء كانت مرجعية هذه الجماعة دينية أو بشرية دنيوية فهي محكومة خارج إرادة أفرادها وعواطفهم وميولاتهم بالتغير التدريجي واللامحدود، لأنها جماعة تتواجد على الأرض وفي التاريخ، وكل ما هو أرضي وتاريخي فهو يتصف بالنسبية التي تجعله عرضة حتما للتغيّر والتفاعل والتلاقح، ولهذا لا توجد هوية ثابتة، بل هي صيرورة وبناء، يدلّ على ذلك تجاوز الواقع الإنساني للكثير من الطقوس والتعاليم الدينية التي جاءت بها الديانات في نصوص واضحة وصريحة، بسبب عدم إمكان العمل بها في غياب البنيات الإجتماعية الحاضنة لها والسياق التاريخي الذي ارتبطت به، والأدلة على ذلك كثيرة جدا من كل الديانات.فما سماه الوزير الرميد "ضمير المجتمع"، ليس معيارا ثابتا بشكل نهائي، لأن معايير الخير والشر تتغير، بل تنقلب في أحيان كثيرة بشكل جذري، ولا أدلّ على ذلك من وضعية المرأة على امتداد القرن العشرين مثلا، حيث أن أمورا كثيرة كانت مذمومة وقبيحة، صارت مستحبة ومطلوبة من أغلبية الناس.
انطلاقا من هاتين الحقيقتين نفهم المشكلة التي وقع فيها الوزير الرميد، الذي خلط بين معنى الحريات التي تتضمن القبول بالاختلاف كمبدإ أساسي من صميم هذا المفهوم، وبين تقاليد المجتمع وضوابط الجماعة المحافظة، والتي لا تقبل بهذا المبدإ إما بسبب انغلاقها أو بسبب نمط الحكم الاستبدادي الذي يشيع عن عمد قيم المحافظة خوفا من أي تغيير.
فمشكلة السيد الرميد ليست في كونه يضع "حق الجماعة" قبل حريات الأفراد الأساسية، بل في كونه يعتبر واقع التخلف واللاتسامح أمرا طبيعيا ومقبولا وحجّة على ضرورة الحجر على الحريات، ودفع الأفراد الراغبين في ممارسة نمط عيشهم المخالف الذي اختاروه نحو العزلة والخلوة في بيوتهم، لكي يبقى الفضاء العام للمحافظين والمتدينين، وهو أمر مخالف كليا لمبادئ حقوق الإنسان، ويفضي تماما إلى تكريس واقع الأنظمة القائمة على الرقابة الدينية المتشددة للمجتمع، وعلى مناخ محاكم التفتيش التي تجاوزتها البلدان الديمقراطية منذ قرون. وليس غريبا أن ينطق السيد الرميد بهذه المواقف بالنظر إلى التيار الإيديولوجي الذي ينتمي إليه، لكن الأغرب أن يكون من يقول بهذا وزيرا لحقوق الإنسان.
وإن حدود الحرية الفردية لكل مواطن ليست في التخلي عن الحرية والانسحاب من الفضاء العام، بل هي في عدم المسّ بحرية الآخرين في أن يعملوا ما يشاؤون بدورهم في اختيار نمط عيشهم في إطار الإحترام المتبادل، فحرية المتديّن ليست في أن يمنع غيره من الأكل في رمضان، وإنما حريته هي أن يصوم ولا يأكل، وحرية الإسلامي ليست في منع غيره من شرب الخمور، بل هي في امتناعه عن تناولها انطلاقا من قناعته الشخصية، وحرية المحافظ ليست في المطالبة بمنع مسرحية أو فيلم، بل هي في عدم الذهاب لرؤية تلك الأعمال واختيار العروض المناسبة لنزعته المحافظة، لأن المسرح والسينما ملك للجميع.
إن حرية المتديّن إذن لا يمكن أن تكون في فرض نمط عيشه وذوقه وميوله الدينية على الآخرين وإلزامهم بالانسحاب من أمامه لكي لا تُمسّ مشاعره. إن المؤمن الذي تستفزه مظاهر الاختلاف هو ضحية مفهوم منحرف للتديّن، كما يعاني من نقص في الإلمام بدينه من منظور منفتح، ومن انعدام التربية على حقوق الإنسان وعلى احترام الغير كما هو، لا كما يريده المؤمن أن يكون.
وأما "ضمير المجتمع" فهو كل ما يرعى الكرامة الإنسانية، إنه فلسفة وقيم حقوق الإنسان، المبنية على نزعة إنسية تتحيّز دائما للكائن البشري بوصفه قيمة عليا، وليس "ضمير المجتمع" هو النزعة المحافظة أو فقه القسوة الذي يعتبر الإنسان مجرد عضو في قطيع يتبع تقاليد جامدة، وتتحدد مهمته في العبادة وخدمة "النصوص الثابتة".
لن يكون للسيد الرميد أجران لأنه أخطأ القصد والتعبير، ولكن سيكون له أجرٌ واحد لأنه سمح لنا بتناول هذه التفاصيل التي تقبع فيها عفاريت سوء التفاهم.
رسالة قصيرة إلى السيد عبر الرحيم الشيخي:
بناء على ما سلف ذكره أعلاه، فإن ما قام به مؤخرا السيد الشيخي رئيس "حركة التوحيد والإصلاح" من محاولة للتأصيل للحريات الفردية من خلال اجتهاد فقهي خجول أمر لا يستقيم ولا جدوى منه، لأنه يوقعنا في تحفظات تعيدنا إلى الوراء، فمفهوم الحريات الفردية لا علاقة له بأية مرجعية دينية، ولا بضوابط الفكر الفقهي التقليدي وحدوده، بل هو مفهوم سياقه الفلسفي وحقله الدلالي منبثقان من منظومة الحداثة الفكرية والحقوقية، فإذا كانت الصلاة مثلا من الحريات الفردية (أن يصلي الإنسان أو لا يصلي فذلك شأنه الشخصي الذي لا ينتقص شيئا من مواطنته)، فإن غير المصلي في المرجعية الإسلامية يسمى "تاركا للصلاة"، ويعتبر ضالا ومذموما، بل ومهدور الدم كما جاء في "الصحيحين"، وعند الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. فالحريات الفردية إما تؤخذ في شموليتها أو تترك، ولا يمكن تأويلها أو الالتفاف عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.