تضارب كبير ذاك الذي يسم موقف مرشحي الانتخابات الرئاسية الجزائرية، المزمع إجراؤها شهر دجنبر المقبل، إزاء المغرب .. ففي وقت يبدي بعضهم تشبثا بالموقف "المعادي" للمملكة، تبنّى علي بن فليس، المرشح للانتخابات الرئاسية الذي سبق أن شغل منصب رئيس الحكومة في عهد بوتفليقة، موقفا ينحو إلى البحث عن حل لإعادة فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين الجارين. بن فليس ذهب إلى القول إن "المشاكل القائمة بين المغرب والجزائر، مهما كانت صعوبتها ومهما كان تعقيدها، تتطلب التواصل والتحاور بشأنها من أجل الوصول إلى توصية ترضي الطرفين"، مشيرا إلى أن هذه القاعدة، أي التواصل والحوار، تنطبق على إشكالية الحدود المغلقة بين البلدين، كما صرح بذلك في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء. وتمّ إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر منذ عام 1994، عقب الحادث الإرهابي الذي استهدف فندق إسني بمدينة مراكش في السنة ذاتها. وغداة ذلك أقدم الملك الراحل الحسن الثاني على اتخاذ قرار فرض تأشيرة الدخول إلى المغرب على الجزائريين، وفي الطرف الآخر عمدت الجزائر إلى إغلاق حدودها البرية مع المملكة، كرد على فرض التأشيرة على مواطنيها. وشهدت العلاقات المغربية الجزائرية منذ ذلك الوقت توترا متزايدا، خاصة مع استمرار النظام الجزائري في دعم جبهة البوليساريو. وخلال السنوات الأخيرة أرسل الملك محمد السادس إشارات إلى الحاكمين في الجزائر لفتح صفحة جديدة بين البلدين الجارين، لم تلقَ تفاعلا إيجابيا من لدن الجار الشرقي للمملكة. وخلال الأسابيع الأخيرة برزت مؤشرات عديدة توحي بتململ الموقف الجزائري إزاء المغرب، في ظل الحراك الاجتماعي الذي تشهده الجزائر وعصف بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خاصة بعد التصريح المفاجئ الذي أدلى به عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، والذي قال فيه إن الصحراء مغربية. ورغم أن الموقف الرسمي للجزائر لم يتغير، سواء في ما يتعلق بنزاع الصحراء أو مسألة فتح الحدود، فإنّ المتابعين يرون أن ثمة "شيئا ما يحضّر في الكواليس"، وأن العلاقات المغربية الجزائرية قد تعرف انعطافة في مستقبل الأيام، توازي التغيير السياسي المرتقب أن تشهده الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية. هذا التوجه يعكسه تصريح علي بن فليس، الذي كان ضمن أعمدة نظام بوتفليقة قبل إقالته من منصب رئيس الحكومة، إذ اعتبر أنه "من غير المعقول أن الاتصالات واللقاءات على أعلى مستوى في الجزائر والمغرب قد انقطعت تماما منذ قرابة خمس عشرة سنة"، داعيا إلى تجديد التواصل والحوار بين الطرفين لإيجاد حل للخلافات القائمة بينهما. بن فليس عبر بشكل صريح عن دعمه لإعادة فتح الحدود البرية المغلقة بين المغرب والجزائر، بقوله: "هذه الحدود أغلقت لأسباب محددة، ويتوجب علينا النظر فيها من جديد لمحاولة إزالتها وإعادة الأمور إلى نصابها"، معتبرا أن "مستقبل المغرب الكبير جدير كل الجدارة بهذا الجهد، لأنه من غير المعقول وغير المقبول أن تبقى منطقتنا خارج نطاق التيارات الاندماجية والتكاملية الزاحفة عبر المعمور".