ناقش حقوقيون ومسؤولون موضوع الحكامة الأمنية ارتباطا بحقوق الإنسان، مستعرضين التجربة المغربية في عدد من المؤسسات، على رأسها المديرية العامة للأمن الوطني والمندوبية العامة لإدارة السجون. وفي هذا الإطار، قالت رولا بدران، المنسقة الإقليمية للمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلال مائدة مستديرة حول "الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان" منظمة من قبل مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، إن موضوع الحكامة الأمنية واحد من أهم وأبرز توصيات العدالة الانتقالية بالمغرب، وتحدثت عن ضرورة المرور إلى تنفيذ وتطبيق هذه التوصيات احتراما لمسار العدالة الانتقالية وما أفرزه من ضروريات على مستوى الإصلاح، والمضي قدما بالمملكة. من جانبه، قال الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، إن موضوع الحكامة الأمنية في ارتباطها بحقوق الإنسان كان قبل سنوات لا يأخذ نقاشا واسعا حتى في المؤسسات التشريعية، الأمر الذي كان يستدعي النظر بشكل مختلف يأخذ بعين الاعتبار إشراك القطاعات المعنية في التفكير. وأضاف بلكوش أنه "لا يمكن القيام بأي إصلاح بدون بناء أواصر وتوسيع دائرة المشاركين، خاصة أن قضية الأمن لا تهم المؤسسات الأمنية لوحدها بل تهم جميع فئات المجتمع"، مشيرا إلى أن العالم يتحول والقضايا الأمنية هي في صلب انشغال المجتمع. وأبرز المتحدث أن "مسألة الثقافة والعقليات هي دينامية مستمرة"، قائلا إن "روح اتساع دائرة المنشغلين بالموضوع اتسعت". بدوره، قال أحمد بن دحمان، عميد الشرطة الإقليمي للمديرية العامة للأمن الوطني، إن السياسات الأمنية لم تكن تحظى بأي نقاش لا من طرف الأحزاب ولا حتى الإعلام، مفيدا بأن المديرية العامة للأمن الوطني بدأت الاشتغال بالتخطيط الاستراتيجي بالنظر لطبيعة المهام المنوطة بها، من قبيل حفظ النظام العام. وأضاف المتحدث أن المديرية "منذ أزيد من عقدين انخرطت في المسار الإصلاحي الذي اعتمده المغرب، أخذا بعين الاعتبار صيانة الحقوق الفردية والواجبات، وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتنزيل المقتضيات الدستورية التي تتحدث عن الحق في الأمن". وتابع قائلا: "حينما نتحدث عن مفهوم الحكامة فهذا يعني القطع مع التحكم مقابل إرساء أسس التشاور والثقة وربط المسؤولية والمحاسبة"، منبها إلى أن الاستراتيجية المعتمدة من قبل مديرية الأمن تنبني على تأهيل الرأسمال البشري عن طريق فتح مباريات التوظيف، والرفع من الثقافة القانونية لرجال الأمن، وتخليق المؤسسة الأمنية، والقضاء على الفساد الإداري، والقطع مع كل مظاهر التراخي والنزاهة، مع ضمان التجهيزات اللوجستيكية، ورفع القدرات التواصلية لدى الأمنيين، وتعزيز أخلاقيات المهن الشرطية عن طريق اعتماد مدونة للسلوك هدفها التخليق وعدم الخضوع الاستفزازات. من جهته، استعرض عبد الرحيم الرحوتي، مدير مركز تكوين الأطر بتيفلت التابع للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تجربة المندوبية، قائلا إن قطاع السجون عرف عدة تحولات في السنوات الأخيرة، وتبنى حكامة أمنية شمولية اعتمادا على مرجعيات الدستور والتوجيهات الملكية وسياسات الحكومة والمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل المملكة، وغيرها.