صورة قاتمة تلك التي رسمتها الفيدرالية الوطنية للتخدير والإنعاش بخصوص المنظومة الصحية المغربية، والتي تتأرجح بين "الخصاص الكبير في الموارد البشرية الطبية وظروف العمل الكارثية داخل مستشفيات المملكة التي لا تراعي شروط السلامة الصحية للمريض والممارس". ووصفت الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش القانون المتعلق بالإلزامية والحراسة ب"اللاإنساني" والذي "لا يتماشى مع خصوصية وحساسية المهام التي يتولاها الأطباء الاختصاصيون، لما يتسبب فيه من إنهاك جسدي ونفسي ويعرضهم لمتابعات قضائية غير عادلة لا تأخذ بعين الاعتبار ظروف اشتغالهم الصعبة" وقالت الفيدرالية ذاتها، ضمن بلاغ توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، إن أطباء التخدير والإنعاش التابعين للقطاع العام بالمغرب "يعيشون حالة قلق واضطراب بسبب ظروف عملهم التي أصبحت مرهقة وغير مشجعة بشكل أضحى يشكل خطورة كبيرة، ليس فقط عليهم ولكن على مرضاهم أيضا". واستحضرت الفيدرالية الوطنية للتخدير والإنعاش الإحصائيات الأخيرة لسنة 2016 التي نشرتها WFSA، والتي تؤكد وجود 1.89 طبيب تخدير وإنعاش لكل 100000، أي أقل من طبيب تخدير لكل 100000 نسمة بالقطاع العام، مطالبة بضرورة توفير على الأقل 6 إلى 7 أطباء تخدير وإنعاش بكل قسم، خاصة بمصلحة الإنعاش، حتى يتمكنوا من القيام بعملهم على أكمل وجه بهدف الوصول إلى 20 طبيب تخدير لكل 100000 نسمة في أفق سنة 2030، حسب منظمة الصحة العالمية WHO والاتحاد العالمي لجمعيات خبراء التخدير WFSA. وأوصت الفيدرالية بضرورة تعديل أوقات عمل أطباء التخدير والإنعاش الذين يتجاوز سنهم 55 سنة، وتطبيق معايير السلامة داخل أقسام التخدير والإنعاش حسب المعايير الوطنية والدولية، للارتقاء بمستوى المؤسسات الصحية العمومية كما هو منصوص عليها في توصيات المنظمات الدولية والوطنية OMS WFSA وSMAAR. ودعت الهيئة ذاتها، التي يترأسها الدكتور جمال الدين الكوهن، إلى إعادة النظر في التشريع الحالي، والذي يجب أن يكون ملائما ومراعيا لخصوصية ميدان الصحة، ما من شأنه أن يجنب الأطر الصحية محاكمات غير عادلة واتهامات تعسفية. وطالبت الفيدرالية ذاتها بوضع إستراتيجية شاملة وذات رؤية واضحة للصحة بالمغرب، تمر عبر ترشيد الموارد البشرية وتركيز الجهود والوسائل من أجل إنشاء أقطاب مرجعية، قصد تحسين ظروف عمل مهنيي الصحة وضمان جودة الرعاية الصحية والسلامة للمرضى المغاربة، إضافة إلى جعل قطاع الصحة العمومية أكثر جاذبية وأكثر تنافسية.