وضع العالم المعاصر أول ميثاق دولى لحقوق الطفل فى العشرين من شهر نوفمبر 1959، ليصبح ذلك اليوم منذ هذا التاريخ يوما عالميا للطفل. وقبل ذلك بآلاف السنين، كان الأطفال فى مصر القديمة يتمتعون بحقوق كاملة، وبالعيش فى مجتمع يوفر لهم كل ما يحتاجونه من تعليم ووسائل لعب وتسلية قبيل آلاف السنين. وكان لدى المجتمع المصرى القديم إحساس بالغ بالأجيال الصاعدة، وقد أدرك أفراده الفرق بين المراحل العمرية المختلفة، وكانت مرحلة الطفولة لديهم تعرف بمرحلة البراءة. وتحمل شواهد قبور الموتى نصوصا تدل على ذلك، فهناك نص يقول " كنت طفلا بريئا "، وآخر يقول " كنت صغيرا ولم أرتكب آثاما". وبحسب الأثارى المصرى على رضا، لم يكن يسمح للطفل بتعلم الحرف إلا بعد أن يصل إلى سن النضوج، ويُترَك فى مرحلة الطفولة الأولى للتعلم واللعب والتمتع بسنواته الأولى. وكانت هناك نصوص تدل على وعى المجتمع بالفرق بين مرحلتى الطفولة والنضج. وقال رضا لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن "الأب كان يفخر بأبنائه فخرا شديدا"، مشيرا إلى نص كتب على تمثال أحد كهنة آمون ويرجع لعصر الأسرة الثانية والعشرين فى مصر القديمة، وفيه يتحدث الكاهن عن ابنه، حيث يقول: " احببته وهو طفل صغير... اعجبتنى فيه دماثته... وعندما أصبح غلاما لمست فيه النضج ... ولم يكن عقله يتناسب وصغر سنه، فقد كان يجيد اختيار الكلمات، ولم يكن فى كلامه ألفاظ نابية". ويضيف رضا :"هكذا كان الأبناء محل احترام الآباء فى مصر القديمة". ومن اللافت أن الأم في مصرالقديمة كان لها حق اختيار اسم الطفل، وتدل على ذلك ترنيمة قديمة ترجع لعصر الدولة الحديثة وموجهة للإله آمون، وتقول تلك الترنيمة : " أمه التى أعطته اسمه ". وتعددت اسماء الأطفال لدى قدماء المصريين، وهناك اسماء ارتبطت بالآلهة، مثل " امنحتب " (ويعني، آمون إله الخير)، وأخرى ارتبطت ببعض المهن مثل "صائد الطيور"، واسماء وصفية مثل " وارسو" (كبير). وتقول المترجمة والباحثة المصرية رشا سلامة ل "د.ب.أ" إن بعض علماء المصريات الأجانب مثل روزا ليند، وجاك يانسن، رأوا أن أسماء بعض الأطفال ترتبط بتاريخ ميلادهم، وأن قدماء المصريين كانوا يتذكرون أيام ميلاد اطفالهم. وبحسب سلامة، جرى العثور على نصب تذكارى يعود لعصر الأسرة الحادية والعشرين، مسجل عليه يوم الميلاد بالسنة والشهر واليوم. وفى منطقة دير المدينة الأثرية فى غرب مدينة الأقصر، والتى كانت تعرف قديما باسم " مدينة العمال" ، عثر علماء المصريات على كشوف مذكور فيها سبب غياب العمال عن العمل فى أيام معينة، وقد كتب أمام سبب الغياب جملة " يوم عيده ". وذهب علماء المصريات إلى أن "يوم عيده" تعنى يوم مولده، أى عيد ميلاده، وكتب أمام خانة سبب غياب عامل آخر " عيد ابنته " أى عيد ميلاد ابنته، وتلك النصوص التاريخية تدل على أن الأسرة فى مصر القديمة احتفلت بعيد ميلاد أطفالها. *د.ب.أ