من طبع الإنسان العيش في سلام وسعادة والابتعاد عن كل شقاء وألم. والإنسان باستطاعته خلق سعادته بنفسه. ومن قدرته أيضا خلق جو بعيد عن كل مشادات وكل اعتداءات. فسعادة الإنسان هي بداخله إن أراد الوصول إليها واكتشافها أمكنه ذلك. فالسعادة هي شيء نفسي ولا علاقة له بالجسد. ولذلك من يبحث عنها في المال أو في السيارة أو في الفيلا فلن يجدها أبدا. والسعادة هي وليدة اللحظة التي أنت فيها. فإن أهملت هذه اللحظة وعشت خارجها في الماضي أو في المستقبل ضيعت سعادتك. فلك الساعة التي أنت فيها فعشها ولا تضيعها. عش اللحظة والآن. في حياتنا العادية، عندما نعود إلى الوراء، نجد أن ما نتأسف عليه كثيرا هو الشيء الذي لم نفعله وليس ذاك الذي فعلناه. لذلك فاللحظة التي أنت فيها هي لحظة لن تعود أبدا فعشها إذن حيث ما وجدتها حتى لا تتأسف عليها. لا تستخدم قوة عقلك في التفكير في أفعال الآخرين فهذا هدر لقوتك التي هي لك أنت وليست للآخرين. هي للتفكير في إنجاز أمورك أنت وليس في التفكير في الإجابة عن حل مشاكل أو إنجاز أمور أو أفعال الآخرين. ولهذا إذا كنت فعلا تريد أن تعيش حياتك وليس أن تعيش محاذيا لها فارفض الكثير من الأفعال والأعمال التي لا تؤدي إلى قيمة مضافة لحياتك. فارفض المكوث في المكان نفسه لمدة طويلة فهو يجعلك متقاعسا. وارفض أن تحكي أمراضك للآخرين فهذا يجعلهم يظنون أنك تستعطفهم فينغصون عليك حياتك. وارفض الكسل فهذا يغمسك في روتين يسقمك. ولتتحرر من الكسل اجعل لك جدولا زمنيا يوميا من الأفعال قيد نفسك على القيام بها. ارفض أن تتمنى ما عند الآخر فهو يتعسك وفكر في ما تملكه وكيف يمكنك التصرف فيه في اللحظة التي أنت فيها. تذكر ما لديك من نعم وانس مشاكلك وهمومك. ارفض الجلوس أمام التلفاز دون فائدة فإنه يرصع حزنك بما تلاحظه من حروب وظلم واعتداءات في حق أخيك الإنسان بلا شرع. افتكر في كل وقت أنك تريد أن تعيش الأيام التي هي عمرك وتغتنمها في الأفراح والمسرات وليس في القروح والمضرات. واعلم أن للسعادة مضادات تفسدها، فيروسات يجب أن تعرفها لتجد كيفية مقاومة الوباء الذي يمكنه أن ينخر سعادتك ويوعكها. تعلم أن الكراهية هي من مضادات السعادة وأن الحقد هو من مضاداتها وأن الاستهزاء بالآخر والاستخفاف بعقله هما أيضا من مضادات السعادة. فكلما ابتعدت عنك السعادة وكنت في ورطة بؤس تذكر هذا وابحث عن السبب الذي أبعدك عن سعادتك وأوقعك في الورطة التي أنت فيها. تجنبه في الحال قبل أن تتلف وتفسد عليك لحظتك السعيدة. لكي تعيش أيضا في سعادة كن بسيطا في كل شيء وافتكر دائما أنك مهما كنت قويا أو ضعيفا غنيا أم فقيرا أبيض أم أسود فأنت كالناس الآخرين فلا تظن أنك خيرا منهم ففيك ما فيهم من مكر ولؤم ولو كرهت ذلك. سافر كثيرا لكي تلتقي بأناس جدد وعاشر الطيب منهم واستفد منه. عش لحظتك في السفر وتمتع بها ولا تفكر في ما تركته وراءك من أعمال في مكتبك أو في منزلك ولا كيف يجب القيام به. فأنت حينها ستكون قد ضيعت اللحظة وعشت في الماضي. في سفرك أيضا لا تفكر في ما ستحكيه للآخرين عن أعمالك الباهرة والاكتشافات التي قمت بها. لا تفكر في هذا خلال سفرك فتمتع باللحظة والآن. ولا تفكر في ما ستقدمه لهم من هدايا فأنت تعيش سعادتك وما وجدته أمامك فهو لك. وإلا ستكون هنا قد عشت في المستقبل وضيعت اللحظة التي أنت فيها. اترك كل هذا وعش اللحظة والآن تكن سعيدا وتسعد من حولك من عائلتك. والله المستعان.